محاكمة فيلسوف تونسي معارض بتهمة "ارتكاب فعل موحش ضد الرئيس"

21 نوفمبر 2022
يخضع العديد من المعارضين للتحقيق بموجب هذه التهمة (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -

مثل المعارض والفيلسوف التونسي أبو يعرب المرزوقي، اليوم الإثنين، أمام القضاء بتهمة ارتكاب فعل موحش ضد رئيس الدولة، وهي التهمة التي بموجبها يخضع العديد من المعارضين للتحقيق ويحالون إلى المحاكم.

وأكد المرزوقي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "وُجّهت 5 قضايا ضده، ولكنه لا يعرف الجهة التي اشتكت عليه بالتحديد، إذ إنها محاكمات سياسية على خلفية آرائه ومواقفه والتدوينات التي كتبها"، موضحاً أنه "طلب اليوم، برفقة محاميه، التأجيل وتحديد الجهة التي وجهت إليه الاتهامات وموضوع الشكوى، على الرغم من أن القاضية أرادت استجوابه"، مشيراً إلى أنه "تمسك بمعرفة فحوى القضايا وقال إنه ليس لديه ما يقوله، وجرى تأجيل الجلسة".

وأوضح أن "توجيه مثل هذه التهمة، أي أمر موحش ضد الرئيس، هو فقط لأنه لم تعد هناك حجج مقنعة تقدم من السلطة للرأي العام، وبالتالي يجرى توجيه هذه التهم"، لافتاً إلى أنه وُجه في البداية إلى أنظار المحكمة العسكرية وكان ذلك خلال شهر يونيو/حزيران، مبينا أنه "بعد البحث، رأت المحكمة أن القضية ليست من اختصاصها، فجرى توجيه الملف إلى المحكمة الابتدائية". وأضاف المتحدث أن "التهمة كانت واحدة، ثم تفرعت عنها 5 قضايا، وهي محاكمات سياسية على الأفكار".

بدوره، أكد الناشط السياسي سامي براهم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "محاكمة أبو يعرب المرزوقي ليست محاكمة عادية، فهو فيلسوف، ودرّس الفلسفة، واليوم تحوّل نقده السياسي لقيس سعيّد إلى فعل موحش ضد الرئيس"، مذكراً بأن "أبو يعرب كان من أوائل المعارضين لسعيّد، وتنبأ بما يحصل في تونس، وكان ينبه حتى قبل 25 يوليو/تموز 2021 من مثل هذا الوضع، وكانت له قراءة فكرية سياسية للوضع السائد".

وأضاف براهم أن "المرزوقي، بحكم مواكبته الأحداث، تنبأ بالحدث قبل وقوعه، وكانت لديه كتابات وتعابير تمتاز بنوع من الحدة، ولكنها لم تخرج عن دائرة التحليل السياسي"، لافتاً إلى أن "توصيف ما يحصل لم يكن تطاولاً، ولم يكن ثلباً، ولكن للأسف، اعتُبر النقد والتوصيف أمراً موحشاً ضد رئيس الجمهورية".

وأفاد بأن "هذا النقد أقلق رئيس الجمهورية وأزعج أنصاره، لأن النبرة قوية وبخلفيات تحليلية فلسفية، وليست مجرد خطاب سياسي عادي"، مشيراً إلى أن "رئيس الجمهورية بيّن في خطابه أخيراً، في جربة، أن حرية التعبير مشروطة بحرية التفكير وحسن التفكير، ويفهم من ذلك أن الذين يحاكمون على حرية التعبير لا يحسنون التفكير، أي أنه بالنسبة لقيس سعيّد، فإن أبو يعرب المرزوقي لا يحسن التفكير، رغم أنه مفكر وفيلسوف عربي، ويكتب بـ5 لغات ومترجم للعديد من اللغات. وبيّن أنه درس الفلسفة طيلة حياته، ودرس عن كبار الفلاسفة، ولكنه اليوم وبحسب سعيّد، لا يحسن التفكير".

وأوضح براهم أن "هذه المحاكمة تدل على أن تفكير أبو يعرب لا يُعدّ تفكيراً حراً، وهنا المفارقة الكبرى، لأن تواتر مثل هذه المحاكمات يكشف أن أصوات المعارضة أصبحت مقلقة للسلطة، وهناك رغبة في إحداث نوع من الضوابط لحرية التعبير من خلال هذه المحاكمات".

وأشار إلى أنه "على الرغم من الافتخار الكبير للسلطة بعدم تكميم أفواه المعارضة، إلا أنه تُوضع حدود لهم ولحرية التعبير"، مضيفاً أن "سعيّد يفتخر بتمكين معارضيه من الحق في التعبير، ولكنه في نفس الوقت، ومن خلال أغلب المحاكمات، يرسم حدوداً لهم".

وأبو يعرب المرزوقي فيلسوف عربي تونسي، من مواليد بنزرت سنة 1947، حائز على إجازة في الفلسفة من جامعة السوربون 1972، ودكتوراه دولة في الفلسفة العربية واليونانية 1991، وهو متخصص في الفلسفة العربية واليونانية والألمانية.

المساهمون