- "كتلة الإصلاح" بقيادة النائب ينال فريحات انسحبت من جلسة المناقشة، معتبرة أن القانون يفتقر إلى الجدوى بسبب 38 استثناء وضعتها الحكومة، مشيرة إلى عدم استجابة القانون لتطلعات الشعب الأردني.
- الاستثناءات الواسعة في القانون أثارت انتقادات على نطاق واسع، حيث رأى العديد أنه كان يجب أن يشمل جرائم تتعلق بحرية التعبير والرأي وقضايا أمن الدولة ذات الطابع السياسي، مما يعكس الحاجة إلى انفراجة عامة تتناسب مع الأوضاع الاقتصادية والسياسية.
خيّب إقرار مجلس النواب الأردني في جلسة تشريعية، اليوم الثلاثاء، مشروع قانون العفو العام كما ورد من الحكومة، آمال حقوقيين وسياسيين، بعد أن استثنى عشرات الجرائم، لا سيما تلك المتعلقة بالحريات والقضايا السياسية، والتي أغلبها تنظر فيها محاكم أمن الدولة المستثناة من العفو، إضافة إلى استثناء الجرائم المتعلقة بقانوني الجرائم الإلكترونية لعامي 2015 و2023.
تناقض بالمنطلقات في إقرار قانون العفو العام
وقال النائب عن "كتلة الإصلاح" ينال فريحات لـ"العربي الجديد" إن الكتلة قرّرت الانسحاب من جلسة مناقشة "مشروع قانون العفو العام"، بعدما أصرّ مجلس النواب الأردني على مناقشة المشروع وإقراره بالجلسة نفسها من دون إحالته إلى اللجان المختصة، ومع تحديد مداخلة النائب بدقيقتين فقط.
وأضاف أن "الكتلة رأت عدم وجود أي جدوى لاستمرار النقاش، في ظل وجود 38 استثناء وضعتها الحكومة في مشروع القانون"، لافتاً إلى أن القانون كان يحتاج إلى نقاش مستفيض لينسجم مع "تطلعات الشعب الأردني الذي استبشر خيراً بالتوجيه الملكي لإقرار قانون عفو عام، وكان من المهم إعطاء النواب فرصة لشرح مقترحاتهم، خصوصاً أنه لأول مرة في تاريخ الدولة الأردنية تكون كل هذه الاستثناءات في قانون عفو عام".
وأشار النائب عن "كتلة الإصلاح" إلى أن انسحاب الكتلة من الجلسة كان محقاً، لأنه لم يتم الأخذ باقتراحات أي نائب من أعضاء مجلس النواب الأردني وجرى إقرار القانون كما ورد من الحكومة، ورأى أن "المجلس أضاع فرصة لتحقيق رغبات وتطلعات الشعب الأردني، الذي فرح بالمبادرة الملكية بالتوجيه لإصدار عفو عام".
وأشار فريحات إلى وجود تناقض بالمنطلقات في إقرار القانون، فقد "جرى العفو عن مرتكبي جرائم السرقة والرشوة، فيما لم يتم شمول من قام بدعم المقاومة الفلسطينية والتعبير عن رأيه وانتقاد السلطات العامة، وفي ذلك تناقض كبير، وكان الأولى شمول قضايا الحريات وقضايا الرأي والتعبير في العفو، معتبراً أن الاستثناءات خيّبت الآمال"، وأضاف أن عدم شمول قضايا الحريات "يكشف عن نوايا لتكميم الأفواه والتي تم التعبير عنها بقوانين سابقة جرى إقرارها، وكذلك عدم شمولها بقانون العفو العام".
بدوره، قال نائب الأمين العام لحزب "المستقبل والحياة"، الدكتور عبد الفتاح الكيلاني، لـ"العربي الجديد"، إنه من المؤسف إقرار قانون العفو العام بهذه السرعة، من دون أن يعرض على اللجان المتخصصة في المجلس، لافتاً إلى أن ما قدمته الحكومة لم يكن ما يُقصد في التكليف الملكي.
وأشار إلى أن "الاستثناءات في القانون شملت الآلاف من الأشخاص، وهناك من يوجدون خلف القضبان بسبب آرائهم وممارستهم حق التعبير، لكن للأسف سيبقون بالسجون"، مشيراً إلى أن "سجناء الرأي ينظرون إلى أنفسهم كمظلومين، وهذا يعني أن أثر بقائهم في السجن عميق وصعب عليهم، لأنهم يعبرون عن آراء بعضها تنال إجماعاً شعبياً".
وأضاف الكيلاني "كنا نأمل أن تتم دراسة القانون بعناية ليشكل حالة انفراج عامة في ظل الأوضاع السياسية الداخلية والخارجة والأوضاع الاقتصادية، لكن إقرار القانون بهذا الشكل خيّب الآمال".
مجلس النواب الأردني "سلق القانون سلقاً"
وفي السياق، رأى مدير الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في الأردن، رامي عياصرة، في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن إقرار القانون بهذا الشكل السريع من دون تحويله إلى اللجنة القانونية في مجلس النواب الأردني وعدم إجراء أي تعديلات عليه "كان مخيباً للآمال في الأوساط السياسية والاجتماعية، بسبب التوسع في الاستثناءات، خصوصاً أن الكثير منها كان من الممكن أن يشملها قانون العفو العام لتشكيل حالة انفراج في المجتمع الأردني وحالة فرح قبيل العيد للكثير من الأسر الأردنية".
وأضاف عياصرة أنه "كان من المأمول أن يشمل العفو الجرائم التي تتعلق بقانوني الجرائم الإلكترونية وبعض قضايا أمن الدولة ذات الطابع السياسي والتي تتعلق بحرية التعبير والرأي، لكن جرى استثناؤها بالكامل، وهذا ينزع القيمة السياسية المضافة التي كان من الممكن أن يقدمها القانون في هذه المرحلة التي تسبق الانتخابات البرلمانية المقبلة".
أما الكاتب الصحافي زياد الرباعي، فقال لـ"العربي الجديد"، إن "مجلس النواب الأردني سلق القانون سلقاً، وصفة الاستعجال لا تعني إقرار القانون بجلسة واحدة"، وأشار إلى أن "التكليف الملكي للحكومة كان واضحاً، لكن الحكومة قدمت مشروع قانون وفق رؤيتها، وكان على مجلس النواب أن يشبع القانون دراسة وبحثاً ليشمل شرائح وفئات أوسع وجرائم أكثر، وعلى سبيل المثال الجرائم الإلكترونية، فهذا العفو جاء بعد قانون قاس يتضمن غرامات عالية، ولم يدرك المواطنون خطورته، فوقع الكثير منهم بحبائله، والمفروض شمول هذا القانون بالعفو".
واعتبر الرباعي أنه "كان من المفروض أن يحوّل المجلس القانون إلى لجنته القانونية لتقدم توصياتها، وليس إقراره بشكل مباشر، وخلال ساعتين لا أكثر". ولفت إلى أن المشكلة في الجرائم السياسية أنها تُربط عادة بمحاكم أمن الدولة وليس المحاكم المدنية، ولذلك جرى استثنائها، وكان من المفترض ان تكون الاستثناءات محدودة جداً".
استثناءات
ويعفي القانون إعفاءً عاماً جميع الجرائم الجنائية والجنحية والمخالفات والأفعال الجرمية التي وقعت قبل تاريخ 19 مارس/آذار 2024، وشُملت بالقانون بطريقة تزول فيها حالة الإجرام من أساسها وتسقط كل دعوى جزائية وعقوبة أصلية كانت أو فرعية تتعلق بأي من تلك الجرائم، باستثناء ما نص عليه مشروع القانون. وبموجب مشروع القانون سيفرج عن 7355 نزيلاً في "مراكز الإصلاح" (السجون) منهم 4688 بجنح مختلفة، و2667 من الجنح المرتبطة بالمخدرات، وفق الحكومة.
واستثنى مشروع قانون العفو العام، الذي أقره مجلس النواب الأردني بعد إحالته من الحكومة، العديد من الجرائم سواء بالنسبة للفاعل الأصلي أو الشريك أو المتدخل أو المحرض، وأبرزها الجرائم الواقعة على أمن الدولة والمنصوص عليها في المواد من 107 إلى 153 من القانون مثل: الجرائم والأفعال الواقعة تحت بند الخيانة، والجرائم الماسة بالقانون الدولي، والاتصال بالعدو لمقاصد غير مشروعة، والنيل من هيبة الدولة، ومن الشعور القومي.
كما استثنى الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والفتنة والإرهاب وتقويض نظام الحكم السياسي والجرائم التي تنال من الوحدة الوطنية والنيل من مكانة الدولة المالية، وجرائم جمعيات الأشرار والجمعيات غير المشروعة.
كذلك استثنى قانوني الجرائم الإلكترونية لسنتي 2015 و2023، والجرائم المرتكبة خلافاً لأحكام قانون الجرائم الإلكترونية لسنتي 2015 و2023 أو بدلالتهما، إضافة إلى جرائم تزوير أختام الدولة والعلامات الرسمية والمسكوكات والبنكنوت (أوراق النقد الأردني والمستندات المالية وأذونات الخزينة وسندات الدين التي تصدرها الدولة وبوليصة البنك الصادرة عن مصرف في الأردن وأوراق مالية نقدية قانونية في بلادها) المنصوص عليها في المواد من 236 إلى 255 من قانون العقوبات.
واستثنى القانون المقرّ، الجرائم المنصوص عليها في المادتين 415 و415 مكررة، وتشمل التهديد بفضح أمر أو إفشاء أخبار عنه من شأنها النيل من قدر شخص وشرفه وابتزاز لجلب منفعة غير مشروعة، وكذلك ابتزاز بادعاء حادث مروري، والتلويح بعنف أو تهديد باستخدام القوة أو العنف وتشمل استخدام حيوان أو سلاح أو آلة حادة أو عصا أو أي جسم صلب أو أداة كهربائية أو حارقة أو كاوية، وجرائم التجسس. إضافة إلى جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب المنصوص عليها في قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية.
وقال وزير العدل أحمد الزيادات، خلال جلسة مجلس النواب الأردني رداً على مداخلات نيابية، انتقدت كثرة الاستثناءات بالقانون، إن الحكومة التزمت بالتوجيهات الملكية بشأن مبادئ وضوابط قانون العفو العام.