تكشفت خلال الأيام القليلة الماضية، ملامح خطة عسكرية وأمنية جديدة ينفذها تشكيل قبلي جديد يشرف عليه جهاز المخابرات العامة المصرية، وتهدف إلى طرد تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش"، من القرى القريبة من الحدود المصرية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، جنوب مدينة رفح.
يأتي ذلك في وقت تراجع فيه أداء "اتحاد قبائل سيناء" الذي يديره رجل الأعمال السيناوي، إبراهيم العرجاني، المقرب من محمود السيسي نجل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومن جهاز المخابرات الحربية بشكل عام.
التشكيل الجديد يقوده اثنان من أبرز مشايخ سيناء
دعم أمني مباشر لـ"اتحاد مجاهدي سيناء"
ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد" من أحد القائمين على التشكيل القبلي الجديد المسمى "اتحاد مجاهدي سيناء"، نسبةً للبدو الذين ساعدوا الجيش المصري في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي لسيناء في ستينيات القرن الماضي وسبعينياته، فإن هذا التشكيل يقوده اثنان من أبرز مشايخ سيناء.
الأول هو الشيخ سالم أبو انقيز، ابن الشيخ غيث أبو انقيز أحد أبرز المجاهدين البدو مع الجيش المصري في فترة الاحتلال، وهو من عشيرة النقيزات المتفرعة من قبيلة الترابين. أما الثاني، فهو الشيخ موسى المنيعي من عشيرة المنايعة المتفرعة من قبيلة السواركة، إحدى أبرز القبائل في سيناء.
وأشار المصدر إلى أن "الاتحاد الجديد، يحظى بدعم لوجيستي واستخباري مباشر من مسؤولين أمنيين متواجدين في مدينة الشيخ زويد حالياً".
سعي لطرد "داعش" من قرى على الحدود مع الأراضي المحتلة
وأكد المصدر نفسه، أن الاتحاد يسعى حالياً للسيطرة على مناطق تعتبر معاقل لتنظيم "داعش" ولم تتم السيطرة عليها منذ عام 2014، وهي الجورة والعجراء والكيلو 17 ونجع شيبانة والمهدية، وهي عبارة عن مجموعة قرى متسلسلة بجوار بعضها. علماً بأن التنظيم كان يقطع الطريق الواصل بين منطقة البرث بجنوب رفح باتجاه الجورة وجنوب الشيخ زويد.
ويجري حالياً، وفق المصدر، العمل على إنهاء وجود داعش بشكل كامل في تلك المنطقة، التي لم يتمكن "اتحاد قبائل سيناء" من السيطرة عليها طيلة السنوات الماضية لأسباب غير معلومة، في ظل امتلاكه قوة عسكرية ودعم مباشر من القوات المسلحة المصرية.
واللافت في الأمر أن "الاتحاد الجديد يعمل ميدانياً بشكل مباشر، من دون مشاركة من قوات الجيش المصري، كما جرت العادة في المداهمات التي كان يقوم بها اتحاد قبائل سيناء"، بحسب المصدر.
الاتحاد الجديد يحظى بدعم لوجيستي واستخباري مباشر من مسؤولين أمنيين متواجدين في مدينة الشيخ زويد
واطلعت "العربي الجديد" من مصادر في "اتحاد مجاهدي سيناء"، على صور تظهر قتل هذا الأخير لعدد من المواطنين بزعم أنهم عناصر في تنظيم "ولاية سيناء"، بالإضافة إلى أسر نساء بزعم أنهن زوجات مقاتلين في التنظيم، وكذلك عدد من الأطفال.
كما تظهر الصور العثور على أسلحة وسيارات ومخابئ تحت الأرض كان يستخدمها "ولاية سيناء" خلال تواجده في المنطقة طيلة السنوات الماضية، في مقابل تسجيل خسائر بشرية ومادية محدودة في صفوف عناصر "اتحاد مجاهدي سيناء"، وفق المصادر.
وكان "العربي الجديد" قد كشف في تقرير سابق، عن توالي الحديث عن استخدام اسم "اتحاد قبائل سيناء"، ومجموعات مكافحة الإرهاب بالتعاون مع الجيش المصري، في إنجاز أعمال خاصة بمتنفذين في الاتحاد، لا سيما في مناطق جنوبي رفح، حيث منطقة البرث، صاحبة السمعة السيئة نتيجة زراعة المخدرات فيها، والتهريب من الأراضي المحتلة وإليها عبر الحدود الملاصقة للمنطقة.
ودفعت هذه الأحاديث قيادات ميدانية في الجيش، للبحث عن بدائل لهؤلاء المتنفذين. وعليه، بدأ العمل على تشكيل مجموعات أخرى في مناطق رفح والشيخ زويد، لتقاتل إلى جانب الجيش، وتكون مأمورة بشكل مباشر منه أو من جهاز أمني غير المخابرات الحربية، ولا علاقة لها بالمتنفذين من قبيلة الترابين، والمقربين من العرجاني على وجه الخصوص.
عودة المواطنين لمناطقهم؟
وفي التعقيب على ذلك، قال باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد"، إن "النتائج التي أظهرها العمل العسكري الأخير جنوب رفح، تؤكد أن ثمة مخططا جديدا لمواجهة تنظيم داعش يجري تنفيذه على الأرض، من خلال تطهير القرى التي تعتبر معاقل للتنظيم منذ سنوات، ولم يجرؤ الجيش على اقتحامها، وكان يكتفي بقصفها من الجو أو بالمدفعية، في حين كان التنظيم يمارس حياته بشكل طبيعي داخلها".
واعتبر الباحث، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن "اتحاد مجاهدي سيناء يحظى باحترام وتقدير من الجهات المسؤولة عنه، إذ لم تُترك العناصر تقاتل من دون دعم لوجيستي ومعلوماتي مباشر من قبل الجهة التي تشرف عليها".
ولفت إلى "تواتر معلومات عن أن المخابرات العامة هي المشرفة بشكل حقيقي على هذا التشكيل المكوّن من أبناء مجاهدي سيناء، الذين يحظون باحترام أهالي سيناء، نسبةً لآبائهم الذين قاتلوا جيش الاحتلال الإسرائيلي ودعموا الجيش المصري بما حقق إنجازات ملموسة خلال فترة الاحتلال".
معلومات عن أن المخابرات العامة هي المشرفة بشكل حقيقي على هذا التشكيل
وأضاف الباحث أنه "في حال اكتمال عمل الخطة على الأرض، وإنهاء وجود داعش في المناطق سابقة الذكر، وهي لا تبعد سوى كيلومترات عن الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإننا سنكون أمام عودة المواطنين لهذه المناطق خلال الفترة القريبة المقبلة، كما حصل في قرى جنوب الشيخ زويد، وبالتالي عودة الحياة إليها، وإنهاء حقبة داعش فيها".
وتابع أن ذلك قد ينتج عنه "انتقال التنظيم إلى مناطق أخرى في وسط سيناء وغربها، حيث قرى بئر العبد، ومناطق قريبة من قناة السويس، فيما تبقى الأنظار متجهة نحو الاتحاد الجديد، ومدى قدرته على استكمال الخطة وإنهاء وجود داعش كلياً، والعمل كبديل عن اتحاد قبائل سيناء التابع للمخابرات الحربية، والذي يستغل غطاء مكافحة الإرهاب، لإنجاز أعمال ممنوعة ومحظورة، تحقق مكاسب مالية طائلة".