مجلس الأمن يناقش قضية الصحراء وسط تصاعد النزاع بين المغرب والجزائر

04 أكتوبر 2022
دي ميستورا التقى بزعيم "بوليساريو" إبراهيم غالي في تندوف في 4 سبتمبر 2022 (فرانس برس)
+ الخط -

يعقد مجلس الأمن الدولي أربع جلسات لمناقشة تطورات ملف الصحراء، خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، في ظل مؤشرات استمرار الانسداد الحاصل منذ استقالة المبعوث الشخصي السابق هورست كوهلر في عام 2019، وسيادة أجواء التوتر والتصعيد بين المغرب من جهة، والجزائر و"بوليساريو" من جهة أخرى.

وبحسب برنامج عمل وأجندة جلسات مجلس الأمن الدولي، لشهر أكتوبر/ تشرين الأول 2022، فإن ملف الصحراء ستتم مناقشته والتشاور بشأنه، لاسيما تجديد مدة ولاية بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء (مينورسو)، من خلال جلسات عمل ولقاءات تنعقد أيام 3 و10 و17 و27، من الشهر الحالي.

وخلال جلسات مجلس الأمن التي ستنعقد تحت رئاسة دولة الغابون، في إطار الرئاسة الدورية للمجلس، ينتظر أن يستمع الأعضاء إلى إحاطة حول ملف الصحراء، يقدمها الممثل الخاص للأمم المتحدة في الصحراء، ألكسندر إيفانكو، والمبعوث الشخصي للأمين العام ستيفان دي ميستورا، بالإضافة إلى إمكانية تمديد مهمة "مينورسو"، التي تنتهي في 31 أكتوبر الحالي.

وبينما تسود أجواء التوتر في المنطقة التي تجعل كل الخيارات غير مستبعدة في ظل الخلاف المغربي الجزائري المزمن، ينتظر أن يطلع دي ميستورا، من خلال تقريره، أعضاء مجلس الأمن على نتائج جولته الثانية التي قادته، في يوليو/ حزيران الماضي، إلى المغرب، وإلى الجزائر ومخيمات تندوف هناك، في سبتمبر/ أيلول الماضي، قبل أن يختم جولته من نواكشوط.

وبحسب مراقبين، فإن من شأن تقرير دي ميستورا أن يكشف نتائج مسعاه في جس نبض أطراف النزاع بعد سنة على تعيينه، والسعي للتحضير للقاءات المستقبلية، ومحاولة تجاوز الانسداد الحاصل منذ استقالة كوهلر في عام 2019، الذي كان قد نجح في جمع المغرب والجزائر وموريتانيا و"بوليساريو" على طاولة مفاوضات سويسرا، في ديسمبر/كانون الأول 2018، وفي مارس/آذار 2019.

وكان خطاب رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الشهر الماضي، قد تحول إلى اشتباك لفظي بين الوفدين المغربي والجزائري، بعد أن اتهم وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة المغرب باستغلال آلية "الموائد المستديرة"، من أجل "الالتفاف على الشرعية الدولية، وتحويل طبيعة النزاع من قضية تصفية الاستعمار إلى نزاع ثنائي، ما جعل هذه الآلية غير فعالة وغير مجدية". 

وأثار الاتهام الجزائري رد فعل غاضبا من الوفد المغربي، الذي سارع إلى طلب استخدام حق الرد، متهما الجزائر بأنها "تسخر، مرة أخرى، منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل ترويج أكاذيب حول قضية الصحراء المغربية".

ودعا المغرب الجزائر إلى العودة إلى مكانها ضمن الموائد المستديرة، كما فعلت خلال الاجتماعين السابقين، مؤكدا أن مسلسل الموائد المستديرة يرتقب أن يستمر مع المشاركين ذاتهم ووفق الصيغة ذاتها، وذلك، إلى حين التوصل إلى حل وفقا للقرار رقم 2602.

وبينما تراهن الأمم المتحدة على خبرة دي ميستورا في تحريك المياه الراكدة وتجاوز الانسداد الحاصل في قضية مزمنة، تواجه مساعي  الدبلوماسي الإيطالي، في هذا الصدد، مطب إقناع الأطراف، خاصة الجزائر، التي كانت قد أعلنت رفضها لاستئناف عقد "الموائد المستديرة"، وطالبت بمفاوضات مباشرة من دون شروط بين المغرب و"بوليساريو" فقط، في حين تعتبر الرباط جارتها الشرقية معنية بالنزاع بشكل مباشر.

ويظل التحدي الذي يواجه دي ميستورا ومن ورائه مجلس الأمن هو بحث كيفية دفع جميع الأطراف إلى طاولة المفاوضات لـ"تحقيق حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين".

يرى رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية نبيل الأندلوسي أنه من الصعب عودة أطراف النزاع في الظروف الحالية إلى الموائد المستديرة، بسبب رفض الجزائر لهذه الآلية الأممية، والتي يتمسك بها المغرب.

وأوضح الأندلوسي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن" مهمة الوسيط الأممي، سواء دي ميستورا أو غيره، لم ولن تتجاوز سقف تدبير الأزمة وتلطيف الأجواء والقيام بجولات لتوثيق مواقف أطراف هذا النزاع المفتعل حول الصحراء، وليس حل الإشكال، على اعتبار أن الطرف الجزائري، كطرف رئيسي في معادلة الصراع، لا يتبنى الوضوح الكافي ويدفع "بوليساريو" إلى التصعيد، وعرقلة أي حل سياسي وواقعي وعملي ودائم، ومتوافق في هذا النزاع المفتعل".

ويتابع: "مقابل التعنت الجزائري، نجد الإصرار واليقين المغربي في دفاعه عن هذه القضية الوطنية وذات الأولوية لدى المغرب الرسمي والشعبي، على حد سواء،  فقضية الصحراء هي القضية الوطنية الأولى التي تحظى بالإجماع لدى جميع المغاربة باختلاف انتماءاتهم وقناعاتهم، وهي قضية وجود لا حدود".

ويلفت إلى أن العاهل المغربي الملك محمد السادس سبق وأكد، في الذكرى 46 للمسيرة الخضراء، بأن المغرب "لايتفاوض على صحرائه"، وأن "مغربية الصحراء لم تكن يوما، ولن تكون أبدا مطروحة فوق طاولة المفاوضات"، مع التأكيد على التمسك بالمسار السياسي الأممي، والالتزام بالخيار السلمي، وبوقف إطلاق النار، ومواصلة التنسيق والتعاون مع البعثة الأممية، لكن دون المساس بمغربية الصحراء.

وبحسب بيان للخارجية الجزائرية، صدر عقب لقاء رمطان لعمامرة ودي ميستورا في 5 سبتمبر/أيلول الماضي، بحث الجانبان آفاق تعزيز الجهود الأممية لاستئناف المفاوضات المباشرة بين طرفي النزاع "بهدف التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين، يضمن تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه غير القابل للتصرف أو التقادم في تقرير مصيره".

وكانت الجزائر قد أعلنت، في فبراير/شباط الماضي، عن تطوير موقفها بشأن رفضها المشاركة في أية موائد مستديرة تنظم في المستقبل حول النزاع في الصحراء، وبرر مسؤولوها ذلك بأن الجزائر، مثل موريتانيا، يحوز كلاهما صفة بلدين (جارين) ملاحظين حسب منظمة الأمم المتحدة، ومشاركة الجزائر في "الموائد المستديرة"، لم تعد مطروحة بعد توظيفها من قبل المغرب لتقديم الجزائر طرفا في النزاع،  بينما تحدد جميع قرارات مجلس الأمن بالاسم وصراحة طرفي النزاع: المغرب وجبهة بوليساريو.

 

المساهمون