ماذا تعني هزيمة ماكرون البرلمانية لألمانيا والاتحاد الأوروبي؟

23 يونيو 2022
ماكرون ونظيره الألماني (Getty)
+ الخط -

بعد الهزيمة الانتخابية المريرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الانتخابات البرلمانية التي جرت الأحد الماضي، والتي حرمته من الأغلبية وأجبرته على إيجاد حلفاء من المعارضة لتنفيذ خططه الإصلاحية، بات من المتوقع أن تكون ظروف حكم ماكرون في ولايته الجديدة خلال السنوات الخمس المقبلة غير مستقرة، وهذا ما سيكون له أثر سلبي على الجارة الأقرب ألمانيا، أهم شريك لباريس في الاتحاد الأوروبي وصاحبة أقوى اقتصاد في القارة العجوز، ما قد ينسحب على أوروبا، لأنه عادة ما يكون الأداء الأوروبي جيدا عندما تكون فرنسا وألمانيا متوائمتين.

ومع إشارات الإنذار من فرنسا والتي ستشكل خطورة على الأوروببيين والغرب ككل على المدى المتوسط، من الواضح أن ماكرون بات مفروضا عليه التعامل مع تحالف يساري راديكالي بقيادة جان لوك ميلانشون ويميني متطرف بزعامة مارين لوبان، يرفض أوروبا القوية وعدائي في بعض الأحيان تجاه برلين، اعتبر الكاتب السياسي هوغو مولرـ فوغ في مقابلة مع "فوكوس أونلاين"، أن "هناك خشية من أن تصبح باريس كالبطة العرجاء في السياسة الخارجية، وغير قادرة على تحديد لهجتها تجاه أوروبا، وعليه أضحى على المستشار الألماني أولاف شولتز أن يكون الرقم واحد الجديد، بعدما كان ماكرون يتمتع بقدر كبير من الحرية في التعبير عن المواقف الأوروبية، سواء في ما خص العقوبات على روسيا أو دعم أوكرانيا وتسليمها الأسلحة لتعزيز قدراتها الدفاعية ضد روسيا".

في المقابل، اعتبر الباحث السياسي أوليفييه روكوان، في حديث للقناة الثانية في التلفزيون الألماني "زد دي أف"، ليل أول من أمس الإثنين، أن "العلاقات الألمانية الفرنسية لا يجب أن تتأثر بسبب تدهور الوضع السياسي لماكرون في فرنسا"، مبرزا أن "رؤساء الدول والحكومات في الاحاد الأوروبي، ولا سيما ماكرون وشولتز، يدركون أنه يجب عليهم العمل بشكل وثيق والالتزام بطروحات مشتركة في الوقت الحالي من أجل الدفاع عن مصالح أوروبا"، مفيدا بأنه سيتعين على ماكرون تبرير سياسته الخارجية أكثر في بلاده، وقد يكون لذلك تأثير على مواقف فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي.

ومن جهة ثانية، سيكون المطلوب منه، بحسب المتحدث ذاته، التركيز على القضايا الاجتماعية والبيئية وفي مجال الطاقة، متحدثا عن شرخ اجتماعي وإقليمي بين المدن والريف، وعن تراجع القدرة الشرائية والخوف من الفقر لدى الفرنسيين، مضيفًا: "على ماكرون تعلم كيفية التفاوض مع البرلمان الجديد، إذا كان يريد تنفيذ سياسته للدفع بالإصلاحات".

وفي سياق متصل ، وفي ما خص أوروبا والمصلحة الألمانية بوجود فرنسا قوية، اعتبر المتحدث باسم حزب الخضر الألماني في البرلمان الأوروبي سفين غيغولد، في مقابلة مع "دويتشلاند فونك"، أن "النقطة المهمة هي أن منطقة اليورو بحاجة ماسة إلى إصلاحات واستثمارات في إطار ميزانية أوروبية مشتركة، وتعاون قوي بين البرلمانات من أجل تعزيز أوروبا اجتماعيا، وهذه من شأنها أن تساعد ماكرون في فرنسا"، مبرزا أنه "يجب على الحكومة الألمانية ألا تمنح فرنسا الكتف البارد، واعتماد زخم لدعم الإصلاحات الأوروبية التي يطالب بها الرئيس الفرنسي، والتي تصب أيضا في نهاية المطاف في مصلحة ألمانيا".

وفي خضم ذلك، أبرزت "فولسبورغ ألغماينه تسايتونغ"، الثلاثاء، أن المثير للقلق أيضا حضور المتطرفين اليساريين مع ميلانشون "الذي يكره الألمان"، والمتطرفين اليمينيين مع لوبان، "والذين يغازلون الرئيس الروسي بوتين على الرغم من غزوه لأوكرانيا"، محذرة من أنه "إذا ما نما الشعبويون، كما حدث في السنوات الأخيرة، فسيصبحون بشكل جماعي أقوى قوة سياسية، وعلى الأقل أقوى قوة مناهضة للنظام، وهذا لن يكون مجرد انتصار متأخر لرئيس الكرملين، ولكن نهاية الاتحاد الأوروبي والصداقة الفرنسية الألمانية والغرب"، مشيرة إلى أنه "مع بداية العام 2025، يمكن أن يكون دونالد ترامب أو أحد أتباعه أيضا في البيت الأبيض مرة أخرى، وكل ذلك أمام التضخم في أميركا الذي وصل لمستويات قياسية، ناهيك عن أن جو بايدن مهدد بانتخابات التجديد النصفية للكونغرس في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

وتخلص الصحيفة إلى القول إن "التطورات في فرنسا والولايات المتحدة يجب أن تكون نداءات إيقاظ لأوروبا ونقطة تحول أساسية، ولا سيما القارة العجوز التي باتت بحاجة ماسة إلى قوة جديدة سياسيا وعسكريا واقتصاديا". من جهة ثانية، وبحسب "فوكوس أونلاين"، فإن "الاتحاد الأوروبي يواجه تحديات ضخمة، ويجب على وجه السرعة توسيع الاتحاد إلى اتحاد دفاعي، ومقاربة أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب في شرق أوروبا، ولا سيما أنه لا يمكن لأي دولة أوروبية التعامل مع هذا الواقع بمفردها، إضافة إلى الكفاح المشترك ضد تغير المناخ".

المساهمون