مؤسسات حزب الله المالية أهداف لإسرائيل.. ما هي "جمعية القرض الحسن"؟

21 أكتوبر 2024
الدخان يغطي ضاحية بيروت بعد ليلة من الغارات العنيفة، 21 أكتوبر 24 (محمد عبد الغني/رويترز)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شنت إسرائيل غارات على مؤسسات مالية تابعة لحزب الله في لبنان، مستهدفة فروع "القرض الحسن" في محاولة لفرض حصار على الحزب وقطع إمداداته المالية والعسكرية، وسط توتر متزايد عشية زيارة الوسيط الأميركي.

- جمعية "القرض الحسن" تُعرف كجمعية اجتماعية تقدم قروضاً بدون فوائد، وتعمل منذ 1983، لكنها تعرضت لهجمات سيبرانية وعقوبات أميركية بتهمة تمويل أنشطة حزب الله، وتقدم خدمات مالية متنوعة في ظل انهيار القطاع المصرفي اللبناني.

- استهدفت إسرائيل شخصيات بارزة في تمويل حزب الله، مثل محمد جعفر قصير، ضمن جهود لتعطيل الآليات المالية للحزب، بالتزامن مع عقوبات أميركية ومكافآت لمن يدلي بمعلومات تعطل مصادر دخل الحزب.

أدخلت إسرائيل أمس الأحد إلى "بنك أهدافها" في لبنان المؤسسات المالية التابعة لحزب الله، عبر شنّها سلسلة غارات عنيفة على فروع "القرض الحسن" في الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع والجنوب اللبناني، وذلك في تكرار أيضاً لسيناريو تدمير مراكز تابعة للجمعية في حرب يوليو/ تموز 2006. وتعمد إسرائيل إلى فرض حصار على حزب الله، وتزعم بذلك قطع جميع إمداداته سواء العسكرية أو المالية، من خلال ضربها أيضاً المعابر الحدودية، أبرزها المصنع الذي يصل لبنان بسورية، علماً أنه معبر رسميّ، وقد أدى الاستهداف إلى عرقلة حركة النازحين قسراً الذين تخطى عددهم الـ400 ألف، منذ بداية العدوان الموسّع في 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، ما اضطرّهم إلى الانتقال سيراً على الأقدام باتجاه الأراضي السورية.

ويأتي التوسّع الإسرائيلي بضرب مواقع جديدة لحزب الله، هذه المرّة، من الدائرة المالية، عشية الزيارة المرتقبة للوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين، التي يعتبرها لبنان "الفرصة الأميركية الأخيرة" لوقف العدوان، علماً أنّ التفاؤل يغيب عن نتائج الجولة، باعتبار أنها تحمل "شروطاً إسرائيلية" مرفوضة مسبقاً من حزب الله، أبرزها إدخال تعديلات على القرار الدولي 1701.

وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس الأحد، إن إسرائيل ستنفذ ضربات محدّدة على مواقع تابعة للذراع المالية لحزب الله في لبنان، وحث السكان على إخلاء المناطق القريبة من تلك المنشآت، الأمر الذي تُرجِم بنزوح مئات العائلات التي تقطن بالقرب من مراكز القرض الحسن في ساعات الليل، واتخذت من الشوارع مبيتاً لها. وذكر المتحدث أنّ "مؤسسة القرض الحسن تشارك في تمويل النشاطات الإرهابية لمنظمة حزب الله ضد إسرائيل".

في المقابل، اعتبرت أوساط حزب الله أن استهداف القرض الحسن هو "إفلاس عسكري للعدو بالتوازي مع إذلاله على الحدود، وضغط بالنار تمهيداً لزيارة الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين"، وهو ما عبّر عنه وزير العمل مصطفى بيرم، مؤكداً أنهم "سيخيبون جميعاً وسننتصر".

ما هي جمعية القرض الحسن؟

تُعرِّف "القرض الحسن" عن نفسها بأنّها جمعية اجتماعية خيرية لا تهدف للربح، وقد حازت على رخصة من وزارة الداخلية عام 1987، علماً أنّ عملها قبل القوننة بدأ عام 1983، ودورها الأساسي "تكافلي وتعاوني من أجل النهوض بالوضع الاجتماعي في لبنان". وبحسب الجمعية، فإنّ القرض الحسن ليست مصرفاً، لكنها تستقطب المساهمات من أهل الخير الميسورين، وتعطي قروضاً من دون فوائد للناس المحتاجين ولآجال ميسّرة، وهي تملك فروعاً تتخطى الثلاثين في مختلف المناطق اللبنانية، والمساهمون فيها من طوائف ومذاهب وجنسيات مختلفة.

وتقدّم الجمعية سنوياً مشروع الموازنة لوزارة الداخلية، ولكنها ليست مُدرَجة على لائحة المصارف في البنك المركزي، باعتبار أنها ليست مصرفاً، وأهدافها ليست ربحية تجارية، بينما هي تأتي في خانة الخيرية. وتعطي الجمعية قروضاً بالليرة اللبنانية بضمانة ذهب، وللمساعدة في شراء أو بناء سكن، وللمساعدة على الزواج، إضافة إلى قروض لتركيب نظام الطاقة الشمسية تصل إلى خمسة آلاف دولار، وغيرها من الخدمات.

وعام 2020، تعرّضت القرض الحسن إلى عملية قرصنة عبر اختراق حسابات كافة فروعها والحصول على تسجيلات للكاميرات المثبتة، وقد أطلقت مجموعة من القراصنة الإلكترونيين على نفسها اسم "سبايدرز" وعمدت إلى نشر لوائح بأسماء المقترضين والمودعين. وقالت الجمعية وقتها إنها تعرضت لهجوم سيبراني طاول معلومات جزئية ومحدودة، واضعة ما حصل في إطار الهجوم الاستخباراتي، وقد فتحت تحقيقاً بشأنه، معتبرة إياه مخطّطاً لإخافة الناس وابعاد المساهمين، خصوصاً في وقتٍ كانت تشكل فيه ملجأ لهؤلاء وللمحتاجين للقروض في ظلّ انهيار القطاع المصرفي في أواخر عام 2019، وفقدان المودعين ثقتهم بالبنوك.

وقال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله حينها إنّ الأميركيين وبعض اللؤماء من المؤسسات الإعلامية اللبنانية يشنّون هجمة على القرض الحسن بالقول إنها تموّل حزب الله وهي عُمدته، لكن الحزب يدعمها ويساعدها ويحميها، وهدف الجمعية خدمة الناس، معتبراً أن الهدف ترهيب المساهمين والكفلاء المشتركين، داعياً الناس إلى الردّ على الهجمة الأميركية بوضع أموالهم في الجمعية، مؤكداً أن "الجمعية لن تنهار وبلطوا البحر".

وفرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على "القرض الحسن" في عام 2007، وكذلك عام 2021، وطاولت وقتها موظفين في المؤسسة لاستخدامهم حسابات شخصية في بنوك لبنانية مرخصة لتحويل أكثر من 500 مليون دولار من الجمعية وإليها خلال العقد الماضي. كما كان برنامج مكافآت من أجل العدالة قد أعلن عن مكافأة بقيمة عشرة ملايين دولار أميركي مقابل الإدلاء بمعلومات تؤدي إلى تعطيل الآليات المالية لحزب الله، مشيراً إلى أن "حزب الله يحصل على ما يقرب من مليار دولار أميركي سنوياً من خلال الدعم المالي المباشر الذي يتلقاه من إيران، والأعمال والاستثمارات الدولية، وشبكات الجهات المانحة، وأعمال الفساد، وأنشطة غسل الأموال".

وطاولت المكافآت من يدلي بمعلومات من شأنها أن تؤدي إلى الكشف وتعطيل مصادر الدخل الأساسية أو آليات التيسير المالي الرئيسية لحزب الله، والجهات المانحة الرئيسية له والميسرين الماليين، والمؤسسات المالية ومكاتب الصرافة التي تيسر عن عمد معاملاته المهمة، والأعمال والاستثمارات التي يملكها حزب الله أو يديرها عليها، والشركات الصورية العاملة في مجال المشتريات الدولية للتكنولوجيا المزدوجة الاستخدام.

وسبق لإسرائيل أن وسّعت في الفترة الأخيرة استهدافاتها لمسؤولين عن مجال التمويل في حزب الله، منهم محمد جعفر قصير، قائد الوحدة 4400، الذي أعلن جيش الاحتلال في مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري عن "تصفيته"، وهو أيضاً موضوعاً على لائحة العقوبات الأميركية. ويُعتبر قصير بحسب الخزانة الأميركية "مصدراً هاماً للإنفاق المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني، الذي يتم استخدامه لتمويل أنشطة حزب الله. ويساعد في الإشراف على العديد من الشركات الوهمية المستخدمة لإخفاء دور فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني في بيع النفط والمستخلصات الأخرى".

كما سبق لإسرائيل في إبريل/ نيسان 2024، أن قتلت الصراف محمد سرور الوارد اسمه أيضاً على لائحة العقوبات الأميركية، وذلك في منطقة بيت مري - قضاء المتن اللبناني، وقد أعلن وقتها الإعلام الإسرائيلي عن قتله من قبل الموساد، وذلك بزعم تسهيل نقل أموال من إيران إلى حركة حماس. وقال حينها وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي إن المعطيات المتوافرة لدى السلطات اللبنانية تظهر أن الموساد الإسرائيلي يقف خلف مقتل سرور.