رفض مجلس السيادة السوداني المشاركة في قمة جديدة لدول الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، بدعوى أن ليس هناك "ما يستوجب عقد قمة جديدة قبل تنفيذ مخرجات القمة السابقة"، في وقت أعلنت فيه قوات الدعم السريع الموافقة على المشاركة في القمة.
وقال مجلس السيادة السوداني، في نشرة صحافية اليوم السبت، إنه تلقى دعوة من "إيغاد" لحضور قمة الهيئة في أوغندا الشهر الحالي، لمناقشة مشكلة الصومال وما يدور في السودان.
وأوضح مجلس السيادة أن حكومة السودان ظلت تتعاطى بإيجابية مع كل المبادرات، وبشكل خاص جهود المنظمة في الوصول إلى سلام في السودان "إلا أن (إيغاد) لم تلتزم بتنفيذ مخرجات القمة الأخيرة في جيبوتي بلقاء رئيس مجلس السيادة وقائد التمرد محمد حمدان دقلو، ولم تقدم تبريراً مقنعاً لإلغاء اللقاء"، الذي دعت إليه في 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بحجة أن "قائد التمرد لم يتمكن من الحضور لأسباب فنية في الوقت الذي كان يقوم فيه بجولة على عدد من دول (إيغاد) في ذات التاريخ".
ومنذ الأسابيع الأولى للحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تدخلت "إيغاد" للتوسط بين الطرفين لإنهاء القتال، والعودة إلى طاولة التفاوض، والشروع في عملية سياسية لمعالجة الأزمة السودانية. وتبذل المنظمة جهودها بالتوازي مع جهود أخرى تقودها الولايات المتحدة والسعودية، عبر منبر تفاوضي منفصل في مدينة جدة السعودية.
وذكر بيان مجلس السيادة السوداني أن حكومة السودان ترى أن ما يدور في السودان هو شأن داخلي، وأن استجابتها للمبادرات الإقليمية "لا تعني التخلي عن حقها السيادي في حل مشكلة السودان بواسطة السودانيين".
وفي السياق، أبلغت وزارة الخارجية السودانية المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة رفض السودان اتصال الأمين العام للمنظمة الأممية أنطونيو غوتيريس، هاتفياً، بمن وصفته "قائد التمرد" محمد حمدان دقلو.
ونسبت وكالة السودان للأنباء إلى وزير الخارجية السوداني علي الصادق قوله، في تصريح صحافي عقب استقباله المبعوث الأممي في بورتسودان، "أبلغنا المبعوث بأنّ الاتصال قد سبب غضباً ورفضاً كبيراً في الشارع السوداني.. نرفض هذا الاتصال مع زعيم حركة قامت بارتكاب انتهاكات فظيعة أدانتها بعض مؤسسات الأمم المتحدة، وغالبية المجتمع الدولي".
وأوضح الصادق أن مثل ذلك الاتصال يعطي "التمرد شرعية يفتقر إليها"، ويحقق أهدافه في الحصول على "دعاية إعلامية".
في المقابل، أعلن قائد قوات الدعم السريع السودانية محمد حمدان دقلو (حميدتي) الموافقة على المشاركة في قمة منظمة "إيغاد"، وقال في بيان عبر الحساب الرسمي للدعم السريع على منصة "إكس": "اتساقاً مع موقفنا الثابت الداعم للحل السلمي الشامل، الذي ينهي مرة واحدة وللأبد الحروب في السودان عامةً، وحرب الخامس عشر من إبريل خاصةً، أكدتُ اليوم قبولي دعوة الحضور والمشاركة في الدورة".
وأضاف: "إننا في قوات الدعم السريع نجدد التزامنا بوضع حدٍ لمعاناة السودانيين الناجمة عن هذه الحرب والحروب الأخرى، الدائرة منذ سنوات بأطراف السودان، لينعم كل السودانيين بالسلام الدائم حقاً، والأمن والاستقرار، والتنمية والعدالة والحرية والديمقراطية، والمساهمة في حفظ وصون الأمن والسلم في الإقليم والعالم".
تلقيتُ دعوةً من سكرتارية المنظمة الحكومية للتنمية (إيقاد) للحضور والمشاركة في الدورة الاستثنائية الثانية والأربعين لمجلس رؤساء وحكومات دول الإيقاد في الثامن عشر من يناير الجاري بمدينة عنتبي بيوغندا.
— Mohamed Hamdan Daglo (@GeneralDagllo) January 13, 2024
اتساقاً مع موقفنا الثابت الداعم للحل السلمي الشامل، الذي ينهي مرة واحدة وللأبد…
وفي تعليق لـ"العربي الجديد"، قال صالح عمار، القيادي بتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، إن بيان مجلس السيادة تُفهم منه مقاطعة قمة "إيغاد" المقبلة، ما عده "تطورا خطيرا ومخيفا قد يغلق الباب أمام القليل من الأمل الذي يعيش عليه الشعب السوداني نحو السلام"، مشيرا إلى أن رفض البرهان المشاركة في القمة "ومقابلة قائد الدعم السريع تعني أن الخيار سيكون تجدد القتال بصورة أوسع، وفي هذه الحالة، سيعرض البرهان نفسه والشعب السوداني لخطر التواطؤ الاقليمي والدولي لأي هجوم يشنه الدعم السريع على المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة، والنتيجة سفك المزيد من دماء السودانيين الأبرياء، وتدمير مدخراتهم وثرواتهم".
وبين عمار أن لغة البيان والنتيجة الصادرة منه "لا تشبهان الجيوش المحترفة، بل هي ترسيخ لواقع اختطاف عناصر النظام البائد لقرار القوات المسلحة واسترجاع ذهنية سنوات التسعينيات البائسة، وهي طريقة التفكير التي دفع ثمنها السودانيون غاليا بتقسيم السودان إلى دولتين وسيؤدي التمسك بها هذه المرة إلى تقسيمه لعدد آخر من الدويلات الفاشلة"، حسب قوله.
إلى ذلك، تتواصل المعارك الضارية بين الجيش والدعم في مناطق متفرقة بالعاصمة الخرطوم، وشن طيران الجيش غارات على عدد من مراكز الدعم في العاصمة، كما تشهد الحدود بين ولايتي الجزيرة (وسط) والقضارف (شرق) معارك أخرى في سياق محاولات الدعم التقدم للسيطرة على ولاية القضارف على الحدود الشرقية، ونشر وسائط التواصل الإجتماعي، أمس الجمعة، مقاطع فيديو تظهر تلك المعارك، وما قيل أنه استسلام أفراد من الدعم السريع للجيش.
وأمس، أعلنت هيئة محامي الطوارئ (مستقلة)، في بيان، أن 10 مدنيين قتلوا في قصف لطيران الجيش في منطقة سوبا، جنوب شرقي الخرطوم.