متطرفو فرنسا عادوا: الإعلام سلاحنا

01 ابريل 2015
عمر ديابي المطلوب رقم واحد في فرنسا اليوم (تويتر)
+ الخط -


بعد إغلاق صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، عادت الصحافة الفرنسية للحديث عن "عمر أومسن" أو عمر ديابي، المطلوب رقم واحد في فرنسا اليوم، ورجل الجهاد الإلكتروني المسؤول عن تجنيد عشرات الفرنسيين في الفترة الأخيرة. 

بهدوء تام، وبلغة متمكنة، يقول عمر: "لدينا استديو صغير وفريق من عدة أشخاص يعملون ليلاً ونهاراً، من أجل إنتاج برامج مصورة وفيديوهات تحث المؤمنين على الهجرة إلى أرض الجهاد لقتال الكفّار". على قناة جهادية خاصة أطلق عليها اسم 19HH على موقع "يوتيوب"، يقوم عمر ببث مقاطع فيديو، عمل على إنتاجها، تتوجه بشكل رئيسي إلى "الشباب الفرنسي المسلم"، حسب تعبيره، وهي تستند كما يقول إلى "ما دعانا إليه الله ورسوله في القرآن والسنّة". في حديث سجّله في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، يستطرد عمر: "إنّ الله دعا المؤمنين إلى الجهاد، من هنا وجب علينا تكثيف العمل على نشر الدعوة، من أجل بناء الخلافة على سنة الله ورسوله". 

تعليقاً على استغلال الجهاديين لمواقع التواصل من أجل تجنيد الشباب في فرنسا، تقول الانتروبولوجية الفرنسية ــ الجزائرية، دنيا بوزار: "استعمل الخطاب الإرهابي الإنترنت؛ لأنها وسيلة ناجحة تسمح بتجاوز قيود الزمان والمكان. وهكذا فتح المتطرفون فضاء افتراضياً دعوا الشباب إلى التجمع في إطاره، حتى أصبح بديلاً افتراضياً للجماعة القائمة، بل أصبح هذا الإقليم الافتراضي المقدس مع مرّ الأيام الكيان الوحيد في نظرهم الذي يمكن الاختباء فيه لحماية أنفسهم من "العالم الفاسد الآخر" المحيط بهم ومحاربته في نفس الوقت". 

[اقرأ أيضاً: وزارة إعلام داعش.. منظومة الترويع الفني والحرب النفسية

تضيف بوزار: "لاحظوا التوجه النفسي في كيفية عرض المقاطع والموسيقى التي ترافقها، والتركيز على فناء الحياة وقيمتها المادية لقاء الكسب الديني الذي سيؤدي إلى ربح الجنة ورضى الله. حتى في انتقاء اسم القناة، فقد أصرّ عمر أومسن على رقم 19، وهو عدد الجهاديين الذين اختارهم أسامة بن لادن لتنفيذ هجمات 11 سبتمبر، أما حرفا HH فيشيران إلى مركزي برج التجارة العالمي". 

صحيفة la voix du Nord أفردت تقريراً، الإثنين الماضي، حول أثر الإعلام الجهادي، خاصة الإلكتروني، على الشباب الفرنسي. وعرضت سيرة عمر أومسن بوصفه المسؤول الأول عن إدارة شبكات الجهاديين في فرنسا. 

أما Le Figaro، فقد أجرت حواراً مع الصحافي البريطاني، دايفيد تومسون، وسألته عن الأثر الذي تتركه دعوات أومسن وغيره في جيل الناشئة، فكان ردّه: "لقد سنحت مواقع التواصل الاجتماعي لناشري العنف بإعطاء صبغة شرعية لأعمالهم الوحشية، بتكثيف فيديوهات الدعاية التي يظهر فيها من هاجروا من فرنسا إلى سورية والعراق وهم يمارسون ما يسمّونه جهاداً، وغير ذلك من الأفلام والحيل المستعملة من أجل اصطياد الشباب".

وبعد تحليل لعشرات الفيديوهات الدعائية، تبيّن أن قوّتها تكمن في جلب المشاهدين الشباب الذين لا أسئلة دينية أو لا روحية لهم، بل هم في البداية ناقمون ويبحثون عن معركة ضد الظلم في العالم. وسرعان ما تدفعهم هذه الفيديوهات إلى الغرق في تصور للعالم كله كذب ومؤامرات، ثمّ يخرجون وهم على يقين بأن الخوف من الإسلام أو الإسلاموفوبيا ما هي إلا جزء من المؤامرة الكبرى، وأن قوى الشرّ الشيطانية تهاجم الإسلام؛ لأنه يمثل آخر جدار يمكن الوقوف أمامه ومكافحته. ومن هنا يُدخل الراديكاليون في ذهن الشاب أن الالتحاق بهم هو الطريق الوحيد الذي بإمكانه هدم هذه التكتلات السريّة التي تريد تحطيم الإنسانية".