محاولة اغتيال الكاظمي... التحقيق مع 3 مشتبه بهم بتنفيذ هجمات بالمسيّرات

26 فبراير 2022
جرت محاولة اغتيال الكاظمي في نوفمبر الماضي (Getty)
+ الخط -

أكد مسؤولون عراقيون في بغداد استمرار التحقيقات المتعلقة بمحاولة اغتيال رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، في السابع من نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي، بواسطة طائرات مسيّرة استهدفت منزله في المنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد. 

وبرر المسؤولون عدم إصدار اللجنة الأمنية المكلفة التحقيق بالحادث أي تحديث على مجريات التحقيق منذ عدة أشهر، بعدم تسجيل أي تقدم كبير في التحقيق يمكن إطلاع الرأي العام عليه.

حساسية الملف نابعة من الجهات المتورطة في العملية

لكن سياسيين يشككون في أن الملف سيكون رهن المشهد السياسي المحتقن بالبلاد، ويمكن إعادة استيراده مرة أخرى للصدارة أو إغلاقه وفقاً لذلك، فيما يحذر تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، من تحول الملف إلى ما يسميه "ورقة ابتزاز سياسي لبعض الأطراف". 

توقيف 3 أشخاص "تورطوا" بهجمات للمسيرات

وأشار مسؤول عراقي في بغداد، مطلع على مجريات اللجنة التحقيقية الخاصة بالحادثة، لـ"العربي الجديد"، إلى وجود ثلاثة أشخاص من المشتبه بهم في التورط بشن هجمات بواسطة طائرات مسيرة بالفترة الماضية. 

وأوضح أن من بينهم "شخصا تم اعتقاله على حاجز تفتيش للاستخبارات قرب بلدة المسيب بمحافظة بابل قبل أكثر من شهر، وكان يستقل شاحنة صغيرة (بيك أب) وفيها طائرة مسيرة مُعدلة محلياً، وجهاز آيباد فيه خرائط وصور مختلفة لمواقع عراقية، بينها حساسة". 

وأشار إلى أنه "يجري التحقيق معه ومع الإثنين الآخرين، اللذين اعتقلا في بغداد بأوقات سابقة، بعلم مديرية أمن "الحشد الشعبي" وضمن مذكرات قضائية رسمية، بسبب أن الثلاثة ينتمون إلى فصائل مسلحة منضوية في هيئة الحشد الشعبي، ويفرض القانون أن يتم إبلاغ الحشد الشعبي بأي إجراء يتخذ بحقهم". 

لكنه أكد، في الوقت ذاته، أنه "لا يوجد ما يؤكد ارتباط الأشخاص الثلاثة بالهجوم على منزل الكاظمي، أو أنهم ينشطون في هجمات على مواقع تضم قوات أميركية".

ملف الهجوم على منزل الكاظمي لم يغلق

وشدد المسؤول على أن "الملف لم يُغلق، لكن يسير بصعوبة كبيرة، وحساسيته نابعة من الجهات المتورطة في العملية". وتحدث عما وصفه بـ"تشخيص ضعف استقلالية بعض الأجهزة الأمنية في بغداد، سهلت تنفيذ الهجوم وهجمات أخرى استهدفت المنطقة الخضراء ومطار بغداد الدولي". 

وبشأن المعطيات المتوفرة، قال إن "العمل ليس إرهابياً. أعضاء في فصيل مسلح وراء المحاولة، ونفذت بسهولة لوجود تراخيص لعبور السيارات والأشخاص عبر نقاط الأمن بدون تفتيش". 

ووصف "الموقف الإيراني بالمهم والمؤثر في دعم حكومة الكاظمي ورفض العملية، وحثه على محاسبة الجهات المتورطة، وهو ما أضعف موقف الفصائل المسلحة الحليفة لها ببغداد". 

وتوجه أصابع الاتهام لمليشيات مسلحة حليفة لإيران، أبرزها "عصائب أهل الحق"، و"كتائب حزب الله"، و"سيد الشهداء"، و"النجباء"، بالوقوف وراء المحاولة التي نفذت بواسطة ثلاث طائرات مسيرة مفخخة، أسفرت عن إصابة أحد حراس منزل الكاظمي وأضرار مادية في المكان. 

وجاءت محاولة الاغتيال الفاشلة بعد ساعات قليلة من تهديدات لزعيم مليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، على هامش حضوره مجلس عزاء لأحد قيادات فصيله المسلح كان قُتل خلال مواجهات قرب المنطقة الخضراء بين الأمن العراقي وأنصار القوى المعترضة على نتائج الانتخابات آنذاك. وتوعّد الخزعلي، وقتها، بلهجة حادة الكاظمي بالمحاسبة على سقوط متظاهرين من أنصاره.

وباستثناء مؤتمر صحافي واحد عقده مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، في بغداد نهاية نوفمبر الماضي، لم يوجه خلاله أي اتهامات لجهة أو طرف محدد، مكتفياً بعرض حيثيات الهجوم وما أسفر عنه، لم يصدر عن السلطات الأمنية، التي تتولى التحقيق عبر لجنة مشتركة من جهاز المخابرات والأمن الوطني ووكالة الاستخبارات، أي بيان بشأن الموضوع". 

مخاوف من تحول الملف لورقة ابتزاز

في المقابل قال علي الفتلاوي، القيادي في تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، لـ"العربي الجديد"، إن التحالف لديه ما وصفه بـ"مخاوف من تحول الملف إلى ورقة ابتزاز سياسي لبعض الأطراف".

وأضاف الفتلاوي أن "لجنة التحقيق بمحاولة اغتيال الكاظمي، مطالبة بإطلاع القوى السياسية، على الأقل، على ما توصلت له. من غير المعقول مرور نحو أربعة أشهر دون أن تعلن ما تم كشفه أو توصلت إليه. ونحن في تحالف الفتح ما زلنا على شكوكنا بهذا الموضوع (محاولة الاغتيال)". 


الفتلاوي: نتخوف من استغلال الملف للابتزاز السياسي
 

وتابع الفتلاوي: "لدينا مخاوف من استغلال الملف لأغراض الابتزاز السياسي، أو تسقيط بعض الأطراف. وإلا بماذا نفسر عدم إعلان الجهات المختصة أي شيء جديد حول التحقيق، خصوصاً أنها عرضت نتائج أولية للتحقيق، لكن هذه النتائج، لم تكشف أي شيء، بل زادت الموضوع شكوكاً". واعتبر أن "رفض الحكومة مشاركة الفصائل في التحقيق بالحادثة يزيد الشكوك بشأن مجرياتها".

في المقابل، اعتبر عضو البرلمان المستقل باسم الخشان أن عدم إعلان تفاصيل التحقيق بمحاولة اغتيال الكاظمي، "له علاقة بالوضع السياسي الحالي في العراق". 

وقال الخشان، لـ"العربي الجديد"، إن "إعلان تفاصيل التحقيق، وكشف المتورط بهذه العملية، ربما يكون بعد الانتهاء من عملية تشكيل الحكومة الجديدة، وإنهاء الأزمة السياسية التي بدأت تؤثر بشكل كبير على الوضع الأمني". 

وأضاف أن "الشكوك تتصاعد بسبب تأخر إعلان لجنة التحقيق لآخر المستجدات. وهي تعني إما تقصيراً في العمل أو تعرضها لضغوط وتهديدات لعدم كشف النتائج". 

لا يمكن تسويف القضية

وشدد على أن "هذه الحادثة ليست بسيطة، بل هي استهداف أعلى مسؤول في الدولة، ولا يمكن تسويف القضية، فهذا الأمر سيدفع إلى استمرار نهج التهديد والاغتيال ضد الشخصيات الحكومية أو السياسية". 

وأشار إلى أن "مجلس النواب قد يستضيف، خلال الأيام المقبلة، الشخصيات المسؤولة عن التحقيق في الحادث، لمعرفة آخر تطورات الملف. وربما جلسة الاستضافة تكون مغلقة لمنع تسرب المعلومات إلى وسائل الإعلام".

وحول الموضوع، قال سرمد البياتي، الخبير في الشأن الأمني، المقرب من الكاظمي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "التحقيق في محاولة اغتيال الكاظمي ما زال مفتوحاً، ولجنة التحقيق مستمرة في عملها. كما أن الكاظمي مصر على التوصل إلى الجهة التي تقف خلف محاولة اغتياله". 

واعتبر أن التحقيق "ليس بالأمر السهل، ويحتاج وقتاً طويلاً"، مستبعداً أن يكون تأخير إعلان النتائج له علاقة بالوضع السياسي الراهن، على اعتبار أن رئيس الحكومة ليس طرفاً بالأزمة السياسية الحالية.