تواصل الجبهة الداخلية الإسرائيلية استعداداتها المكثّفة على مختلف المستويات لاحتمال تطور المواجهة الحالية مع "حزب الله" اللبناني إلى حرب شاملة، يتوقع الاحتلال أن تكون نتائجها وخيمة.
وقال مصدر خاص مطّلع على تفاصيل الاستعدادات لـ"العربي الجديد"، إن ثمة تخوفات إسرائيلية حقيقية وكبيرة جداً من إمكانية استهداف "حزب الله" البنية التحتية لشبكة الكهرباء والتسبب بانقطاع لساعات طويلة الأمر الذي قد يؤدي في مرحلة ما إلى انقطاع خدمات الإنترنت أيضاً وبالتالي صعوبة في الاتصالات، عدا عن تشكيل ذلك مخاطر كبيرة على حياة المرضى الذين يعتمدون على أجهزة التنفس الاصطناعي.
وعقدت الجبهة الداخلية في الآونة الأخيرة عدة جلسات مع رؤساء سلطات محلية وجهات ذات صلة بحالات الطوارئ، منها وزارة الصحة وسلطات محلية عربية في المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني، شددت خلالها على موضوع انقطاع الكهرباء، وكانت إحداها في بلدية الناصرة، بمشاركة عدة جهات من بينها رؤساء سلطات محلية عربية، ممن تقع بلداتهم على مسافة حتى 30 كيلومترا من الحدود مع لبنان.
وبحثت الجلسة التجهيزات اللازمة، لاحتمال انقطاع التيار الكهربائي على نحو واسع ولساعات طويلة، وكيفية التعامل مع المرضى الذين يعتمدون على التنفس الاصطناعي.
وأوضح المصدر الذي تحدّث لـ"العربي الجديد"، أن "التشديد على موضوع الكهرباء، يأتي على خلفية التقديرات الإسرائيلية، بأن "حزب الله"، سيستهدف البنية التحتية للكهرباء بصواريخ دقيقة. لكن الأمر لا يتوقف عند الكهرباء. هناك مخاوف من صواريخ بركان التي لديها قدرات تدمير كبيرة. ويبدو أن التعليمات العادية للتعامل مع حالات الطوارئ التي تسري على الصواريخ المعتادة من قبل حزب الله، قد لا تنفع في حالة بركان".
وتحدّث المجتمعون عن تحضير مسبق في كل بلدة، لأماكن يمكن تجميع عدد كبير من المرضى الذين يحتاجون إلى تنفس اصطناعي فيها، وتمرير أجهزة التنفس التي ستعمل من خلال مولدات عند انقطاع التيار الكهربائي بينهم. كما ناقش اللقاء سبل نقل هؤلاء المرضى إلى الأماكن التي سيتم تجميعهم فيها في حالة الطوارئ. وتباحث المجتمعون في النواقص في السلطات المحلية خاصة العربية، ووجود بلدات لا تملك المولّدات اللازمة.
ماذا لو استهدف "حزب الله" شبكة الكهرباء؟
قد يتطلب إصلاح التيار الكهربائي ما بين 3- 5 أيام في بعض الحالات، وفق التقديرات الإسرائيلية التي تحدّث عنها المصدر، مضيفاً أن "انقطاع التيار الكهربائي لفترة طويلة قد يسبب تشويشاً في الاتصالات، وبالتالي مشكلة في إيصال التعليمات للمواطنين. لذلك تمت بلورة حملات باتت جاهزة لحالات الطوارئ وأخرى يتم العمل عليها، لاستخدامها فقط في حال توسّع الحرب إلى حرب شاملة".
وقال المصدر: "تشدد الجلسات أيضاً على أهمية توفير آلية للتواصل بين السلطات المحلية والسكان في حال التشويش في الإنترنت وشبكة الاتصالات بسبب انقطاع التيار الكهربائي لفترة طويلة نسبياً أو تضرر الهوائيات الخليوية. تم العمل على تخصيص رزم تشمل تعليمات لكل بلدة، سيتم إرسالها عند الضرورة عبر رسائل قصيرة (إس إم إس)، ومع اعتماد أقل على الإنترنت، ذلك أن الشبكة قد تنهار في الهواتف المحمولة عندما يضعف الإرسال، قبل انهيار الخدمات الأخرى أو ضعفها، وبالتالي الفرصة تكون أكبر لاحتمال وصول الرسائل القصيرة إلى الهواتف".
وعلم "العربي الجديد" أيضاً من ذات المصدر المطّلع، أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية بالتعاون مع السلطات المحلية وجهات أخرى، تقوم بفحص إمكانية استقبال عائلات من الشمال، في مناطق الوسط في حال اشتعال الجبهة الشمالية، كما شرعت في إحصاء لعدد المباني والبيوت التي يمكن تأجيرها ونقل السكان إليها.
وحول ما أشارت إليه تقارير إسرائيلية سابقة أيضاً، قال المصدر إن الجبهة الداخلية محتارة بقضية الخروج بحملة توعوية مكثّفة في هذه الفترة للسكان بشأن تعليمات الحرب -رغم أن رسائلها جاهزة- خشية إثارة الهلع، أو أن يفهم "حزب الله" من ذلك بأن إسرائيل قررت توسيع حربها.
ورغم تصاعد القصف المتبادل في الأيام الأخيرة، والذي أدى إلى دمار وقتلى وجرحى، لا يزال الطرفان بالمجمل يلتزمان إطار الحدود التي رسماها للحرب الحالية.
وترغب إسرائيل على الأرجح، بتأجيل الحرب الواسعة مع "حزب الله" إلى ما بعد الانتهاء من حربها على قطاع غزة، في ظل النقص العددي بالجنود جراء الخسائر البشرية وإصابة الآلاف منهم، وصعوبة إدارتها حرباً مكثّفة على جبهتين.