ماريا ماتشادو قائدة المعارضة الفنزويلية

ماريا ماتشادو قائدة المعارضة الفنزويلية... عقدان من مواجهة تشافيز ومادورو

25 أكتوبر 2023
ماريا ماتشادو في كراكاس، الأحد الماضي (بيدرو رانسيس ماتي/الأناضول)
+ الخط -

تحولت مرشحة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو، إلى رمز جديد لمواجهة الرئيس نيكولاس مادورو في الرئاسيات في فنزويلا، المقررة في وقتٍ لم يتم تحديده بعد العام المقبل.

وأثبت اختيار ناخبو المعارضة في كراكاس ماتشادو طيّ صفحة رئيس البرلمان السابق خوان غوايدو من جهة، وتعبيد الطريق أمام شخصية عُرفت بمناهضتها الدائمة للتيار التشافيزي، الذي أرساه الرئيس الراحل هوغو تشافيز.

بعد نيلها نحو 93 في المائة من أصوات 1.5 مليون ناخب في الأحزاب المعارضة في فنزويلا، تستعد ماتشادو لمعركة ضارية مع مادورو. وشدّدت في خطاب النصر، على أن المرحلة المقبلة هي "بداية النهاية"، والمقصود فيها انتهاء عصر مادورو، الذي خلف تشافيز في العام 2013.

وطلبت من الناخبين "أن تتذكروا عدد الأشخاص الذين اعتقدوا أن هذا مستحيل (انتخابات المعارضة) وكيف تغلبنا على جميع العقبات، وها نحن هنا".

خشية مادورو من ماتشادو

وتواجه ماتشادو معضلة أساسية، إذ منع مادورو ترشيحها الرئاسي، لمدة 15 عاماً، بحجة أنها "لم تكمل إعلانها عن الأصول والدخل عندما كانت نائبة سابقة".

وهذا النوع من الإعلانات لحكومة مادورو، تكتيك شائع لإبعاد المنافسين الأقوياء عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية. ويتفق محللون فنزويليون معارضون على أنه إذا سمح لماتشادو بالترشح، فستهزم مادورو بسهولة، في ظلّ سعيه للفوز بولاية رئاسية ثالثة، على الرغم من أن حزبه لم يُعلن ذلك رسمياً بعد.

وقال مادورو الاثنين: "من المؤسف أنهم لا يكترثون بمجموعة بهذا الحجم"، في إشارة إلى الناخبين الأساسيين في الاقتراع التمهيدي الذين يقدر عددهم بما بين 550 ألفاً و700 ألف فنزويلي. وأضاف: "إنها وقائع موت معلن، وقائع احتيال معلن". وأكد الرئيس الفنزويلي "نحترم هذه المجموعة (من الناخبين) وأناشدهم: لا تنخدعوا".

يُنظر إلى ماتشادو على أنها شجاعة لبقائها في فنزويلا

ويُنظر إلى ماتشادو على أنها شجاعة لبقائها في فنزويلا، في وقت فرّ العديد من السياسيين الآخرين من الاضطهاد السياسي، وتلقب بـ"السيدة الحديدية"، بسبب عدائها لتشافيز ثم مادورو.

وقد أكسبتها مقترحاتها لفتح السوق الحرة لتحفيز الاقتصاد والحد من دور الدولة دعماً قوياً بين الفنزويليين. وتريد ماتشادو، وهي من أشد المعارضين لتيار تشافيز الذي يحمل اسم الرئيس السابق هوغو تشافيز الذي كان أحد أبرز وجوه اليسار الراديكالي في أميركا اللاتينية، فرض اقتصاد ليبرالي بما في ذلك خصخصة الشركات العامة.

وكانت ماتشادو، التي أعلنت نفسها أفضل فرصة في البلاد للإطاحة بالنظام التشافيزي الحاكم منذ عام 1999، قد تقدمت بفارق كبير لعدة أشهر في استطلاعات الرأي. ففي آخر استطلاع مُعلن متعلق بالانتخابات الرئاسية، فقد أصدر مؤشر "ميغاناليسيس" نتائج استفتاء شارك فيه 1013 شخصاً، في 31 يوليو/تموز الماضي.

وأظهرت النتائج حصول ماتشادو على 32.88 في المائة من الأصوات في مقابل 11.5 في المائة لمادورو. "نحن بحاجة إلى شخص لديه مُثُل مقنعة مثلها"، وفقاً للمعارضة روث غارسيا، وهي ممرضة تكسب ما يعادل 6 دولارات شهرياً. وأضافت غارسيا: "أنا على ثقة من أن ماريا كورينا لديها خطة (باء) للتغلب على استبعادها. علينا أن نستمر في ترشيحها".

وسبق لماتشادو أن خاضت المراحل التمهيدية لرئاسيات 2012، لكنها خسرت أمام المعارض القوي في حينه، هنريكي كابريليس. وشاركت لاحقاً في تظاهرات المعارضة في العام 2014 ضد مادورو. وحينها اتهمها مسؤولون فنزويليون بـ"قيادة مؤامرة" للإطاحة بمادورو بالتعاون مع مسؤولين أميركيين.

وماتشادو التي درست الهندسة الصناعية وكانت جزءاً من برنامج دراسي في جامعة "يال" الأميركية، أسست منظمة "أتينيا" للعناية بالأطفال الأيتام، قبل أن تترك المنظمة الخيرية، لتأسيس حزب سياسي، حمل اسم "سوماتي". وقالت في حينه: "كأنه تم وضع اليد على زر ما. كان لديّ هذا الشعور المقلق بأنني لا أستطيع البقاء في المنزل ومشاهدة البلاد تنهار".

وعرّضها ذلك لتصادم مع تشافيز، وكشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" في العام 2005 أن "ماتشادو تواجه تهمة التآمر الناجمة عن منحة قدرها 31 ألف دولار من "الوقف الوطني للديمقراطية" (أن إي دي) الأميركية.

وفي العام نفسه، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، أن ماتشادو كانت "الخصم الأكثر كرهاً للحكومة الفنزويلية، وهي امرأة شابة ذكية وغالباً ما تظهر في عواصم دولية للتنديد بما تسميه تآكل الديمقراطية في عهد الرئيس هوغو شافيز"، وذكرت أن الحكومة الفنزويلية تعتبرها "عضوا في نخبة فاسدة تقوم بأوامر إدارة (الرئيس الأسبق جورج) بوش".

يتفق محللون فنزويليون معارضون على أنه إذا سُمح لماتشادو بالترشح، فستهزم مادورو بسهولة

وفي العام 2002، واجه تشافيز محاولة انقلابية فاشلة، مما دفعه إلى إصدار "مرسوم كارمونا"، نسبة لبيدرو كارمونا، الذي عُينّ رئيساً مؤقتاً لـ48 ساعة خلال الانقلاب. وبموجب المرسوم اتُهمت ماتشادو بالتوقيع على ورقة الاعتراف برئاسة كارمونا، لكنها نفت ذلك، مع إقرارها بالتوقيع على ورقة تسجيل للقصر الرئاسي خلال المحاولة الانقلابية. لاحقاً عُلّقت المحاكمة ضدها.

الخلاف مع المعارضة

ومع أن ماتشادو واجهت تشافيز ثم مادورو، إلا أنها اختلفت أيضاً مع بعض أجنحة المعارضة، فقد دعمت العقوبات الدولية على فنزويلا، داعية إلى تدخل أجنبي في البلاد، على اعتبار أنه لا يُمكن إطاحة مادورو سياسياً.

لاحقاً، عدلت موقفها عبر الدعوة إلى المشاركة في الانتخابات لتغيير الوضع. ووصفت نفسها بأنها ليبرالية وسطية، قائلة في مقابلة مع موقع "إل إستيمولو" إن "فئات اليسار واليمين اخترعها الماركسيون"، وإنها "السياسية الوحيدة غير الاشتراكية في الطيف السياسي الفنزويلي".

وأوضحت "نحن حزب ليبرالي وسطي، لذلك يقولون إنه من اليمين المتطرف، لأنه بالنسبة للماركسيين إذا لم تكن من اليسار فأنت من اليمين المتطرف". كما تصادمت ماتشادو وغوايدو، وتحدثت عن "الفرص الضائعة"، منذ تسلم رئيس البرلمان السابق قيادة المعارضة.

وفي رسالة وجهتها إلى غوايدو في أغسطس/آب 2020، كتبت ماتشادو: "لقد أوكلت إليك الدولة مهمة لا تستطيع أو لا تريد إنجازها". وكان اعتراضها عليه سبباً أساسياً في إطاحته من الحكومة المؤقتة ومن قيادة المعارضة في أواخر العام الماضي، وذلك لفشله في استغلال لحظة التعاطف الدولية، والأميركية خصوصاً، معه لإطاحة مادورو.

(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)

تقارير دولية
التحديثات الحية