كشف مسؤولان عراقيان في بغداد، اليوم الاثنين، أن نتائج التحقيق الأولية في محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، المنتظر إعلانها منذ مساء أمس الأحد، ستراعي الوضع السياسي المحتقن في البلاد ولن تكون هناك تسمية لأي جهة محددة خلال إعلان النتائج الأولية المرتقبة.
ويتولى فريق تحقيق مشترك من جهاز المخابرات العراقي والأمن الوطني ووكالة الاستخبارات التحقيق في الهجوم الذي استهدف منزل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي داخل المنطقة الخضراء بواسطة طائرات مسيرة مفخخة، وأسفر عن أضرار مادية في المكان.
وكان من المرجح أن تعلن السلطات العراقية، أمس الأحد، نتائج التحقيق خلال مؤتمر صحافي، بحسب ما أكدته تسريبات حكومية، وتقارير إعلامية عراقية نقلت عن مسؤولين أن نتائج التحقيق الأولية ستعلن للرأي العام خلال ساعات.
تفاصيل فنية
وقال مسؤول عراقي رفيع في العاصمة بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن نتائج التحقيق في محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي "ستراعي الوضع السياسي المحتقن في البلاد".
وأضاف أن النتائج الأولية ستكشف عن تفاصيل فنية تتعلق بمنطقة انطلاق الطائرات ونوعها وحمولتها المتفجرة وجوانب أخرى، من بينها أنها ستؤكد أن الهجوم لا يندرج ضمن الاعتداءات الإرهابية لتنظيم "داعش"، بل تقف خلفه جهة "مسلحة أخرى"، في تصويب ضمني على فصائل مسلحة نافذة في بغداد توصف عادة بأنها مدعومة من طهران.
وكشف عن أن التحقيق شمل عناصر أمن بينهم ضباط كانوا موجودين في مناطق انطلاق الطائرات المسيرة المفخخة إلى منزل رئيس الحكومة داخل المنطقة الخضراء.
في حين ذكر مصدر آخر، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "نتائج التحقيق الأولية غير مكتملة، وجرى الاتفاق على الكشف عن النتائج الأولية منها، لكن تم تأجيل ذلك لأسباب فنية". وتحدث عن وجود ما أسماه "حلقات مفقودة في التحقيق قد لا توصل إلى أدلة إدانة كاملة لأفراد محددين".
وحول الجهات التي تشارك بالتحقيق، أكد أن "فريق التحقيق والمتابعة لا يتضمن الحشد الشعبي، كما أنه من غير الدقيق الحديث عن مشاركة أميركية في التحقيق، إضافة إلى أن العراق لم يرد على عرض إيراني بشأن المساعدة في التحقيق لحساسية الموضوع".
أدلة دامغة
وكان المستشار السياسي للحكومة مشرق عباس قد أعلن، الجمعة الماضي، أن الأجهزة الأمنية باتت لديها أدلة دامغة حول مسألة استهداف منزل الكاظمي بهدف اغتياله.
وذكر عباس، في تغريدة على موقع "تويتر"، أنه "خلال أيام سيتم الكشف عن بعض الحقائق والأفلام والصور والأدلة عن عملية الاستهداف الغادرة التي نفذها الإرهابيون ضد الكاظمي".
وجاءت هذه التغريدة بعد الكشف عن قيام القوات العراقية باعتقال مدير مكافحة المتفجرات في وزارة الداخلية اللواء صباح حسن الشبلي، بسبب قيامه بتفجير إحدى المقذوفات "غير المنفلقة" التي وُجدت فوق منزل الكاظمي، وهو ما فُسر بأنه محاولة لتضليل لجنة التحقيق التي شُكّلت للتحري ومعرفة الجهة المنفذة عملية الاغتيال.
وأمس الأحد، استبق زعيم جماعة "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي الإعلان عن النتائج الخاصة بالتحقيق عبر التحذير من اتهام أي من الفصائل المسلحة بمحاولة الاغتيال، معتبراً أنها ستجر البلاد إلى فتنة أكبر.
وقال الخزعلي، في كلمة مسجلة له بثتها وسائل إعلام محلية عراقية أمس الأحد حول حادثة استهداف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، إن "محاولة اتهام فصائل المقاومة بها هي لعب بالنار ومحاولة لجر البلد إلى أزمة كبيرة".
وتابع الخزعلي "نوجه رسالة إلى اللجنة المكلفة بالتحقيق حول الحادثة المزعومة لاستهداف منزل الكاظمي. يجب أن تقدموا أدلة ملموسة وإثباتات حقيقية وليس ادعاءات وإعلام وفيسبوك، لأن الوضع لا يتحمل". وجدد تحذيره من انتقال العراق إلى "أسوأ من هذا الانسداد الحالي".
وتوجه أصابع الاتهام لجماعات مسلحة حليفة لإيران، أبرزها "عصائب أهل الحق" و"كتائب حزب الله" و"سيد الشهداء" و"النجباء"، بالوقوف وراء المحاولة التي نفذت بواسطة ثلاث طائرات مسيرة مفخخة، وهو ما نفته تلك الفصائل، في وقت سابق، عبر بيانات ومواقف رسمية صدرت عن قادتها وشكك بعضها بعملية محاولة الاغتيال واعتبرها مختلقة.
الكشف عن المكشوف
والأسبوع الماضي، طالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بما أسماه "الكشف عن المكشوف" في استهداف منزل رئيس الوزراء. وطالب الصدر، في بيان، بالكشف عن نتائج التحقيقات بشأن محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي، وذلك بعد نحو ثلاثة أسابيع على استهداف منزله، وسط بغداد.
وقال الصدر: "ما لا ينبغي التغاضي عنه هو هيبة الدولة، وما حدث من اعتداء على منزل رئيس الوزراء هو تعدّ واضح وصارخ على السيادة والهيبة، وفيه إثارة فتنة وزعزعة لأمن العراق"، مشيراً إلى أنه "صار لزاماً الكشف عن التحقيقات الخاصة في هذا الملف، وإلقاء القبض على الإرهابيين الذين قاموا بهذا العمل المشين وإنزال العقوبة المناسبة بهم". وأظهر الصدر أنه يعرف الذين نفذوا هذا العمل، مبيناً أنه في حال لم يتم الكشف عنهم، فإنه هو من سيتولى ذلك.
ونُفذ الهجوم بواسطة ثلاث طائرات مسيّرة محلية الصنع، استطاعت قوات الأمن إسقاط اثنتين منها عبر أسلحة متوسطة، بينما نفذت الثالثة إلى منزل الكاظمي، وهو مسكن كل من يتبوأ منصب رئاسة الحكومة منذ عدة سنوات، لقربه من مقر رئاسة الوزراء في الجانب الشرقي من المنطقة الخضراء، ويقع على بعد نحو 1500 متر فقط من السفارة الأميركية.