ما وراء تراجع حضور حزب "الخضر" وخسارته للنقاط أمام اتحاد ميركل؟

30 يونيو 2021
تراجع أرقام الخضر مرده إلى حالة التخبط التي تعيشها قيادة الخضر بطروحاتها (Getty)
+ الخط -

يواصل حزب الخضر الألماني خسارة النقاط، بعد أن كان تصدر الاستطلاعات خلال الفترة الماضية أمام "الاتحاد المسيحي" بنسبة 28% لتصل حالياً لحدود 20%، فيما عاد "الاتحاد المسيحي" وراكم الكسب التصاعدي في النقاط، إذ تفيد الأرقام أنها قاربت 30%، مستفيداً بذلك من هجرة الناخبين من الحزب "الليبرالي الحر" و"الخضر" على حد سواء. 

 وبقي "البديل من أجل ألمانيا"، اليميني الشعبوي، ثابتاً عند 9%، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على عدم إمكانية تشكيل ائتلاف حكومي مستقبلي من دون حزب المستشارة أنجيلا ميركل، حتى أن التعليقات تبرز بأن تراجع حضور مرشحة الخضر أنالينا باربوك أتى أسرع مما طاول زعيم الاشتراكي السابق مارتن شولتز قبل انتخابات العام 2017.

وحيال تراجع أرقام الخضر، يشير رئيس معهد فورسا للاستطلاعات، مانفريد غولنر، وفق صحيفة "تاغس شبيغل"، إلى أنه يمكن الاستنتاج بأن من صوت لصالح "الاتحاد المسيحي" عام 2017 وتعاطف مع الخضر في المرحلة الأخيرة بسبب خيبة الأمل من ترشيح زعيم المسيحي الديمقراطي أرمين لاشيت، لا يحظى بشعبية كبيرة، لمنصب مستشار خلفا لميركل، عاد لتأييد الحزب العريق خوفاً من الطروحات التي يطلقها الخضر، وهذا ما أضعف الأخير.

وفي هذا الإطار، اعتبر الخبير وأستاذ علم النفس السياسي في جامعة كوبلنز لانداو كريستيان فون سيكورسكي، والذي تشمل أبحاثه التواصل السياسي وتقارير الفضائح والاستقطاب، في مقابلة مع صحيفة "دي تسايت"، أن الهجمات الشخصية باتت جزءا من الحملة الانتخابية، وهذا الأمر خطير وبشكل خاص على مرشحة الخضر أنالينا باربوك، لافتاً إلى أن العديد من الهجمات تهدف إلى إنكار كفاءتها بفعل افتقارها للخبرة الحكومية، وهي الصغيرة السن نسبيا.

وما يهم أكثر هو المعلومات المضللة للسيرة الذاتية لباربوك، والتي اضطرت فيها المرشحة لإجراء تصحيح عليها، ومن بينها أنها كانت أحد أعضاء البرلمان الأوروبي في برلين، وليس في بروكسل، كما تم الحديث في السابق عن إخفائها عن البرلمان المكافآت المعفاة من الضرائب التي تلقتها من حزبها، والتشكيك بشهادتها الأكاديمية، وما يثار عن غش في أطروحة الدكتوراه، وهذا ما سيفقدها المصداقية ويفيد منافسيها بشكل مباشر.

وفي شأن ذي صلة، يعتبر الخبير فون سيكورسكي، أن تراجع أرقام الخضر يعود أيضاً إلى حالة التخبط التي تعيشها قيادة الخضر بطروحاتها، والنقاشات حول البرنامج الانتخابي، إذ نشأ شعور سلبي تجاه الحزب البيئي مع نيته العمل على زيادة تدريجية لأسعار الوقود باعتباره يرفع شعار التغيير وحماية المناخ، وهذا يبدو مخيفاً لكثير من المواطنين، ومدى تدابير حماية المناخ وتأثيرها عملياً إن كان بما يخص رحلات الإجازات والسفر، والتنقل اليومي، ولذلك فإن حماية البيئة والمناخ "سيف ذو حدين" في الحملة الانتخابية، عدا عن تأييد قيادة الحزب والزعيم المشارك للخضر روبرت هابيك تسليم أسلحة دفاعية الى أوكرانيا.

ويخلص سيكورسكي إلى أن باربوك باتت في وضع حرج بفعل التعرض لشخصها، وفي مثل هذه المواقف يشعر السياسي بأنه يتعين عليه دائماً خلق التبريرات، وهي مفهومة من الناحية النفسية، إنما من حيث التكتيك الانتخابي غالباً ما تأتي بنتائج عكسية، كما يشدد على أنه، وفي أغلب الأحيان، يكون من الأفضل عدم قول أي شيء. ويشير الخبير إلى أن الدراسات تظهر وبوضوح أنه وبالإضافة إلى التعاطف، فإن الكفاءة تبقى أساسية في قرار التصويت عند الناخبين في ألمانيا. 

في المقابل، استعادت الحكومة الاتحادية بقيادة ميركل السيطرة على آلية إدارة أزمة كورونا، وانتظمت عمليات التلقيح، وتجاوزت أعداد من تلقى الجرعة الأولى من اللقاح 50%، فيما استفاد من الجرعة الثانية 30% من الألمان، وعادت البلاد إلى حركة منظمة ضمن الإجراءات العادية تماشياً مع متطلبات مكافحة كورونا بعد فترة من الإغلاق العام، وهذا ما انسحب على استطلاعات الرأي أخيراً والتي عادت الأرقام لتصب في صالح حزب ميركل، وهذا ما أفقد الخضر أحد أبرز الملفات التي كانت تصوب بها على ميركل وحزبها. 

إلى ذلك، يلفت فون سيكورسكي إلى أن الحملة الانتخابية لها طابع خاص، لأنه وفي معظم الحملات الانتخابية الفيدرالية يتنافس شاغل المنصب مع منافس بارز من حزب آخر، إلا أن هذه الحملة يتنافس فيها ثلاثة مرشحين على منصب المستشارية بحكم أن ميركل تريد مغادرة الحياة السياسية مع انتهاء ولايتها الرابعة بعد الانتخابات العامة المقررة في سبتمبر/أيلول المقبل.

ويشير سيكورسكي إلى أنه وفي العادة تتم مهاجمة شاغل المركز، وهذا غير متوفر، إذ يعمد المرشحون الثلاثة لمنصب مستشار لمهاجمة بعضهم البعض بشكل متزايد، بما في ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت جزءاً من الحملة الانتخابية، وكيل الاتهامات بملفات تحمل فضائح بينها مثلا، صفقة أقنعة كورونا المتورط بها وزير الصحة المنتمي إلى حزب ميركل.

وبحسب معهد فورسا، فإنه بات حالياً من الممكن تصور تحالفين فقط هما الاتحاد المسيحي والخضر أو تحالف الاتحاد المسيحي مع الاشتراكي والليبرالي الحر، في حين تمنح الأرقام المرشح لمنصب مستشار لاشيت نسبة 25%، ومرشحة الخضر باربوك 21%، ومرشح الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولز 14%. 

المساهمون