في سابقة هي الأولى من نوعها منذ حرب العام 1973، أعلن جيش الاحتلال، اليوم السبت، حالة "استعداد" للحرب، وهو ما أكده أيضا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وعلى الرغم من أن جيش الاحتلال انخرط منذ 1973 في عشرات الحملات العسكرية في لبنان وقطاع غزة والضفة الغربية، إلا أنه تجنب اعتبار هذه الحملات حروبا.
وتعني حالة الحرب عملياً إعلان حالة الطوارئ، ووضع مقدرات إسرائيل اللوجستية ووبناها التحتية تحت تصرف الجيش، من أجل تحقيق أهدافه في هذه الحرب، فضلاً عن أن إعلان الحرب يقترن دائماً بتجنيد بقوات كبيرة من قوات الاحتياط، مع العلم أن جيش الاحتلال سبق أن جند قوات الاحتياط في إطار حملات عسكرية دون مستوى حالة الحرب.
وقد يرتبط إعلان حالة الحرب بأهداف إسرائيل ومخططاتها العملياتية خلال الجهد الحربي الذي تنوي شنه، أكثر مما يتعلق بالجانب المؤسساتي والقانوني.
ويمكن التدليل على ذلك من خلال التصريح التي أدلى به نتنياهو، إذ قال إن إسرائيل "في حالة حرب وليست في جولة قتال"، في إشارة إلى أن إعلان "حالة الحرب" يكرس توجه إسرائيل نحو شن عمل عسكري طويل الأمد داخل القطاع.
فجملة الأهداف التي تسعى إسرائيل لتحقيقها خلال الحرب المعلنة كبيرة ومعقدة، وقد تشمل: الرد على الهجوم وجباية ثمن من حركة حماس والجمهور الفلسطيني، والمس بقيادة الحركة و"كتائب القسام"، وتفكيك البنى التنظيمية والعسكرية للمقاومة، فضلاً عن محاولة استعادة الجنود والمستوطنين الذين تم أسرهم.
ومن الواضح أن محاولة تحقيق هذه الأهداف تتطلب شن عمل عسكري كبير يرمي إلى إعادة احتلال القطاع، حيث إن تحقيق هذه الإنجازات لا يتسنى عبر عمليات قصف جوي، بل من خلال عمليات برية في عمق قطاع غزة قد تستغرق وقتاً طويلاً.
فضلا عن أن الإعلان عن حالة "الحرب" يأتي لتهيئة الرأي العام الإسرائيلي لإمكانية سقوط عدد كبير من القتلى في صفوف الجنود المشاركين في العمليات في عمق القطاع، لا سيما أن تقديرات عسكرية إسرائيلية سابقة توقعت أن يقتل 500 جندي وضابط في أية عملية برية ترمي إلى إعادة قطاع غزة.
إلى جانب ذلك، فإن إعلان حالة الحرب يمثل أيضا مسوغا لدفع الولايات المتحدة، الملتزمة بتمكين إسرائيل من الدفاع عن ذاتها، إلى فتح مخازن جيشها داخل إسرائيل لاستخدامها من قبل جيش الاحتلال، فضلاً عن تقديم مساعدات عسكرية عاجلة لمنح هذا الجيش القدرة على مواصلة الجهد الحربي، لا سيما في كل ما يتعلق بالصواريخ والقذائف التي تستخدمها منظومات الدفاع الجوي المستخدمة في اعتراض الصواريخ.
ولا يمكن تجاهل الاعتبارات السياسية الداخلية، فإعلان حالة الحرب يهدف إلى توحيد الصف الإسرائيلي الذي تمزق في أعقاب تفجر الاحتجاجات الجماهيرية على خطة "التعديلات القضائية".
كما يمنح الإعلان نتنياهو القدرة على التحكم في جدول الأعمال الداخلي، على الأقل حتى نهاية الحرب. مع العلم أن الأسئلة التي ستطرح بعد انتهاء الحرب قد تفضي إلى دفع نتنياهو وشركائه في الحكومة وقيادة الجيش ثمناً باهظاً، بسبب ما يعتبر تقصيراً أفضى إلى الفشل في مواجهة هجوم حركة حماس.
لكن الإعلان عن "الحرب" ينطوي على مخاطر اقتصادية لإسرائيل، على اعتبار أن هذا الإعلان يسمح لجميع القطاعات الاقتصادية والخدماتية للمطالبة بتعويضات من الحكومة على ما لحق بها من خسائر بفعل تواصل هذه "الحرب"، وهذا ما دفع الحكومات الإسرائيلية في بعض الأحيان إلى تجنب الإعلان عنها.