ماذا يريد قيس سعيّد من وراء الترويج لمؤامرة "استهداف الاستفتاء" على الدستور في تونس؟

13 يوليو 2022
 وفقاً لبيان الرئاسة كشف بحث عدلي عن 1700 ما بين هجوم إلكتروني واختراق (Getty)
+ الخط -

تواترت تحذيرات الرئيس التونسي قيس سعيّد من محاولات استهداف الاستفتاء وإرباك مساره، فيما اعتبرها المعارضون محاولة لحشد الإقبال على صناديق التصويت يوم 25 يوليو/تموز واستباقاً لتبرير فشل مرتقب.

ولا يفصل التونسيين سوى 12 يوماً على نهاية الحملة الانتخابية للاستفتاء على مشروع الدستور الذي طرحه الرئيس سعيّد في 30 يونيو/حزيران الماضي، قبل أن يعدله خلال الحملة في 9 يوليو الحالي.

ولم يفوّت سعيّد مناسبة رسمية أو لقاءً، منذ بداية الحملة، إلا تحدث عن الاستفتاء، دعوة للتصويت له بـ"نعم" أو تلميحاً عبر الحديث عن محاولات إرباك المسار، واستهداف منصات التسجيل الانتخابي ومحاولات الاختراق.

حذر الرئيس من استهداف المسار، خلال لقائه الأخير مع وزير الداخلية توفيق شرف الدين، الذي بحث معه محاولات اختراق الموقع الإلكتروني الخاص بتسجيل الناخبين، وسبل التصدي لها، واصفاً إياها بالمحاولة "اليائسة كالتي حدثت بمناسبة الاستشارة الوطنية لإدخال الفوضى والإرباك يوم الاستفتاء".

 ووفقاً لبيان الرئاسة، فقد فتح بحث عدلي بإذن من النيابة العمومية، وكشف حتى الآن عن 1700 ما بين هجوم إلكتروني واختراق، واستمعت الجهات الأمنية المختصة إلى 7 أشخاص، بانتظار الاستماع إلى كل من يكشف عنه البحث.

كان الرئيس سعيّد قد أكد، الاثنين، خلال لقائه رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر "ضرورة الانتباه إلى المحاولات المتعددة لاختراق عمليات التسجيل"، وشدد سعيّد على أن "ما حصل خلال الاستشارة الوطنية يجب ألّا يتكرّر في الاستفتاء"، وفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية.

وقال سعيّد: "الأمر يتعلق بمصير دولة وبمصير شعب، ولا مجال للتسامح مع مَن يريدون إفشال الاستفتاء بكل الطرق، لأنهم يهابون سيادة الشعب، ويهابون أن يعبّر عن رأيه بكلّ حرية".

وعلّق القيادي بحزب ائتلاف الكرامة (مقاطع للاستفتاء) منذر بن عطية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأنه "ليس بجديد على رئيس الجمهورية الهوس بالمؤامرات والأوهام بالغرف المظلمة والأطراف الخفية والأشباح، فهذا حديثه منذ توليه الرئاسة، وحتى بعد مسكه كل السلطات ما زال يتحدث عن المؤامرات وأن الفشل ليس منه بل من الآخرين، وهو نفس القرص المشروخ الذي كرره عند فشل الاستشارة الإلكترونية التي أقبل عليها 500 ألف فقط".

وبيّن عطية أن "هذه الاستشارة، التي لا تستجيب للمعايير العلمية، بلغت ذلك العدد بتكرار المشاركات لعشرات المرات، وبمشاركة مليشيات إلكترونية من أنصاره".

ورأى عطية أن الاستفتاء سيكون مصيره مصير الاستشارة نفسه في غياب عتبة نسبة حسم 50 + 1. لدينا رئيس وصل بـ3 ملايين ناخب، ويتحدث عن سحب الوكالة الممكن من النواب في المشروع الجديد (يقترح سعيّد أنه يمكن الناخبين سحب الوكالة من أي نائب في البرلمان)، لكن شعبيته انهارت في الاستشارة بمشاركة سدس من صوت له فقط، فيما 5/6 لم يشاركوا، وإذا "تكرر الأمر في الاستفتاء أو قاطع وعارض أكثر من 50 بالمائة من الناخبين أو أكثر، فعليه أن يحترم التونسيين ويستقيل من منصبه".

وقال: "هناك استباق لفشل الإقبال على غرار فشل الاستشارة، غير أن الاستفتاء لن يفشل بمقياسه هو، ففي جميع الحالات سيمرّ كما في كل الديكتاتوريات".

واستدرك عطية: "الأدهى أن مرسوم مشروع الدستور يتحدث في آخر فصوله أنه سيُعتمَد الدستور فور إعلان النتائج من قبل الهيئة ودون الحديث عن نتيجة التصويت عليه، ما يعني أنه ماضٍ في تفعيله مهما كانت النتائج".

وقالت القيادية بحزب النهضة، يمينة الزغلامي، في تعليق لـ"العربي الجديد"، إن تصريحات سعيّد تمهيد واستباق لتبرير ضعف المشاركة". وتابعت: "الأدهى عدم استشارة أهل الخبرة في الأمن السيبراني، لأن هذا الهجوم يعتبر ضئيلاً مقارنة بالهجمات المعروفة على مواقع الويب".

القيادي في حراك مواطنون ضد الانقلاب، رضا بلحاج، ذهب في صفحته على فيسبوك إلى أن سعيّد "يثير مؤامرة لتحشيد الناخبين للاستفتاء ولتبرير فشله"، وهي مؤامرة "جديدة اكتشفها في هيئة الانتخابات بمقولة اختراقات للموقع الإلكتروني المخصص لتسجيل الناخبين، وهي عملية استباقية لتبرير فشل الاستفتاء كما وقع بعد فشل ما يُسمى الاستشارة".

وقال متابعاً: "بالإضافة إلى العزوف المتوقع الآن، ومؤشراته عديدة، فإن عملية التسجيل الآلي للناخبين التي أدخلت أخيراً وتم بمقتضاها تسجيل أكثر من مليوني ناخب وإدماج الناخبين الذين سجلوا بطريقة إرادية سابقاً في تطبيقة جديدة أدخلت فوضى في قاعدة البيانات".

وشدد على أن "خطة قيس سعيّد كان هدفها توظيف الهيئة لتحشيد الناخبين نحو صندوق الاقتراع، إلا أنه يتأكد يوماً بعد يوم أنه يسير نحو فشل ذريع".

في مقابل ذلك، اعتبر المتحدث باسم حزب حركة الشعب (ستصوت بـ"نعم" للدستور)، القيادي أسامة عويدات، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هناك محاولات لإرباك الاستفتاء وللحيلولة دون إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور من خلال تصريحات قيادات المعارضة بدعوتهم الصريحة للقيام بأي شيء لمنع الاستفتاء وعدم الذهاب إليه".

وبيّن عضو المكتب السياسي لحركة الشعب، أن "ما يقومون به مفهوم، لأن هؤلاء نتاج لمنظومة كانوا متعيشين منها، وكانت سبباً في الإرهاب والتفقير والفساد والتسفير إلى بؤر التوتر وفي بيع وشراء الذمم".

وشدد عويدات على أنّ "من الطبيعي أن يدافع هؤلاء عن المنظومة السابقة ويعارضوا الاستفتاء الذي سيقطع نهائياً وإلى الأبد معهم، وسنذهب إلى بناء جديد ولن تجد الأحزاب المعارضة والمقاطعة مكاناً لنفسها بعد 25 يوليو المقبل".

حملة إسقاط الاستفتاء في تونس: تعديل مشروع الدستور استهتار بالقوانين

من جهتها، اعتبرت الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء في تونس أن تعديل مشروع الدستور بعد انطلاق الحملة الانتخابية يمثل استهتاراً بالقوانين وخرقاً حتى للمراسيم.

وأكدت الحملة (تتكون من خمسة أحزاب هي الجمهوري والتكتل والتيار الديمقراطي والقطب والعمال) في بيان لها اليوم الأربعاء أن "إدخال 46 إصلاحاً وتعديلاً على نسخة مشروع الدستور، دليل آخر على الطابع الشخصي والارتجالي"، مشيرة إلى أن المشروع "لم يراع فيه حتى مقترحات اللجنة التي كلفها صياغة دستور والتي تبرأ رئيسها (الصادق بلعيد) نفسه مما نشره قيس سعيّد".

وشددت الحملة على أن "تلك التعديلات كانت بمثابة المساحيق التي حاول من خلالها الحاكم بأمره تجميل دستور يؤسس للحكم الفردي ويمهد لعودة النظام الاستبدادي في تعارض تام مع مبادئ الدولة المدنية الديمقراطية وأركانها". 

واستنكرت الحملة "تواطؤ هيئة الانتخابات المنصبة وانخراطها في التغطية على هذه التجاوزات وصمتها عن تخلف صاحب المبادرة (الرئيس) عن نشر مذكرة تفسيرية للعموم كما يقتضيها القانون وغضّ النظر عن الأموال الهائلة التي تنفق في الدعاية لمشروعه بمختلف الوسائل الإشهارية وعلى منصات وشبكات التواصل الاجتماعي". 

وجددت الأحزاب "رفضها لمسار الانقلاب، وتدعو المواطنين إلى عدم الانخراط فيه ومقاطعة الاستفتاء المهزلة والتمسك بقيم المواطنة وخيار النظام الديمقراطي في وجه محاولات الرجوع بالبلاد إلى مربع الاستبداد الذي أسقطته ثورة الحرية والكرامة".

المساهمون