ما خيارات إيران للردّ على استهداف إسرائيل لقنصليتها في دمشق؟

12 ابريل 2024
من آثار القصف الذي استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق، 1 إبريل 2024 (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تصاعد التوتر في الشرق الأوسط بعد هجوم دمر القنصلية الإيرانية في دمشق، مما أسفر عن مقتل 16 شخصًا واتهام إيران وسوريا لإسرائيل بالمسؤولية، مع مخاوف من رد إيراني قد يقود لصراع إقليمي.
- إيران تواجه ضغوطًا للرد على الهجوم للحفاظ على مصداقيتها، مع سعيها لتجنب التصعيد الذي قد يؤدي إلى حرب واسعة، وتبحث عن بدائل سياسية للرد العسكري مع تأكيدات على عدم رغبتها في حرب مباشرة مع إسرائيل.
- الوضع يشهد تحركات دولية مع زيارة الجنرال الأمريكي إريك كوريلا لإسرائيل لبحث التهديدات الأمنية، وتعبير الصين وروسيا عن قلقهما، وطلب فرنسا من رعاياها تجنب السفر إلى المنطقة، مما يعكس القلق الدولي من تصاعد الأزمة.

تتزايد المخاوف من ردّ إيراني وشيك على الهجوم الأخير الذي دمّر مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق والذي حمّلت طهران إسرائيل مسؤوليته، إذ يخشى أن يؤدي ذلك إلى اندلاع صراع إقليمي. إيران تهدد وإسرائيل تستعد معتمدة على دعم قوي من واشنطن، فيما تعرب الصين وروسيا عن قلقهما إزاء امتداد الصراع إلى الشرق الأوسط. أما باريس، فتطلب من رعاياها عدم السفر إلى المنطقة.

وبلغ التوتر ذروته مع وجود عدد كبير من السيناريوهات المحتملة، على خلفية الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الفائت.

وقال ديفيد خالفا، المحلل لدى مؤسسة "فونداسيون جان جوريس" في باريس، إن حقيقة أنّ أياً من الجهات المعنية ليست لديها مصلحة في إثارة التصعيد، لا تحمي من أزمة واسعة النطاق، مضيفاً: "الأخطاء في الحسابات واردة. للردع جانب نفسي. تقع الأطراف المتحاربة تحت رحمة خطأ وزلة قد يؤديان إلى تداعيات متتابعة".

وأدى الهجوم على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق في 1 إبريل/ نيسان الحالي إلى مقتل 16 شخصاً من بينهم سبعة أعضاء في الحرس الثوري الإيراني يتقدمهم القيادي البارز محمد رضا زاهدي، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان. وحمّلت إيران وسورية مسؤولية الهجوم لإسرائيل التي لم تؤكد تورّطها إلا أنها ما زالت تعد المسؤولة عنه حتى من جانب حلفائها.

وأكد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، في كلمة له بمناسبة عيد الفطر صباح الأربعاء، أنّ إسرائيل يجب أن تعاقب وستعاقب لمهاجمتها القنصلية الإيرانية في سورية، مضيفاً أن الهجوم الذي نفذته إسرائيل يُعتبر هجوماً على أرض إيران وفقاً للأعراف الدبلوماسية.

الردّ على إسرائيل أو الظهور كطرف ضعيف

واعتبر مركز صوفان في نيويورك المتخصص في القضايا الأمنية أن "الهجوم الإسرائيلي" على مبنى القنصلية يعني أنه سيتم تحميل إيران "المسؤولية عن أعمال حركة حماس وغيرها من الحلفاء مثل حزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن". ومذاك، تبقى نيات طهران مجرد تخمينات، حتى مع الإجماع في الغرب على وجود احتمال كبير بشن إيران ضربة موجّهة إلى إسرائيل، وهو ما تحدّثت عنه وسائل إعلام أميركية هذا الأسبوع.

حتى أن واشنطن أرسلت قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال إريك كوريلا، إلى إسرائيل حيث "سيلتقي القيادة الأساسية للجيش الإسرائيلي ويبحث في التهديدات الأمنية الحالية في المنطقة"، بحسب البنتاغون. فطهران تملك الترسانة اللازمة لاستهداف إسرائيل أو بنى تحتية أو مرافق مطارات أو منشآت طاقة، مثل منصة استخراج غاز.

ويقدّر مركز صوفان أن موقف الحكومتين الأميركية والإسرائيلية يشير إلى أنهما "تتوقعان أن تستخدم طهران ترسانتها من صواريخ كروز والصواريخ البالستية بالإضافة إلى مسيّرات مماثلة لتلك التي باعتها بكميات كبيرة لروسيا" أي من طراز شاهد. لكن العملية ستكون بمثابة تصعيد كبير.

من جهتها، قالت الخبيرة المستقلة في شؤون الشرق الأوسط، إيفا كولوريوتيس، إن إيران "ما زالت تهدد بالردّ فيما تبعث في الوقت نفسه رسائل إقليمية ودولية مفادها أنها تبحث عن بديل سياسي للردّ العسكري". وأوضحت أن "طهران لا تريد حرباً مباشرة مع إسرائيل، على الأقل في هذه المرحلة"، وليس بوسعها التصعيد، معتبرة أن "هذا المأزق يفسر تأخر الردّ".

"إسرائيل أرادت تغيير قواعد اللعبة"

تجد إيران نفسها "أمام معضلة" كما كتب الدبلوماسي الفرنسي السابق ميشال دوكلو على موقع إنستيتو مونتينيه، موضحاً: "لا شك في أنها غير واثقة بما يكفي في قواتها كونها مترددة في القيام بخطوة تصعيدية مع إسرائيل. لكن إذا لم تردّ، فهي تخاطر بفقدان جزء من مصداقيتها في المنطقة، في الآراء وكذلك بين المجموعات المسلحة الموالية لها".

وهذه المجموعات المسلحة في العراق واليمن وسورية ولبنان والتي تشكل "محور المقاومة" الإيراني ضد إسرائيل، تظهر بالتالي أكثر من أي وقت مضى على خط المواجهة، مع احتمال تكثيف عملياتها، بحسب فرزان ثابت، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في معهد جنيف للدراسات العليا.

وكتب ثابت على منصة إكس أن إيران يمكنها أن تطلب من تلك المجموعات زيادة هجماتها وأن تزيد تزويدها بالأسلحة الحديثة، وأضاف: "نفي مثل هذا الخيار أسهل وكلفته السياسية أقل وكذلك خطر الردّ عليها".

وتشمل الفرضيات الأخرى استهداف ممثلية دبلوماسية إسرائيلية في الخارج، وهو أمر قد ينطوي على جرّ دولة ثالثة إلى الصراع، أو "هجوم إرهابي ضد مرافق دبلوماسية أميركية في المنطقة أو خارجها" وفق مركز صوفان.

وتوصف المناقشات بأنها حادة داخل النظام الإيراني. ففي 1 إبريل/ نيسان الحالي "أرادت إسرائيل تغيير قواعد اللعبة (...) لإجبار إيران على الخروج من حرب الظل وحرب الاستنزاف بالوكالة"، وفق خالفا. الذي أضاف: "اليوم ليس أمام الإيرانيين سوى خيارات سيئة".

(فرانس برس)

دلالات