ما نعرفه عن "الثالوث النووي"... سلاح الردع الروسي

19 فبراير 2022
تفوق سرعة صواريخ "كينجال"، التي تطلق من الطائرات، الصوت (Getty)
+ الخط -

أجرت القوات الروسية، بناء على طلب من الرئيس فلاديمير بوتين، تدريبات لـ"الثالوث النووي"، الذي يعتبر سلاح الردع الرئيسي لموسكو في أوقات الأزمات.

وأكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن التدريبات، التي أجرتها اليوم السبت قوات الردع الاستراتيجي الروسية تحت إشراف بوتين، شملت محاكاة استخدام أسلحة نووية.

وخاطب شويغو بوتين، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة الروسية، خلال التدريبات بالقول: "يجرى وفقاً لقراركم تدريب لقوات الردع الاستراتيجي، سيجرى خلاله اختبار عمليات التحكم بالأسلحة النووية والأسلحة ذات الخطورة المحتملة المتزايدة، ضمن إطار إدارة موحدة".

أقرت الحكومة الروسية في 2017 برنامج تسليح ضخم ركز على أولوية تطوير أنظمة الردع النووي، والأسلحة الدقيقة

وحسب العقيدة العسكرية الروسية، فإن موسكو تحتفظ لنفسها بالحق في استخدام الأسلحة النووية رداً على استخدام أسلحة نووية وأنواع أخرى من أسلحة الدمار الشامل ضدها، أو ضد حلفائها، وكذلك في حالة العدوان على روسيا باستخدام الأسلحة التقليدية، بما يشكل تهديداً لوجود الدولة.

ما هو "الثالوث النووي" الروسي؟

وأوضح خبير عسكري، في اتصال مع "العربي الجديد"، أن المقصود من "الثالوث النووي" هو القوات الاستراتيجية من الصواريخ بعيدة المدى وعالية الدقة، التي تستطيع حمل رؤوس نووية، والقادرة على تنفيذ مهمات الردع الاستراتيجي الشامل.

وأشار إلى أنها "تتألف أساساً من صواريخ "كروز KH-101"، التي يتم إطلاقها جواً، بمدى طيران يزيد عن 5000 كيلومتر، وصواريخ "كاليبر"، التي تستخدم في السفن والغواصات، و"كينجال" التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، وتطلق من الطائرات".

وشدد بوتين، أكثر من مرة، على أهمية "الثالوث النووي" في الحفاظ على معادلات الردع في العالم. وأشار، في اجتماع موسع لوزارة الدفاع الروسية في ديسمبر/كانون الأول 2018، إلى أن حصة الأسلحة الحديثة في "الثالوث النووي" وصلت إلى 82 في المائة، بارتفاع من نحو 37 في المائة في 2012.

ولفت بوتين إلى أنه "تم اتخاذ خطوات جادة، وطفرة في تطوير أحدث الأسلحة التي لا مثيل لها في العالم، تحدثت عنها في خطابه أمام الجمعية الفيدرالية في الأول من مارس/ آذار من هذا العام". وكشف أنه تم إطلاق عملية الإنتاج المتسلسل لصواريخ "أفانغارد"، فيما نجح اختبار صاروخ "سارامات"، بالإضافة إلى تجربة صاروخ "كينجال" (الخنجر) فرط الصوتي في الظروف القتالية.

ولا توجد إحصاءات دقيقة حول ترسانة روسيا من أسلحة الردع الاستراتيجية، لكن صحيفة "النجم الأحمر"، التابعة للجيش الروسي، ذكرت في مقالة بمناسبة ذكرى ست سنوات على تولي شويغو منصب وزير الدفاع، في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أن عدد الصواريخ المجنحة في الجيش الروسي تضاعف 30 مرة، وأنه حدثت قفزة كبيرة في مجال تزويد القوات المسلحة بأسلحة دقيقة بعيدة المدى.

وأشارت الصحيفة إلى أنه "يتواصل تسليح الجيش بصنوف من الصواريخ الاستراتيجية من نوع إسكندر إم، وكذلك تزويد الغواصات والسفن" بصواريخ استراتيجية.

برنامج تسليح ضخم حتى العام 2027

وكان العام 2017 شهد نقلة نوعية في زيادة قدرات روسيا في مجال تطوير الصواريخ الاستراتيجية. وأقرت الحكومة برنامج تسليح ضخم حتى العام 2027، ركز على أولوية تطوير أنظمة الردع النووي والأسلحة الدقيقة، خاصة في مجال استخدام الأسلحة الذكية ذات الدقة العالية في صواريخ أرض ــ أرض، وتلك المحمولة على القاذفات أو الغواصات.

يعد "أفانغارد" من أهم الصواريخ التي بدأت روسيا تطويرها منذ العام 2000
 

ويعد "أفانغارد" من أهم الصواريخ التي بدأت روسيا تطويرها منذ العام 2000. وهي تعمل عند الإطلاق بنظام دفع يعتمد على الوقود، قبل أن ينتقل خلال عملية التحليق إلى العمل بالطاقة النووية.

وحسب خطاب بوتين مطلع مارس 2018، فإن "أفانغارد" صاروخ عابر للقارات أسرع من الصوت، من شأنه أن يحلق نحو أهدافه بسرعة تزيد على 20 ضعفاً لسرعة الصوت، ويضرب "وكأنه نيزك، أو ككرة نارية، وقادر على القيام بمناورات حادة في طريقه إلى الأهداف، ما يجعله منيعاً تماماً على أي نظام دفاع صاروخي".

وفي يوليو/تموز 2018، ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن طائرات "ميغ 31" مزودة بصواريخ "كينجال" باشرت طلعاتها فوق بحر قزوين منذ أشهر، في إطار "الدرع الاستراتيجي".

وذكرت حينها أنه تم الانتهاء من برامج التجارب على إطلاق صاروخ "سارامات" العابر للقارات، الذي يبلغ وزنه نحو 200 طن. وأشارت إلى أنه قادر على المناورة وتخطي الرادارات ومنظومات الدرع الصاروخي. وأكدت أن اختبارات الغواصة النووية ذاتية القيادة "بوسيدون" دخلت في المراحل الأخيرة. كما أعلنت نجاح التجارب على صاروخ "بوريفيستنيك" المجنح.

وورثت روسيا جزءا مهماً من ترسانتها الصاروخية الاستراتيجية القادرة على حمل أسلحة نووية، ومنصات الإطلاق الأرضي والجوي، من الاتحاد السوفييتي السابق. وفي السنوات الأخيرة، بدا الاهتمام واضحاً بتطوير أنواع جديدة من الصواريخ، وتجهيز الطائرات والغواصات بمنصات إطلاق جديدة.

روسيا: التزمنا بمعاهدة "ستارت 3"

ومعلوم أن وزارة الخارجية الروسية أكدت، في فبراير/ شباط 2018، أن موسكو نفذت التزاماتها بمقتضى اتفاقية "ستارت 3". وقالت الخارجية، في بيان حينها، إن روسيا التزمت بخفض الرؤوس الحربية قيد الخدمة على المنصات أو القاذفات الاستراتيجية الثقيلة المجهزة لحمل الرؤوس النووية.

وذكرت أن عدد الرؤوس من هذا النوع في روسيا بلغ حينها 577، بالإضافة إلى 527 منصة لإطلاق الصواريخ العابرة للقارات، و1444 رأساً حربياً قيد الخدمة على الغواصات أو منصات إطلاق الصواريخ، أو القاذفات الاستراتيجية المعدة لحمل الرؤوس النووية. 

لكن الولايات المتحدة شككت بالبيانات الروسية، واتهمتها بالعمل على تحديث ترسانة تضم ألفي سلاح نووي تكتيكي، والالتفاف على التزاماتها المدرجة في معاهدة "ستارت 3"، التي تنطلق من أن الأسلحة الاستراتيجية لا تشكل أساساً لمبدأ الردع.

وكانت موسكو وواشنطن توصلتا إلى اتفاقية "ستارت 3" في 25 مارس/ آذار 2010 بعد مفاوضات شاقة. وحلت الاتفاقية محل "ستارت 2" الموقعة في 1991 والتي انتهت صلاحيتها بنهاية 2009.

ودخلت "ستارت 3" حيز التنفيذ في فبراير 2011، وانتهى العمل بها في 2021، إلا أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وافقت على اقتراح روسي بتمديد الاتفاقية مدة خمس سنوات، على أن يتفاوض البلدان على اتفاقية جديدة. ونصت "ستارت 3" على خفض الرؤوس النووية إلى 1550، وخفض الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات والقاذفات الثقيلة إلى 700 وحدة.

ارتفاع عدد الرؤوس النووية المنشورة في 2021

وحسب تقرير صادر عن معهد استكهولوم لبحوث السلام في يونيو/حزيران 2021، فقد ارتفع عن العام 2020 العدد الإجمالي للرؤوس الحربية النووية المنشورة بمقدار 105، ليصل إلى 3825، منها نحو ألفين في حالة تأهب قصوى، وجميعها تقريباً تابعة لروسيا والولايات المتحدة.

معهد استوكهولم: زادت روسيا ترسانتها النووية العسكرية الإجمالية بنحو 180 رأساً حربياً

وحسب تقديرات المعهد، فقد زادت روسيا ترسانتها النووية العسكرية الإجمالية بنحو 180 رأساً حربياً، وذلك بشكل رئيسي من خلال نشر المزيد من الصواريخ الباليستية الأرضية العابرة للقارات، وتلك التي تطلق من الغواصات.

ومع زيادة إنتاج روسيا من الأسلحة الاستراتيجية الجديدة، طالب المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للحد من التسلح مارشال بيلينغسلي، في مقابلة مع صحيفة "واشنطن تايمز" في مايو/ أيار 2020، بأن تتضمن أي معاهدة جديدة مع روسيا أنظمة الأسلحة الخمسة الجديدة.

وأوضحت الصحيفة أن بيلينغسلي كان يقصد "سارامات" الجديد العابر للقارات، و"أفانغارد" الأسرع من الصوت، بالإضافة إلى نظام الصواريخ "كينجال" الأسرع من الصوت، و"بوريفيستنيك" العابر للقارات، والغواصة المسيرة "بوسيدون".

في الإجمال، تتضمّن أبرز صواريخ "الثالوث النووي" الروسي ما يلي:

  • ​صواريخ كروز KH-101. يتم إطلاقها جواً، بمدى طيران يزيد عن 5000 كيلومتر.
  • صواريخ كاليبر. تستخدم في السفن والغواصات.
  • كينجال (الخنجر). تفوق سرعته سرعة الصوت، ويطلق من الطائرات.
  • أفانغارد، وهو صاروخ فرط صوتي كشف عنه في العام 2008، يستطيع أن يطير بسرعة 27 ماخ أو 32 ألف كيلومتر في الساعة. يقول عنه بوتين إنه يضرب "وكأنه نيزك، أو ككرة نارية، وقادر على القيام بمناورات حادة في طريقه إلى الأهداف، ما يجعله منيعاً تماماً على أي نظام دفاع صاروخي"
  • صاروخ سارامات، دخل الخدمة في عام 2020. يبلغ وزنه نحو 200 طن. يصل طوله إلى 35.3 مترًا وقطره إلى 3 أمتار، ويمكن أن يحمل رؤوسًا حربية وزنها الإجمالي يصل إلى 10 أطنان. قادر على المناورة وتخطي الرادارات ومنظومات الدرع الصاروخي.
  • إسكندر إم، صاروخ باليستي قصير المدى. يطير بسرعة تفوق سرعة الصوت على ارتفاع 50 كيلومترًا، ويبلغ مداه 500 كيلو متر.
  • صاروخ بوريفيستنيك المجنح. دخل التجارب في السنوات الأخيرة. يعمل بالطاقة النووية ويمكنه التحليق لمسافة تصل إلى 1610 كيلومترات قبل إطلاق العنان لرؤوس حربية نووية مدمرة

أمّا أبرز ميزاتها فهي:

  • صواريخ بعيدة المدى وعالية الدقة تحمل رؤوسًا نووية
  • حصة الأسلحة الحديثة فيها وصلت إلى 82% بارتفاع من نحو 37% في 2012
  • تضاعف عدد الصواريخ المجنحة في الجيش الروسي 30 مرة عام 2018