أُعلن يوم الاثنين عن تعيين وزير الخارجية اليمني، أحمد بن مبارك رئيسا للوزراء في ظل متغيرات وأزمات تشهدها البلاد، مع هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، وحالة الانهيار الاقتصادي وانسداد الأفق السياسي، رغم استمرار حالة اللاحرب واللاسلم بين الأطراف اليمنية منذ إعلان الهدنة في إبريل/ نيسان 2022.
وكان ملف تغيير رئيس الحكومة موضوعا للتداول منذ أسابيع، حيث اتخذ مجلس الرئاسة اليمني قرار التغيير، لكن الاختلاف كان على البديل بين أعضاء مجلس الرئاسة، وسبق تعيين بن مبارك رئيسا للحكومة من قبل الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2014، بعد أسبوعين من سيطرة الحوثيين على صنعاء، لكن الأخير اعتذر وكان حينها مديراً لمكتب الرئاسة اليمنية.
منعطف تاريخي
وفي أول تعليق له، قال رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك، إنه تم تعيينه في "منعطف تاريخي مهم في البلاد"، وقال في هذا السياق: "أتولى اليوم هذا المنصب بعزيمة وإصرار على تحقيق نتائج ملموسة في حياة كل يمنية ويمني، مدركا ما يمر به شعبنا الكريم من معاناة وما قدمه ولا يزال يقدمه من تضحيات في معركته لإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة".
ولمّح بن مبارك – في تصريح مقتضب على منصة إكس- إلى ما يجري في البحر الأحمر بعد هجمات الحوثيين على السفن الإسرائيلية، مؤكدا "أن الحكومة ستعمل جاهدة من أجل التصدي لتحديات المرحلة الراهنة بروح الشراكة الإقليمية والدولية والحرص على أن يكون اليمن شريكا في إحلال السلام والأمن".
ودعا أعضاء الحكومة لشحذ الهمم وتوحيد الجهود والمساعي في هذا الظرف الاستثنائي، وقال: "أستنهض فيهم الحفاظ على تقاليد إدارة الدولة، وإعلاء القانون والحرص على الحق العام والعمل بروح المسؤولية".
اتقدم بعظيم الشكر والتقدير للقيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي على منحي الثقة وإصدار قرار تعييني رئيسا لمجلس الوزراء في هذا المنعطف التاريخي الهام لبلادنا الحبيبة.
— Ahmed A. BinMubarak (@BinmubarakAhmed) February 5, 2024
اتولى اليوم هذا المنصب بعزيمة وإصرار على تحقيق نتائج ملموسة في…
وتنتظر رئيس الحكومة الجديد ملفات معقدة ومتغيرات دولية وإقليمية، وأبرزها ربما إعادة تعريف موقف الشرعية اليمنية المعترف بها دولياً، من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر المساندة للشعب الفلسطيني، والضربات الجوية الأميركية والبريطانية على مواقع للحوثيين في اليمن خلال الأسابيع الماضية.
هجمات البحر الأحمر
ويُنظر إلى هجمات البحر الأحمر التي ينفذها الحوثيون ضد السفن الإسرائيلية، والتي تصاعد إثرها تنفيذ الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات جوية على مواقع في اليمن منذ 12 يناير/ كانون الثاني الفائت، مما أسفر عن تحركات ولقاءات مسؤولين أميركيين وبريطانيين بالرئاسي اليمني خلال الأيام الماضية بمقر إقامته في الرياض.
واعتبر الباحث اليمني بالشؤون الإيرانية عدنان هاشم "أن تعيين وزير للخارجية رئيس للوزراء يشير إلى توجه مجلس القيادة الرئاسي نحو الخارج، حيث إن "بن مبارك" قريب من الأميركيين وكان سفيراً هناك. وفي الأيام التي سبقت تعيينه كان يجري لقاءات خارجية بشأن الهجمات في البحر الأحمر ومواجهة الحوثيين".
وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد": "تريد الحكومة المعترف بها دولياً تعزيز الضغط الخارجي على الحوثيين لتكوين رأس مال سياسي داخلي وخارجي لإيقاف صفقة سلام لمصلحة الحوثيين، وهو تحدٍّ رئيسي سيواجه بن مبارك وحكومته".
وتابع: "والتحدي الآخر ملف يرثه من حكومة معين عبد الملك ومرتبط بالاقتصاد، فالعملة الوطنية تنهار والجوع يتزايد وفشلت الحكومة في إيجاد حلول لهما".
من جهة أخرى، استبعد المحلل السياسي عبد الله دوبلة، أن يكون تعيين بن مبارك له علاقة بما يحدث في البحر الأحمر، وقال: "ليست للأمر علاقة بأي مستجدات، كان موضوع تغيير رئيس الحكومة مطروحاً منذ نقل السلطة من الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي إلى مجلس القيادة الرئاسي، إلا أن الخلافات داخل الشرعية حالت دون التوصل للبديل".
وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، "لكنهم أخيرا اتفقوا أن يكون البديل من داخل الحكومة نفسها ويكون جنوبيا، وبسبب هذين الشرطين كان حظ بن مبارك أفضل من غيره"، على حد تعبيره.
تحديات أخرى تنتظر بن مبارك
إلى جانب الأزمة المستجدة في البحر الأحمر، ما زال اليمن يشهد حالة من التحشيد للحرب رغم استمرار الهدنة للعام الثاني على التوالي، في ظل الوضع المعيشي السيئ الذي يعيشه اليمنيون من استمرار هبوط العملة الوطنية أمام الدولار، والفساد الإداري، وتعطل إيرادات الدولة.
ورأى الصحافي خليل العمري "أن من أبرز التحديات التي يواجهها رئيس الحكومة، أنه يدير أعضاء حكومة لم يخترها وتشكل تباينا واسعا بينهم كونهم يمثلون أطرافا يمنية متعددة متباينة وربما متنازعة على السلطة والنفوذ".
وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "العودة إلى عدن العاصمة المؤقتة والاستقرار فيها من ضمن التحديات ولكن يبدو أنه مرحب به مع تصويت عيدروس الزبيدي لمصلحته، ولكن عدم رضى أعضاء في المجلس الرئاسي يثير القلق من احتمال عرقلة عمله".
وتابع: "كما أن ميزانية الدولة وتوقف تصدير النفط وجيوب الفساد والخلل في الجهاز الإيرادي، تمثل التحدي الأكبر، بالإضافة إلى تصاعد قوة مليشيا الحوثيين ومهاجمتهم للممرات البحرية، الأمر الذي يتطلب تفعيل قوة الجيش وتسليحه بالتنسيق مع الشركاء الدوليين".
وقال العمري "إن بن مبارك لا يملك عصا سحرية لحل المشكلات، ولكن خبرته الواسعة في إدارة الملفات الصعبة خلال فترة تزيد عن عقد ونصف، بالإضافة إلى علاقاته المتينة مع جميع أطياف السياسة في اليمن والشركاء الإقليميين والدوليين، تثير تفاؤلًا بأدائه المثمر في رئاسة الحكومة".