يعقد مجلس الأمن الدولي في نيويورك، مساء اليوم الجمعة، جلسة مشاورات طارئة ومغلقة حول التطورات الأخيرة في مدينة ومخيم جنين شمالي الضفة الغربية، بعد استشهاد 11 فلسطينياً وجرح العشرات على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وتأتي الجلسة بطلب من الجانب الفلسطيني، الذي قدمه رسمياً من خلال دولة الإمارات، الدولة العربية العضوة في مجلس الأمن، وانضم إلى الطلب كل من الصين وفرنسا.
وهذه هي الجلسة الثالثة التي يعقدها المجلس، خلال الشهر الحالي، لنقاش الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث عُقدت بداية الشهر جلسة طارئة مفتوحة عقب اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي وزعيم اليمين المتطرف إيتمار بن غفير المسجد الأقصى، بالإضافة إلى مناقشته الشهرية حول الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الأسبوع الماضي.
وسيقدم مبعوث الأمين العام لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، خلال جلسة المشاورات الطارئة والمغلقة، إحاطته وقراءته للتطورات في جنين والتطورات التي تبعتها. ومن المتوقع أن تحاول الدول الأعضاء الحصول على معلومات حول جهود الأمم المتحدة وممثلها في القدس المحتلة، لخفض التصعيد والتهدئة وتجنب التصعيد في غزة.
وكان وينسلاند قد أصدر بياناً، أمس الخميس، عبّر فيه عن "قلقه البالغ والحزن بشأن استمرار دائرة العنف في الضفة الغربية". ومن المستبعد أن يصدر عن جلسة اليوم أي بيان مشترك للمجلس.
إلى ذلك، دان عدد من خبراء الأمم المتحدة (مقررون خاصون) الهجمات الإسرائيلية المتجددة على مخيم جنين، وحثوا المجتمع الدولي على الرد دون تأخير لوقف العنف وضمان المساءلة، وجاء ذلك في بيان صادر عنهم. ومن ضمن الموقعين عليه المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، فرانشيسكا ألبانيز، والمقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو الإعدام التعسفي، موريس تيدبال بينز.
وقال الخبراء الأمميون في بيانهم: "نستنكر بشدة الهجوم العنيف الأخير للجيش الإسرائيلي على مخيم جنين وقتل وجرح فلسطينيين يوم الخميس. إنه يُظهر مساراً خطيراً للعنف في الضفة الغربية المحتلة، واستمرار الاتجاه التصاعدي المقلق الذي شهده عام 2022"، ولفتوا الانتباه إلى أن هذا العنف ما كان ليحدث "لو قامت إسرائيل بإنهاء احتلالها غير القانوني الذي دام نصف قرن ودون قيد أو شرط كما يقتضي القانون الدولي".
ولاحظ خبراء الأمم المتحدة أنّ هذا هو أكبر عدد من الشهداء في عملية واحدة في الضفة الغربية منذ عام 2005، كما أنّ قوات الاحتلال قتلت حتى الآن 28 فلسطينياً، كما قتل المستوطنون فلسطينيين آخرين، مما يرفع معدل عدد الشهداء إلى أكثر من فلسطيني يومياً منذ بداية العام.
ونبهوا إلى أنّ "المجتمع الدولي يجب ألا يتسامح مع ما يبدو أنه يعكس سياسة إسرائيل المتعمدة وممارساتها المتمثلة في استخدام القوة المميتة دون مراعاة للقيود التي وضعها القانون الدولي"، كما لفتوا الانتباه إلى استمرار الإفلات من العقاب عند قتل الفلسطينيين، وأعربوا عن استيائهم من أنّ عام 2022 كان أكثر الأعوام دموية في الضفة الغربية المحتلة منذ أكثر من عشر سنوات، حيث قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 152 فلسطينياً.
وذكّر المقررون الأمميون مجدداً بأنه ما دامت إسرائيل هي "السلطة القائمة بالاحتلال، فعليها الالتزام بضمان حماية وأمن ورفاهية الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت احتلالها" بحسب القانون الدولي، إلا أنّ ما يحدث على أرض الواقع هو العكس تماماً، بحسب ما ذكره المقررون، إذ يتم "تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم وشيطنتهم، وتنفيذ سياسات العقاب الجماعي عليهم، وهذه الأخيرة محظورة على وجه التحديد بموجب القانون الإنساني الدولي وتشكّل جريمة حرب".
وأضاف خبراء الأمم المتحدة: "إننا نحث المجتمع الدولي على الرد دون تأخير واتخاذ الإجراءات على النحو الموصى به في القانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة (...) يظل هذا هو المسار الوحيد الممكن للعمل لإنهاء العنف المستمر والانتهاكات والإفلات من العقاب، والبدء في تمهيد الطريق لمستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين".
يشار إلى أنّ المقررين الخاصين يتم تعيينهم من قبل مجلس حقوق الإنسان، وهم مستقلون ويقدمون تقاريرهم للأمم المتحدة، ولكنهم لا يتحدثون باسمها بشكل رسمي، كما أنهم مستقلون عن أي حكومة أو منظمة.
الجزائر تدين "بشدة" جريمة الاحتلال في جنين
وأكد بيان للخارجية الجزائرية، أنّ الجزائر "تدين بشدة المجزرة الدموية التي ارتكبها جيش الاحتلال الصهيوني في مخيم جنين بالأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي خلفت عشرات الشهداء والجرحى"، ودعت المجتمع الدولي إلى "التدخل العاجل ضد المسؤولين عن هذه الجريمة النكراء، وسلسلة الاعتداءات المتكررة والشنيعة بحق الشعب الفلسطيني".
واعتبرت الخارجية الجزائرية أنّ "هذا التصعيد الذي يوصف بالعنيف من قبل الاحتلال الصهيوني ضد المدنيين الفلسطينيين العزل، يؤكد على ضرورة مواصلة الجهود بشكل عاجل لإعادة توحيد الصف الفلسطيني بشكل فعال، وتعزيز الصمود لضمان الحماية للشعب الفلسطيني، وتكريس حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس".
كما وجددت الجزائر دعمها الراسخ للقضية الفلسطينية العادلة وتضامنها الدائم مع الشعب الفلسطيني، مذكرة بمطالبها بـ"توفير الحماية الدولية من قبل مجلس الأمن الدولي للشعب الفلسطيني، ووضع حد لحالة اللامبالاة الدولية التي ساهمت إلى حد كبير في إمعان سلطة الاحتلال في جرائمها، وتحديها السافر لكافة القوانين والشرائع الدولية".