في ظل غياب روسيا.. مؤتمر سويسرا للسلام يدعو إلى "إشراك جميع الأطراف" لإنهاء الحرب في أوكرانيا

16 يونيو 2024
صورة تذكارية للمشاركين بمؤتمر سويسرا للسلام بأوكرانيا، 15 يونيو (مايكل بوهولزر/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في قمة دولية بسويسرا حول سلام أوكرانيا دون مشاركة روسيا، دعا البيان الختامي لوقف الحرب وإعادة الأطفال الأوكرانيين، لكن دول مثل الهند والسعودية والإمارات امتنعت عن التوقيع.
- البيان شدد على الامتناع عن استخدام القوة، الحفاظ على السلامة النووية، وأهمية الحوار لسلام شامل، مع رفض استخدام الأسلحة النووية.
- نائبة الرئيس الأميركي أعلنت عن مساعدات لأوكرانيا بأكثر من 1.5 مليار دولار، بينما روسيا لم تستبعد المحادثات لكن طالبت بضمانات لمصداقية المفاوضات.

دعت أول قمة دولية حول السلام في أوكرانيا والتي عقدت في غياب روسيا، إلى "إشراك جميع أطراف" النزاع بهدف وقف العمليات الحربية، بحسب البيان الختامي الذي صدر في نهاية القمة التي استمرت يومين في سويسرا، وأيدت فيه غالبية كبرى من المشاركين المئة دعوة إلى تبادل الجنود الأسرى لدى الجانبين المتحاربين وإعادة الأطفال الأوكرانيين الذين نقلتهم موسكو من أوكرانيا.

لكن البيان لم يحظ بدعم جميع المشاركين، وكانت الهند والسعودية والإمارات من أبرز الدول التي لم تدرج ضمن قائمة البلدان الداعمة التي عرضت على الشاشات خلال القمة. وجاء في البيان الختامي "نعتقد أن التوصل إلى السلام يتطلب مشاركة جميع الأطراف وحوارا بينها".

وكانت مسوَّدة البيان الختامي الصادر عن مؤتمر سويسرا للسلام في أوكرانيا قد أفادت بأن "الحرب المستمرة التي تشنها روسيا الاتحادية على أوكرانيا تواصل التسبب في معاناة إنسانية، ودمار واسع النطاق، وخلق أزمات ذات تداعيات على العالم". وجاء في المسودة التي نشرتها وكالة رويترز، أن القمة عُقدت من أجل تعزيز حوار رفيع المستوى حول مسارات نحو التوصل إلى سلام شامل وعادل ودائم لأوكرانيا على أساس القانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة.

وأكدت المسودة التزام الدول المشاركة الامتناع عن التهديد باستخدام القوة، أو استخدامها ضد سلامة أراضي أي دولة أو استقلالها السياسي، ومبادئ السيادة وسلامة أراضي جميع الدول، ومنها أوكرانيا. وأوضح مؤتمر سويسرا للسلام في أوكرانيا أن أي استخدام للطاقة النووية والمنشآت النووية يجب أن يكون آمناً ومحمياً وسليماً من الناحية البيئية.

وشددت على وجوب أن تعمل محطات الطاقة النووية الأوكرانية، ومنها محطة زابوريجيا، تحت السيطرة السيادية الكاملة لأوكرانيا، وبما يتماشى مع مبادئ الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحت إشرافها. وأضافت أن "أي تهديد أو استخدام للأسلحة النووية في سياق الحرب الجارية ضد أوكرانيا أمر غير مقبول".

وشددت مسوَّدة البيان الختامي على ضرورة "إطلاق سراح جميع أسرى الحرب من خلال التبادل الكامل، وإعادة جميع الأطفال الأوكرانيين الذين رُحِّلوا بشكل غير قانوني إلى روسيا، وجميع المدنيين الأوكرانيين الآخرين الذين احتُجِزوا بشكل غير قانوني". وعبّر الزعماء في المسوَّدة عن الاعتقاد "بأن التوصل إلى سلام يتطلب مشاركة جميع الأطراف والحوار فيما بينها". وأشارت المسوَّدة إلى أن "ميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك مبادئ احترام سلامة أراضي وسيادة جميع الدول، يمكن أن يشكل أساساً لتحقيق سلام شامل وعادل ودائم في أوكرانيا".

والتقى العشرات من قادة دول العالم السبت في مؤتمر سويسرا للسلام في أوكرانيا في منتجع بجبال الألب في مدينة لوسيرن، بحضور الرئيس فولوديمير زيلينسكي، غير أنه يُنظر إليها في غياب روسيا على أنها مجرد خطوة أولى في آلية طويلة. وأعرب زيلينسكي عند بدء القمة عن أمله في التوصل "إلى سلام عادل بأسرع وقت ممكن"، مؤكداً أن "كل ما سيُتَّفَق عليه سيكون جزءاً من عملية إعادة السلام الذي نحتاج إليه جميعاً". وقال: "سنرى التاريخ يتحقق خلال هذه القمة".

أوكرانيا: البيان الختامي متوازن

وتعليقاً على المسوَّدة، قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، إن مواقف كييف وُضعت في الاعتبار في صياغة البيان الختامي لقمة زعماء العالم المنعقدة لتحقيق السلام في أوكرانيا. وقال كوليبا للصحافيين: "النص متوازن. وتم الأخذ بعين الاعتبار كل المواقف التي تصر عليها أوكرانيا باعتبارها مبادئ".

ولمح كوليبا أيضاً إلى أن روسيا قد تشارك في قمة مستقبلية، لكنه رفض شرطَي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن تتخلى كييف عن أربعة أقاليم في أوكرانيا تسيطر عليها روسيا، وعن طموحاتها بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. وقال: "بالطبع نحن... نفهم تماماً أنه سيأتي وقت سيكون فيه من الضروري التحدث مع روسيا... لكن موقفنا واضح للغاية: لن نسمح لروسيا بالتحدث بلغة الإنذارات مثلما تتحدث الآن". وأشار كوليبا إلى أنه لم تُناقَش أي خطط سلام بديلة خلال المؤتمر الذي استمر يومين.

بوتين لا يستبعد المحادثات مع أوكرانيا

بالمقابل، نقلت وكالات أنباء روسية عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف اليوم الأحد قوله إن الرئيس فلاديمير بوتين لا يستبعد إجراء محادثات مع أوكرانيا لكن ستكون هناك حاجة إلى ضمانات من أجل مصداقية أي مفاوضات. واعتبر الكرملين الأحد أن أوكرانيا يجب أن "تفكر" في اقتراح السلام الذي طرحه الرئيس فلاديمير بوتين مؤخرا، لأن وضع قواتها على الجبهة "يزداد سوءا".

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف "إن دينامية الوضع الحالي على الجبهة تظهر لنا بشكل واضح أنه سيزداد سوءاً بالنسبة للأوكرانيين. ومن المرجح أن يفكر سياسي يضع مصالح الوطن فوق مصالحه ومصالح أسياده في مثل هذا الاقتراح" في إشارة إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. واقترح بوتين الجمعة وقف إطلاق النار والشروع في مفاوضات سلام مع أوكرانيا في حال سحبت قواتها من أربع مناطق تطالب بها موسكو وتخلت عن مسعاها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).

لكن أوكرانيا والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي رفضت هذه الشروط على الفور. وأكد بيسكوف الأحد أن الأمر ليس "إنذاراً نهائياً" بل "مبادرة سلام تأخذ في الاعتبار الوقائع على الأرض". وتأتي هذه التصريحات بعدما تعهد زيلينسكي تقديم اقتراحات سلام إلى روسيا ما أن تحظى بموافقة المجتمع الدولي، في إطار قمة حول السلام في أوكرانيا تستضيفها سويسرا في غياب روسيا.

السعودية والإمارات تحجمان عن دعم البيان

قالت الحكومة السويسرية اليوم الأحد إن السعودية والإمارات والهند وجنوب أفريقيا وتايلاند وإندونيسيا والمكسيك من بين الدول المشاركة في قمة من أجل السلام في أوكرانيا التي اختارت عدم التوقيع على البيان الختامي. وقالت سويسرا التي تستضيف القمة إن أكثر من 90 دولة شاركت في المحادثات وإن معظمها وقع على البيان، بحسب قائمة نشرها المنظمون السويسريون عند نهاية المحادثات. كما أن البرازيل المدرجة على قائمة الحضور بصفتها "مراقبا" لم يرد اسمها بين الدول الموقعة على البيان. 

مساعدات أميركية إضافية لأوكرانيا

وأعلنت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس خلال المؤتمر، تقديم مساعدات تزيد قيمتها على 1,5 مليار دولار مخصصة لقطاع الطاقة والشؤون الإنسانية والأمن المدني في أوكرانيا. وأوضحت هاريس أن المساعدات تشمل 500 مليون دولار من الأموال الإضافية لقطاع الطاقة. كذلك سيُعاد توجيه 324 مليون دولار من المساعدات التي أعلنتها بالفعل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، لتلبية احتياجات الطاقة العاجلة.

وقالت هاريس في بيان: "سيستخدم هذا التمويل لإصلاح منشآت الطاقة التي دمرتها الحرب وزيادة إنتاج الطاقة وتشجيع استثمارات القطاع الخاص وحماية البنى التحتية للطاقة". وتتضمن حزمة المساعدات الجديدة المقدمة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ووزارة الخارجية الأميركية كذلك 379 مليون دولار للمساعدات الإنسانية. وأضاف البيان أن هذه الأموال "ستسهم في تلبية الاحتياجات العاجلة للاجئين والنازحين والمجتمعات المتضررة من العدوان الروسي الوحشي على الشعب الأوكراني". وستمنح وزارة الخارجية مدعومة من الكونغرس، مبلغاً إضافياً قدره 300 مليون دولار يُخصص للأمن المدني الأوكراني.

من جهتها، أكدت الرئيسة السويسرية، فيولا أمهيرد، أن هناك تصوراً لمشاركة روسيا في مؤتمرات قمة مستقبلية حول أوكرانيا. وأضافت: "لن نكون قادرين على التفاوض أو حتى إعلان السلام لأوكرانيا هنا في بورغنستوك، لكننا نرغب في استلهام عملية تؤدي إلى سلام عادل ودائم، ونرغب في اتخاذ خطوات ملموسة في هذا الاتجاه". وتابعت: "يمكننا تمهيد الطريق لإجراء محادثات مباشرة بين الأطراف المتحاربة، وهذا ما نحن هنا من أجله".

لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ندد في خطاب شديد اللهجة الجمعة بالقمة، وطالب كييف بالاستسلام قبل أي مفاوضات سلام فعلية. وفي السياق، رفضت رئيسة الوزراء الايطالية جورجيا ميلوني، السبت، اقتراحات بوتين للتفاوض حول السلام في أوكرانيا، معتبرة أنها بمثابة "دعاية". وقالت ميلوني بتهكم خلال المؤتمر الصحافي الختامي لقمة مجموعة السبع في جنوب إيطاليا: "أن نقول لأوكرانيا إن عليها الانسحاب من أوكرانيا لا يبدو لي أمراً فاعلاً كاقتراح تفاوض". وأضافت: "يبدو الأمر أشبه بمبادرة دعائية".

جدول أعمال مؤتمر سويسرا للسلام في أوكرانيا اليوم

ويناقش المجتمعون بالتفصيل ضمن مجموعات عمل ثلاثة مواضيع، هي: السلامة النووية، وحرية الملاحة والأمن الغذائي، ومسائل إنسانية. وستنظر مجموعات العمل في مسألة الشحن في البحر الأسود، وأسرى الحرب، والمعتقلين المدنيين والأطفال المرحّلين. ويُرتقب عقد قمة ثانية، وقال رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية أندري يرماك الثلاثاء، إن كييف تأمل أن تحضرها روسيا وتتسلم "خطة مشتركة" يقدمها المشاركون الآخرون.

ويأتي مؤتمر سويسرا للسلام في أوكرانيا مباشرة بعد قمة مجموعة السبع، التي وافقت فيها الدول السبع الغنية على تقديم قرض جديد بقيمة 50 مليار دولار لأوكرانيا، باستخدام الأرباح من الفوائد على الأصول الروسية المجمدة. وعلى هامش قمة السبع وقع زيلينسكي والرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، اتفاقاً أمنياً مدته 10 سنوات تتعهد الولايات المتحدة بموجبه بتعزيز الجيش الأوكراني، والتعاون في مجال التدريب والعمل، لتقوية صناعة الأسلحة الأوكرانية المحلية. وقال زيلينسكي إن الاتفاق يمهد لانضمام بلاده إلى حلف شمال الأطلسي. والجمعة، اتفقت الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي "من حيث المبدأ" على بدء مفاوضات انضمام أوكرانيا إلى التكتل.

روسيا تسيطر على قرية في جنوب أوكرانيا

إلى ذلك، أعلنت روسيا الأحد السيطرة على قرية جديدة في جنوب أوكرانيا، في إطار مواصلة تقدمها البطيء على الجبهة في مواجهة قوات أوكرانية تعاني نقصا في العديد والعتاد. وقالت وزارة الدفاع الروسية في تقريرها اليومي إن "وحدات تابعة لمجموعة قوات الشرق حررت قرية زاغيرني في منطقة زابوريجيا، واحتلت مواقع أكثر ملاءمة".

(رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون