التقى ألكسندر لافرنتييف مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رأس النظام السوري بشار الأسد، يوم الخميس، وبحث الطرفان خلال اجتماع عُقد في العاصمة السورية دمشق، تطورات المسار السياسي السوري وتحديداً تحضيرات اجتماعات أستانة واللجنة الدستورية.
وقالت رئاسة النظام السوري في بيان لها نشرته عبر معرفاتها إن لافرنتييف عرض مع الوفد المرافق له على بشار الأسد التحضيرات الجارية لعقدِ الاجتماع المقبل بصيغة "مسار أستانة".
وأشارت إلى أنه "تم التأكيد على ضرورة استمرار العمل على هذا المسار بدون أي تدخلات خارجية تعرقل الوصول إلى نتائج إيجابية من خلال هذه الاجتماعات". وفق الرئاسة.
وكان نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف، قد التقى رأس النظام السوري بشار الأسد في الـ22 من يونيو/ حزيران الفائت في العاصمة السورية دمشق، وأبلغ الأسد بحصول تقارب في وجهتي النظر الروسية والأميركية، وذلك عقب قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن الأخيرة، والتي عُقدت في الـ13 من الشهر ذاته في جنيف.
ويبدو أن زيارة لافرنتييف إلى دمشق اليوم تحمل في طياتها الكثير من الموضوعات التي سوف يُطلع الأسد عليها للتنسيق بأجلها بناء على الالتزامات الروسية حيال الفاعلين الآخرين في الشأن السوري، سيما أن تطورات شهدتها الأيام الماضية أعادت الملف السوري إلى الواجهة، كان آخرها زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس الأربعاء، ولقاؤه مع نظيره التركي جاووش أوغلو في ولاية أنطاليا التركية، وأيضاً تخصيص مساحة كبيرة من الوقت لبحث الملف السوري خلال الاجتماع الوزاري لدول التحالف بمشاركة الولايات المتحدة الأميركية وممثلين عن 81 دولة من التحالف، بالإضافة لحضور سورية في لقاء بايدن – بوتين، منتصف الشهر الماضي.
زيارة مهمة في وقت حساس
وفي حديث لـ "العربي الجديد"، يرى الأكاديمي والخبير السياسي المطلع على الشأن الروسي محمود الحمزة أن "زيارة لافرنتييف إلى دمشق مهمة جداً وتأتي في وقت حساس، حيث جرى فعلاً اجتماع لدول التحالف في العاصمة الإيطالية روما قبل أيام، بالإضافة للقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بنظيره التركي جاووش أوغلو في تركيا، وهناك أيضاً استعدادات لإجراء جولة جديدة من مسار أستانة في العاصمة الكازاخستانية، وهذه كلها أحداث مهمة ويمكن أن تكون الزيارة قد تناولتها بالفعل".
ويعتقد الحمزة أن "الروس يريدون أن يتقدموا خطوة في موضوع اللجنة الدستورية، لأن هذا الموضوع يعتبرونه في متناول اليد أكثر من غيره، فحديثهم بكثرة عن اللاجئين وإعادة الإعمار والمواضيع الإنسانية، لم يجدوا له تجاوباً إطلاقاً، فالروس والإيرانيون يضغطون على النظام من جهة، وتركيا تؤثر وتضغط على المعارضة السورية من جهة أخرى، ولكن الموضوع ليس بهذه السهولة".
ولفت إلى أن "إيران لا تريد الحل السياسي مثلها مثل بشار الأسد، ولكن روسيا تريد حلاً سياسياً على مقاسها ويناسبها أولاً وأخيراً، وهي ليست ضد إخراج الأسد والإيرانيين حتى، بشرط أن تتحقق مصالحها ويكون هناك ضمانات، وهذه الضمانات تريدها من أميركا، وواشنطن حتى الآن تحركها خجول بالرغم من حدوث اختراق مؤخراً من خلال ترؤس وزير الخارجية الأميركي لأول مرة منذ سنوات اجتماعاً دولياً بحث فيه الملف السوري، وهذه أكبر خطوة قام بها الأميركيون من الناحية السياسية والدبلوماسية بخصوص سورية".
الحمزة: إيران لا تريد الحل السياسي مثلها مثل بشار الأسد، ولكن روسيا تريد حلاً سياسياً على مقاسها ويناسبها أولاً وأخيراً
وأشار الحمزة إلى أن "جميع الأحداث تدل على أن الملف السوري يأخذ اهتماما أكبر وأكبر، ولا ننسى أنه بعد قمة الرئيسين بايدن وبوتين، صرح الأميركيون بأنهم يعتبرون سورية ساحة للتعاون مع روسيا، وبالتالي هناك أرضية حقيقية". معتبراً أنه لا يمكن أن يكون هناك أي حل في سورية بدون تفاهم أميركي -روسي.
وتابع حمزة: "التفاهم (الأميركي - الروسي) مبدئياً موجود في سورية، ولكن الطرفين لم يتفقا على التفاصيل، والأميركيون موافقون على بقاء الروس وعلى دورهم في سورية وإعطائهم دور كبير، ولكن بشروط، منها أمن دولة إسرائيل وإضعاف الدور الإيراني، وهذه المسائل ليست سهلة أبداً، وأما من جهة الروس فيريدون تغير النظام ويريدون البديل لكن أكثر شيء يتخوفون منه هو البديل، لأنه مهما كان نوع البديل للأسد والنظام فهُم لا يثقون بأحد ويخافون من أن يخرجوا من (المولد بلا حُمص)، وكل هذه المساعي السياسية والزيارات والحركات المكوكية تصب في اتجاه أن يبحثوا عن توليفة معينة، وكل طرف يسحب البساط لطرفه لتحقيق مصالحه".
واختتم الأكاديمي والخبير السياسي قوله: "منذ أسابيع زار دمشق نائب رئيس الوزراء الروسي ورئيس اللجنة المشتركة (السورية - الروسية) وبحثا الملفات التجارية والاقتصادية، وبحثا أيضاً وطرحا الملفات السياسية، وأعربا عن دعم روسيا للأسد وهذا الموقف الثابت للروس بُحجة أن هذا النظام شرعي وأن الانتخابات الرئاسية شرعية، وهذا كله كلام فارغ لا يقتنع به حتى طفل، وبالتالي الروس يريدون أن يثبتوا الوضع الراهن ويبدؤوا بعمل سياسي معين وخلق جو ثقة من قبل المجتمع الدولي حتى يبدأوا بتمويل إعادة الإعمار وهذه مسألة معقدة، وإن لم يتم تغيير سياسي لن يثق أحد بهذا النظام وقالها بايدن: (الأسد لا نثق به ولا يمكن التعامل معه)، لاستخدامه السلاح الكيميائي المحرم ضد شعبه، فلذلك لا بد من إرادة سياسية من قبل الأميركيين لقيادة قافلة الحل في سورية، وللأسف الشديد السوريون خارج حلبة الصراع لتقرير مصير البلد".