تمكن مجلس الأمن الدولي من تبني مشروع قرار يجدد لتمديد المساعدات الإنسانية لسورية عبر الآلية العابرة للحدود لستة أشهر، من خلال معبر باب الهوى، أي حتى العاشر من يناير/ كانون الثاني لعام 2022، قابلة للتجديد لستة أشهر بشكل فوري، بعد تقرير يقدمه الأمين العام للأمم المتحدة حول الموضوع.
ومن الناحية المبدئية، فإنّ التمديد هو لسنة، حيث لن تحتاج الستة أشهر التالية لتصويت، ولكن ستعتمد على توصيات الأمين العام للأمم المتحدة وتقريره، وهذا ما أكده كل من ممثلي الولايات المتحدة والنرويج وأيرلندا، الدول التي صاغت المسودة الأخيرة التي جرى التصويت عليها.
وهذه صيغة توافقية جرى التوصل إليها بين الولايات المتحدة وروسيا بعد سحب مشروعَي قرار آخرين وُضعا للتصويت باللون الأزرق، ليل الخميس. الأول كان مشروعاً نرويجياً/ أيرلندياً يجدد للآلية لسنة عبر معبر باب الهوى مع تركيا. وكانت روسيا قد قدمت مشروع قرار خاصاً بها يمدد لتقديم تلك المساعدات، ولكن لستة أشهر فقط، ويطالب بتغييرات في عمل الآلية ومراقبة أوسع عليها.
وكان واضحاً أنّ روسيا والصين ستستخدمان مجدداً حق النقض ضد المشروع النرويجي الأيرلندي بصيغته هذه، وتوقع عدم حصول المشروع الروسي على الأغلبية المطلوبة.
وتمكن المجلس من تبني القرار الجديد بتأييد جميع الدول الأعضاء، وهذه هي المرة الأولى منذ ثلاث سنوات التي تصوت فيها روسيا والصين لمصلحة قرارات تمديد الآلية العابرة للحدود، حيث امتنعتا عن التصويت في القرارات التي جرى تبنيها حول الموضوع.
وبعد التصويت على القرار، قالت السفيرة الأميركية، ليندا توماس – غرينفيلد، في تصريحات: "يمكن ملايينَ السوريين تنفسُ الصعداء، إذ يدركون أن تقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود سيستمر للسنة المقبلة. هذا الاتفاق الذي توصلنا إليه سينقذ الأرواح ويسمح بتدفق المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية".
وأضافت: "إنها لحظة مهمة حيث تمكنت روسيا والولايات المتحدة من التوصل إلى اتفاق حول مبادرة إنسانية تدعم مصالح السوريين. وهذه لحظة مهمة لمجلس الأمن والأمم المتحدة أظهرنا فيها أنه يمكننا أن نفعل ما هو أكثر من مجرد الحديث. يمكن أن نعمل معاً، وأن نجد حلولاً لأمور عالقة وصعبة".
وشددت السفيرة الأميركية على أن تبني القرار يؤمن تقديم المساعدات للمدنيين في سورية، وقالت: "القرار الذي جرى تبنيه اليوم لن يسدّ جميع الاحتياجات على الأرض، ولكن يقدم مساعدات ضرورية، وسنوسّع طرق المساعدات".
"اتفاق تاريخي"
ومن جهته، قال السفير الروسي للأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، إنّ "المجلس تمكن من التوصل إلى نقطة تقارب مهمة بشأن موضوع صعب، هي آلية إيصال المساعدات العابرة للحدود. ونعبّر عن امتناننا لجميع أعضاء المجلس، وممتنون لزملائنا الأميركيين الذين سعوا لتحقيق روح الوفاق كما كان الأمر في قمة جنيف بين الرئيسين (فلاديمير) بوتين و(وجو) بايدن. إن نص القرار الذي اعتُمد، خطوة مهمة في طريق حل الأزمة السورية وتجاوز تداعياتها".
وأضاف: "في هذا القرار نجد للمرة الأولى إلحاحاً على كيفية تحسين إيصال المساعدات عبر خطوط التماس. وهذا ينسجم مع مبادئ إيصال المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة".
وأوضح نيبينزيا أنّ "أعضاء المجلس متحدون بشأن الفكرة القائلة إنّ المساعدات الإنسانية يجب أن تستجيب للاحتياجات العاجلة، ولا سيما الصحة والمياه والأغذية والأدوية، ولذلك منحوا الضوء الأخضر لكي يتم الاستمرار بالآلية عبر الحدود وتبديلها بآلية المساعدة عبر خطوط المواجهة (التماس).
وشرح في هذا السياق، قائلاً: "سنتابع العملية في الأشهر الستة المقبلة، ويطلب من الأمين العام أن يقدم تقريراً مفصلاً عن عمل كيفية عمل معبر باب الهوى مع التركيز على شفافية العمليات وإجراءات إيصال المساعدات عبر خطوط التماس، وسيقدم الأمين العام بانتظام تقارير بشأن تطور الأوضاع في ما يخص تحسين ترتيبات المساعدات الإنسانية وتفعيل مشاريع تعافي وإنعاش".
ووصف السفير الروسي الاتفاق بـ"التاريخي" منذ سنوات، حيث قدم البلدان، روسيا والولايات المتحدة، نصاً مشتركاً، وعبّر عن أمله في أن تكون هذه "نقطة تحوّل" بين البلدين.
ومن اللافت للانتباه أنّ المشاورات المكثفة جرت حتى اللحظة الأخيرة قبل التصويت، حيث عقد عدد من الاجتماعات بين الدول الأعضاء في المجلس وأخرى بين الدول الخمس دائمة العضوية، هي الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها التجديد بالاجتماع منذ ثلاثة سنوات حيث كانت هذه الآلية محل خلاف عميق.