تعهّد المتمردون الذين يشنّون هجوماً على النظام التشادي منذ تسعة أيام، بعد مقتل الرئيس إدريس ديبي إتنو متأثراً بجروح أصيب بها على خط الجبهة في المعركة الدائرة بين الجانبين، الوصول إلى العاصمة نجامينا، ورفضوا "رفضاً قاطعاً" المجلس العسكري المعين.
كما نددت أحزاب المعارضة الرئيسية في تشاد، الأربعاء، بـ"انقلاب مؤسساتي" غداة تولي محمد إدريس ديبي السلطة في البلاد بعد وفاة والده الرئيس إدريس ديبي.
ودعا 30 حزبا سياسيا في المعارضة إلى "مرحلة انتقالية يقودها مدنيون (...) عبر حوار شامل"، بعدما تولى محمد إدريس ديبي "مهام رئيس الجمهورية" على رأس مجلس عسكري انتقالي تشكل بعد وفاة والده.
وكانت وفاة ديبي، الذي حكم طيلة 30 عاماً، وكان أحد الشركاء الأساسيين للدول الغربية في مواجهة الجهاديين في منطقة الساحل، قد أعلنت، أمس الثلاثاء، متأثراً بجروح أصيب بها على خط الجبهة في معارك ضد المتمردين، في حين خلفه نجله على رأس مجلس عسكري. وحلّ مجلس عسكري انتقالي برئاسة الجنرال محمد إدريس ديبي (37 عاماً)، الذي كان ولا يزال حتى الآن قائداً للحرس الجمهوري النافذ، الحكومة والجمعية الوطنية، متعهداً بتشكيل مؤسسات جديدة بعد انتخابات "حرة وديمقراطية" تجرى بعد سنة ونصف السنة.
وأعلن محمد إدريس ديبي أنه "يتولى مهام رئيس جمهورية" تشاد، حسب ميثاق انتقالي نُشر اليوم الأربعاء على الموقع الإلكتروني للرئاسة. ومحمد إدريس ديبي (37 عاماً)، هو أيضاً "القائد الأعلى للقوات المسلّحة".
وعيّن ديبي الابن، بموجب مرسوم وقّعه بنفسه، 14 جنرالاً، إضافة إليه، أعضاء في المجلس الانتقالي اختارهم من الحلقة المقربة من الرئيس الراحل.
وقال الناطق باسم "جبهة التناوب والتوافق" (فاكت)، كينغابي أوغوزيمي دي تابول، في اتصال هاتفي أجري معه من ليبرفيل: "نرفض رفضاً قاطعاً المرحلة الانتقالية (...) ننوي مواصلة الهجوم".
وتقام مراسم جنازة وطنية للرئيس إدريس ديبي إتنو، الذي توفي الاثنين، بحسب الرئاسة، في نجامينا، الجمعة، قبل أن يوارى الثرى في مسقط رأسه في أقصى شرق البلاد.
دعوات دولية لانتقال سلمي
وأعلن قصر الإليزيه أنّ فرنسا "فقدت صديقاً شجاعاً"، مشدداً على أهمية "مرحلة انتقالية سلمية" و"تمسك فرنسا الحازم باستقرار تشاد ووحدة أراضيها". ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى "مرحلة انتقالية عسكرية محدودة زمنياً" تفضي إلى "حكومة مدنية تشمل الجميع". وأكدت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي من جهتها، أن فرنسا "فقدت حليفاً أساسياً في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل".
تقام مراسم جنازة وطنية للرئيس إدريس ديبي إتنو في نجامينا يوم الجمعة، قبل أن يوارى الثرى في مسقط رأسه في أقصى شرق البلاد
وأشادت دول الساحل التي انخرطت مع تشاد في محاربة الجماعات الجهادية بمآثر الرئيس الراحل. فحيّت النيجر، حيث تتمركز كتيبة قوامها 1200 جندي تشادي كجزء من القوة متعددة الجنسيات المناهضة للجهاديين في مجموعة دول الساحل الخمس، "التزامه الشخصي ... في محاربة الإرهاب". وقال الرئيس محمد بازوم وحكومته، في بيان: "إن الشعب النيجري يشارك الشعب التشادي الشقيق ألمه، ويود أن يعرب عن تضامنه وطمأنته (لهم) بالالتزام بالعمل معهم من أجل إحلال السلام والاستقرار في دول الساحل الخمس والدول المشاطئة لبحيرة تشاد".
من جهته، قدم البيت الأبيض "خالص التعازي" لشعب تشاد، اليوم الثلاثاء، بوفاة الرئيس إدريس ديبي. وقال متحدث باسم البيت الأبيض، في بيان: "ندين أعمال العنف الأخيرة والخسائر في الأرواح في تشاد. نؤيد الانتقال السلمي للسلطة وفقا للدستور التشادي".
وأمس، الثلاثاء، أعرب أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن "الحزن العميق لسماعه نبأ وفاة ديبي"، وقدم "أعمق التعازي لعائلة الرئيس، وكذلك لشعب وحكومة تشاد"، بحسب المتحدث باسمه ستيفان دوغاريك.
وقال دوغاريك، في مؤتمر صحافي، بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك: "تسعى خطة الاستجابة الإنسانية لتشاد إلى الحصول على 617 مليون دولار هذا العام، وحتى الآن تم تمويل الخطة بنسبة 6% فقط".
الأمين العام للأمم المتحدة يقدم تعازيه لشعب وحكومة #تشاد ويؤكد أن الرئيس إدريس ديبي قدّم مساهمات كبيرة في الاستقرار الإقليمي.
— أخبار الأمم المتحدة (@UNNewsArabic) April 21, 2021
أما الوضع في البلاد فيتسم بتزايد الاحتياجات الإنسانية المرتبطة بالنزاع في حوض بحيرة تشاد، فضلا عن آثار تغيّر المناخ.
التفاصيل 👇https://t.co/pATpY8Oqpa
وأعربت دولة قطر عن قلقها البالغ إزاء التطورات الأخيرة في تشاد ومقتل الرئيس التشادي ديبي. وجددت وزارة الخارجية، في بيان، أمس الثلاثاء، "موقف دولة قطر الثابت من رفض العنف مهما كانت الدوافع والأسباب"، وفق ما أوردته وكالة الأنباء القطرية (قنا). وأكدت "دعم دولة قطر لما يلبي تطلعات الشعب التشادي في الأمن والعيش الكريم ويحفظ استقرار المنطقة".
وفي المواقف أيضاً، قالت وزارة الخارجية السودانية، في بيان، إنّ بلادها "تتابع بقلق بالغ تطورات الأحداث الجارية في تشاد (الجارة الغربية) والصراع المحتدم بين القوات الحكومية وقوات المعارضة على السلطة". ودعت "كافة الأطراف التشادية للتهدئة ووقف الاقتتال بما يضمن أمن واستقرار تشاد وسلامة مواطنيها".
فيما قالت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية إنها "تتابع بقلق الأحداث الجارية في تشاد"، مقدمة التعازي بوفاة إدريس ديبي، ودعت إلى "التحلي بالمسؤولية وتفضيل الحوار باعتباره السبيل الوحيد للخروج من الوضع الحالي والحفاظ على السلام والاستقرار في البلاد".
من جانبه، بعث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بحسب بيان للرئاسة، ببرقية تعزية بوفاة إدريس ديبي، تتضمن تعازيه لشعب تشاد، وتمنيه بحلول "كل السلام والتقدم للشعب التشادي الشقيق في ما هو قادم".
كما تقدم شيخ الأزهر أحمد الطيب، في بيان، بخالص العزاء وصادق المواساة إلى الشعب التشادي بوفاة ديبي، داعيا إلى أن ينعم على تشاد بالأمن والأمان والسكينة والاستقرار.
من جانبها، قالت وزارة الخارجية الإماراتية إنها "تدين بشدة مقتل الرئيس التشادي"، داعية إلى "انتقال سلمي للسلطة بما يحقق أمن واستقرار تشاد والمنطقة"، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية للبلاد.
واعتبر الرئيس الانتقالي لمالي باه نداو أن "رحيل الرئيس ديبي يمثل خسارة فادحة ليس فقط لبلاده... ولكن أيضاً لمنطقة الساحل وأفريقيا".
وبعدما استبعد بالترهيب أو العنف شخصيات في المعارضة المنقسمة، أعلن مساء الاثنين فوز الماريشال ديبي قبل الكشف عن إصابته، في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 11 إبريل/ نيسان لولاية سادسة بحصوله على 79.32% من الأصوات. وأصيب ديبي (68 عاماً)، وهو عسكري سابق ومن ثم متمرد استولى على السلطة بقوة السلاح في العام 1990، إصابة خطرة عندما قاد معارك جيشه ضد قافلة من المتمردين المتوغلين كما يحصل كثيراً، من ليبيا على بعد مئات الكيلومترات من نجامينا.
وفي العاصمة التشادية، الثلاثاء، بعد ساعات قليلة من إعلان الجيش وفاة الرئيس، أغلقت المدارس أبوابها وكذلك الإدارات العامة، وانتشر عناصر من الحرس الرئاسي بلباس مدني في المدينة وهم يحملون مسدسات تحت ملابسهم وأجهزة لاسلكي.
إغلاق الحدود
وقال الناطق باسم الجيش الجنرال عزم برماندوا أغونا، في بيان تلي عبر تلفزيون تشاد، إن "رئيس الجمهورية (...) إدريس ديبي إيتنو لفظ أنفاسه الأخيرة مدافعاً عن وحدة وسلامة الأراضي في ساحة المعركة. وقد تولى زمام المعركة البطولية ضد جحافل إرهابيين من ليبيا. أصيب خلال الاشتباكات وتوفي لدى عودته إلى نجامينا".
وتابع أن "المجلس العسكري الانتقالي" برئاسة محمد إدريس ديبي (37 عاماً)، يضمن "الاستقلال الوطني وسلامة الأراضي والوحدة الوطنية واحترام المعاهدات والاتفاقات الدولية، ويضمن مرحلة انتقالية مدتها 18 شهراً" تجري بعدها "انتخابات حرة وديمقراطية وشفافة"، مشيراً إلى فرض حظر تجول وإغلاق الحدود البرية والجوية للبلاد. كذلك، أعلن الجيش حلّ البرلمان والحكومة.
تمّت ترقية ديبي (68 عاماً)، الجندي المخضرم الذي استولى على السلطة في انقلاب عام 1990، إلى رتبة ماريشال في أغسطس/آب الماضي. واعتبر الغرب، خصوصاً فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، نظام إدريس ديبي شريكاً أساسياً في الحرب ضد الجهاديين في منطقة الساحل. وتشاد، الواقعة بين دول تشهد نزاعات مثل ليبيا والسودان وجمهورية أفريقيا الوسطى، هي مساهم رئيسي من حيث عدد الجنود والسلاح في هذا الصراع. كذلك، يزوّد الجيش التشادي قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مالي بإحدى فرقه الرئيسية التي تعتبر الأكثر خبرة في القوة المشتركة لدول الساحل، وهي موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد.