ماذا بعد غزوة الكونغرس؟

08 يناير 2021
أنصار ترامب لم يغادروا واشنطن ومستعدون للنزول للشارع مرة أخرى (Getty)
+ الخط -

 

لم تستفق واشنطن بعد من صدمة اجتياح أنصار الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمبنى الكونغرس الأربعاء وما رافقه من تخريب وتكسير وسقوط قتيل وجرحى. 

 ولا يبدو أن واشنطن قادرة على الاستفاقة من الصدمة قبل 20 يناير/كانون الثاني في أحسن الاحتمالات، والخشية كبيرة من تكرار شيء من هذا النوع في الداخل أو الخارج خلال الـ 13 يوماً المتبقية من رئاسة ترامب. وتتزايد الدعوات، ومن بينها أصوات جمهوريين، لاتخاذ الخطوة المناسبة لاختصار المدة المتبقية لترامب، وبسرعة قبل  وقوع " كارثة " أخرى.

ومن الخيارات المتاحة قانونياً، عزل الرئيس بموجب التعديل الدستوري الخامس والعشرين، والذي يقضي أن يبادر نائب الرئيس مايك بانس إلى تأليب غالبية أركان الإدارة ضد الرئيس على قاعدة أنه لم يعد قادراً على النهوض بمهامه، ثم إبلاغ الكونغرس بالأمر.

وتدفع رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي في هذا الاتجاه، لكن عقبتين تواجه هذا الخيار: صعوبة استقطاب أكثرية الإدارة وثانياً،عدم سهولة تأمين الثلثين في مجلسي الشيوخ والنواب لإقرار العزل. 

ومن البدائل الأخرى توجيه توبيخ إلى الرئيس من الكونغرس، أو محاكمته مرة ثانية أمام الكونغرس وإلا تأجيل الرد إلى ما بعد نهاية ولايته وملاحقته قضائياً، بسبب عملية أمس.

ومع أن هناك حالة تعاطف عام وتأييد واسعين لمثل هذه التوجهات، سواء في الكونغرس حيث انفض عنه معظم الجمهوريين، أو حتى في الإدارة التي تشهد استقالات بالجملة آخرها استقالة وزيرة المواصلات، إلا أن هناك تحذيرات في المقابل من مغبة المباشرة بإحدى هذه الخطوات لئلا تستفز الرئيس، الذي قد يرد بصب الزيت على نار الأزمة وتصعيدها وزيادة مخاطرها. 

لم يغادر أنصار ترامب واشنطن بعد، وهم  على أهبة الاستعداد للنزول إلى الشارع في أي لحظة

 

ولم يغادر أنصار ترامب واشنطن بعد، وهم  على أهبة الاستعداد للنزول إلى الشارع في أي لحظة، فضلاً عن أن هناك محاذير من احتمال قيامه بعملية خارجية وبالتحديد في الشرق الأوسط لقلب الطاولة وإرباك الوضع برمته.

والمؤكد أن هذا الحدث المزلزل شكّل نقطة تحوّل في التجربة الأميركية، فهو غير مسبوق إلا مرة واحدة في زمن حرب الاستقلال، حين اقتحمت القوات البريطانية العاصمة واشنطن سنة 1814 واضرمت النار في البيت الأبيض والكونغرس.

ومما زاد من الذهول والذعر أن العملية حصلت في وضح النهار وفي لحظة غاب فيها الأمن اللازم عن محيط المكان ومداخله ليبقى ساحة خالية وسائبة، مع أن توجه المتظاهرين إلى الكونغرس كان متوقعاً بعد أن دعاهم الرئيس ترامب في خطابه قبل ساعات للتوجه إلى هناك.

تقارير دولية
التحديثات الحية

وبذلك لم تكن العملية مفاجئة، ثم أنه سبقتها مقدمات تؤشر إلى أن الأمور تسير في هذا الاتجاه،  منها محاولة اختطاف حاكم ولاية ميشيغان عشية الانتخابات والتي تم احباطها في آخر لحظة .

وسبق لترامب أن وضع أنصاره في حالة تأهب، بانتظار اللحظة المناسبة للتحرك إذا ما جرت رياح الانتخابات ضده، وأثار كل ذلك الكثير من الشكوك والتخمينات غير الخالية من المبالغة وغير المستندة على أدلة، من بينها احتمال أن يكون قد وقع تقصير متعمد بنتيجة تواطؤ مع المتظاهرين، من قبل قوى الأمن الذين أخلوا المكان ومن دون الاستعانة بتعزيزات إضافية، مما فتح المجال لعدم استبعاد أي سيناريو. 

بدت الجهات المعنية متخبطة في تحديد المسئولية حيث الحقيقة مفقودة ناهيك عن المحاسبة

 

وبدت الجهات المعنية متخبطة في تحديد المسئولية حيث الحقيقة مفقودة ناهيك عن المحاسبة، والأمور معلّقة والمجهول سيد الساحة. وإذا كان ذلك يشي بشيء، فهو أن هذا الشطط الخطير يتعدى كونه ردة فعل غاضبة على نتائج انتخابات. 

المسألة تعبير عن خلل أعمق عرف ترامب كيف يوظفه طوال سنوات رئاسته وبعد خسارته في الانتخابات. صحيح أن النظام أثبت تماسكه كفاية وبما مكنّه من اجتياز الامتحان، لكنه في نفس الوقت كشف عن ما يكفي من إعطاب سمحت بتعريضه لمثل هذا التحدّي.