- خبراء يرون أن مجموعة مينسك لم تحقق تقدمًا في تسوية النزاع بين أذربيجان وأرمينيا بسبب عدم قدرتها على ممارسة ضغط كافٍ والفجوة المتزايدة بين روسيا والغرب.
- تصفية مجموعة مينسك قد تؤدي إلى خسارة فرنسا لدورها الدبلوماسي في جنوب القوقاز، بينما تعزز تركيا مكانتها بالتوافق مع مصالح الأذربيجانية، مما يستلزم إطارًا جديدًا للتفاوض بين أرمينيا وأذربيجان.
بعد مضي أكثر من نصف عام على استيلاء باكو على إقليم ناغورنو كاراباخ، أعلن الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، يوم الثلاثاء، أن الوقت قد حان لتصفية مجموعة مينسك، التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، تحت الرئاسة المشتركة لروسيا وفرنسا والولايات المتحدة، والمعنية بتسوية النزاع في الإقليم الذي استمر في النزاع لعقود طويلة مع أرمينيا.
وأثناء استقباله وفداً من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، برئاسة وزير الخارجية المالطي، يان بورغ، أقر علييف بأن قضية إزالة تداعيات ما وصفه بأنه "عدوان عسكري أرميني ضد أذربيجان واحتلال أراضيها" كانت مدرجة على جدول أعمال مجموعة مينسك منذ تأسيسها، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن المنظمة وآلية الرئاسة المشتركة لم تساهما بأي شيء في "تحرير الأراضي الأذربيجانية من الاحتلال وعودة المهجرين". ونقل المكتب الإعلامي للرئاسة الأذربيجانية عبارة عن علييف قال فيها إن العملية التفاوضية التي كانت تجريها الدول المشاركة في رئاسة مجموعة مينسك "لم تكن سوى خدمة لاستمرار احتلال الأراضي الأذربيجانية".
وفي معرض حديثه عن طي صفحة النزاع الأرميني الأذربيجاني، اعتبر أنه "حان وقت لتصفية مجموعة مينسك وكل المؤسسات المرتبطة بها"، مضيفاً أن الجانب الأذربيجاني طرح هذه المسألة، ومعتبراً أنه "لم تعد هناك أي أسباب حتى يرفض الجانب الأرميني ذلك".
وفي موسكو، يقرّ الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، كامران غسانوف، بأن إطار مجموعة مينسك استنفد نفسه، معتبراً في الوقت نفسه أن تصفيتها لن تؤثر بمصالح موسكو التي أدت دورها، لا سيما بعد انسحاب قوات حفظ السلام الروسية من كاراباخ في إبريل/نيسان الماضي.
ويقول غسانوف، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "إطار مجموعة مينسك قد استنفد نفسه كونها أنشئت لتسوية قضية كاراباخ، ولكنها لم تساهم في ذلك خلال أكثر من 30 عاماً من وجودها بأي شكل من الأشكال، متحولة فعلياً إلى (التفاوض من أجل التفاوض)".
ويرجع فشل مجموعة مينسك في تسوية النزاع في كاراباخ إلى افتقارها آليات الضغط على أطراف الأزمة، مضيفاً أن "أرمينيا ظلت مصرة على رفضها تقديم تنازلات، بينما لم تتوفر لدى الدول المشاركة في الرئاسة آليات للضغط وإجبار يريفان على تسليم الأراضي المتنازع عليها لأذربيجان. أضف إلى ذلك تزايد الفجوة بين روسيا والغرب إلى حد تعذر تعاونهما ضمن منظمة واحدة".
ويذكّر بأنه لم تتسن تسوية قضية كاراباخ بطريقة سلمية، قائلاً: "لم يتحقق تقدم إلا عند إجراء أذربيجان عملاً عسكرياً، وهو ما يشبه الوضع مع اتفاقات التسوية في أوكرانيا التي حملت هي الأخرى اسم مينسك ولم تحل دون اندلاع الحرب الراهنة واسعة النطاق".
تأثير تصفية مجموعة مينسك
وحول التداعيات الجيوسياسية لتصفية مجموعة مينسك المعنية بكاراباخ، يلفت: "ستخسر فرنسا دورها الدبلوماسي في جنوب القوقاز، بينما لن تتأثر روسيا كونها قد أدت دورها، سواء في الوساطة، أو دوريات قوات حفظ السلام الروسية. وحققت تركيا هي الأخرى مصالحها كونها مطابقة لتلك الأذربيجانية". ويجزم بأن "مجموعة مينسك لم يعد وجودها ضرورياً منذ إحكام باكو السيطرة على كاراباخ"، خالصاً إلى أن "التطبيع الأرميني الأذربيجاني المرتقب يتطلب أطراً جديداً أصبحت واشنطن وبروكسل وموسكو تتنافس على قيادتها".
تجدر الإشارة إلى أن مجموعة مينسك تأسست في عام 1992 من أجل البحث عن سبل للتسوية السلمية للنزاع في كاراباخ، وضمت كلاً من أرمينيا وأذربيجان وروسيا وبيلاروسيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وتركيا والسويد وتشيكوسلوفاكيا السابقة التي خلفتها فنلندا.
ومنذ عام 1997، جرى اعتماد الرئاسة الثلاثية المشتركة للمجموعة بين روسيا والولايات المتحدة وفرنسا. وبعد بدء الحرب الروسية المفتوحة في أوكرانيا في فبراير/شباط 2022 وفرض الدول الغربية عقوبات غير مسبوقة على روسيا، لم يعد إطار الرئاسة المشتركة لمجموعة مينسك قائماً على أرض الواقع.
وكانت أذربيجان قد أجرت في سبتمبر/أيلول 2023 عملية عسكرية في كاراباخ، أسفرت عن دمج الإقليم ضمن البلاد ونزع سلاحه. وعلى أثر ذلك، غادر الجمهورية السابقة أكثر من 100 ألف من الأرمن، وهو ما ترتب عليه انتهاء ضرورة استمرار وجود قوات حفظ السلام الروسية والأطر السابقة للتسوية.