من "مؤتمر القدس" في القاهرة: السيسي يدعو إسرائيل للاندماج والتعايش مع شعوب المنطقة

12 فبراير 2023
شارك السيسي وعباس وعبد الله الثاني في مؤتمر القدس في القاهرة (Getty)
+ الخط -

وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد، دعوة من مؤتمر "دعم القدس"، في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، إلى "حكومة وشعب" دولة الاحتلال الإسرائيلي، لـ"الاندماج والتعايش" بين شعوب المنطقة.

وقال السيسي، خلال كلمة له في المؤتمر، إنه "يتوجه إلى إسرائيل حكومة وشعباً بالقول إنه حان الوقت لتكريس ثقافة السلام والتعايش، بل والاندماج بين شعوب المنطقة. وأنه لهذا الغرض، فقد مددنا أيدينا بالمبادرة العربية للسلام التي تضمن تحقيق ذلك وفقاً لسياق عادل وشامل. فدعونا نضعها معاً موضع التنفيذ، ولنطو صفحة الآلام من أجل الأجيال القادمة، الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء".

وشارك كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والفلسطيني محمود عباس وملك الأردن عبد الله الثاني، اليوم الأحد، في فعاليات مؤتمر "دعم القدس" رفيع المستوى، الذي عُقد في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، بحضور أحمد أبو الغيط، أمين عام جامعة الدول العربية، إلى جانب عدد من الوفود رفيعة المستوى من الدول الأعضاء في الجامعة.

وقال السيسي في كلمته أمام المؤتمر: "أتواجد معكم اليوم في جامعة الدول العربية، بيت العرب، لنؤكد معاً دعمنا لصمود القدس، عصب القضية الفلسطينية، والقلب النابض للدولة الفلسطينية".

وأضاف: "لقد اختص القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة المحورية، وكما لم يختص مدينة من قبل، الوضع القانوني لمدينة القدس، بدءاً من تأكيد مجلس الأمن أنه لا يجوز الاستيلاء على الأرض بالقوة، وأن جميع الإجراءات التشريعية والإدارية التي اتخذت من قبل إسرائيل باعتبارها قوة احتلال، والتي يمكن أن تغير من معالم أو وضع المدينة المقدسة، ليست لها صلاحية قانونية، وتمثل انتهاكاً صارخاً لاتفاقية جنيف الرابعة".

وأردف قائلاً: "كذلك تأكيد مجلس الأمن عدم اعترافه بأية تغييرات على خطوط الرابع من يونيو لعام 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس، إلا ما يتم الاتفاق عليه بالتفاوض".

وجدد السيسي "تأكيد مصر موقفها الثابت إزاء رفض وإدانة أية إجراءات إسرائيلية لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم لمدينة القدس ومقدساتها، والوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، بما في ذلك المسجد الأقصى بكامل مساحته باعتباره مكان عبادة خالصاً للمسلمين".

وقال إن مصر "تعيد التحذير من العواقب الوخيمة التي قد تترتب على الإخلال بذلك، أو على محاولة استباق أو فرض أمر واقع يؤثر سلباً على أفق مفاوضات الوضع النهائي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي".

وذكر أن "مصر بادرت منذ أكثر من أربعة عقود بمد يد السلام لإسرائيل، سلام قائم على العدل، وعلى أساس العمل على التوصل إلى تسوية شاملة وعادلة، تعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، بما في ذلك إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967. وأؤكد هنا أن عاصمة الدولة التي يرتضيها ويتطلع إليها الشعب الفلسطيني والشعوب العربية ستظل هي القدس الشرقية".

كما عبر عن أسفه "من أن يأتي اجتماعنا اليوم على خلفية ظروف طارئة ومتأزمة تواجه القضية الفلسطينية، وظروف تهدد الأمن الإقليمي، وتهدد مفهوم التعايش بين شعوب المنطقة، المفهوم الذي سعينا لتكريسه عبر السنوات الماضية، حيث تستمر الإجراءات أحادية الجانب المخالفة للشرعية الدولية، من استيطان وهدم للمنازل، وتهجير ومصادرة الأراضي، وعمليات تهويد ممنهجة للقدس، واقتحامات غير شرعية للمسجد الأقصى، فضلاً عن الاقتحامات المستمرة للمدن الفلسطينية على نحو يزيد الاحتقان على الأرض ويهدد بانفلات الأوضاع الأمنية".

واستطرد قائلاً: "كما يزيد من الأسف أن كل ما تقدم إنما يعوق حل الدولتين. ويضع الطرفين، والشرق الأوسط بأكمله، أمام خيارات صعبة وخطيرة".

وتابع: "لذلك، فإنني أغتنم هذه المناسبة لتجديد دعوتي للمجتمع الدولي وشركاء السلام لضرورة العمل معاً على إنفاذ حل الدولتين، وتهيئة الظروف الملائمة لاستئناف عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل، باعتباره حجر الزاوية لتطلعات شعوب المنطقة لتحقيق الأمن الإقليمي والاستقرار والتعايش السلمي. كما أدعو الأطراف الدولية لعدم الاستسلام للجمود السياسي، الذي يتراكم مع الزمن ويزيد من تعقيد التسوية في المستقبل".

وختم الرئيس المصري قائلاً: "أختتم كلمتي برسالتين، في الأولى أقول للشعب الفلسطيني في كافة بقاع الأرض: نعم لقد طالت معاناتكم وتأخرت حقوقكم، وزادت أزمات المنطقة، إلا أن قضيتكم ما زالت أولوية لدى مصر والعرب، وتظل مكوناً رئيسياً لعملنا المشترك، وجزءاً لا يتجزأ في وجدان الشخصية العربية. وإلى أن يتحقق طموحكم المشروع بإقامة دولتكم بعاصمتها القدس الشرقية، فإننا نظل داعمين لصمودكم بالقدس وبجميع أركان فلسطين".

وأضاف: "أما الرسالة الثانية، فأتوجه بها لإسرائيل حكومة وشعباً وأقول: لقد حان الوقت لتكريس ثقافة السلام والتعايش، بل والاندماج بين شعوب المنطقة، وإنه لهذا الغرض، فقد مددنا أيدينا بالمبادرة العربية للسلام".

عباس: نطالب باستصدار قرار يؤكد حل الدولتين

من جهته، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن "دعم القدس وتعزيز صمود المرابطين فيها وفي أكنافها واجب ديني وضرورة إنسانية ووطنية لا بد من أدائها"، مشدداً على أن "القدس بحاجة إلى أمتيها العربية والإسلامية، وإلى من يشد إليها الرحال لكي يشارك أهلها رباطهم المقدس، ولو أيامًا أو حتى ساعات".

وأكد أبو مازن في مؤتمر "دعم القدس": "سنظل متمسكين بثوابتنا الوطنية، مدافعين عن حقوقنا، مهما كانت الظروف، وسنتصدى بكل ما نملك من إرادة وقوة لمخططات الحكومة الإسرائيلية الأكثر عنصرية وتطرفاً، التي تستهدف المسجد الأقصى ومقدساتنا كافة".

وأشار إلى أن دولة فلسطين "ستتوجه في الأيام القليلة المقبلة إلى الأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة، لنطالب باستصدار قرار يؤكد حماية حل الدولتين من خلال منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ووقف الأعمال الأحادية، وعلى رأسها الاستيطان، والالتزام بالاتفاقيات الموقعة وقرارات الشرعية الدولية، والدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام". كما شدد على أن "فلسطين تحتفظ بحقها، بل ستواصل الذهاب إلى المحاكم والمنظمات الدولية حماية لحقوق شعبنا المشروعة".

 

وقال الرئيس الفلسطيني: "تعرضنا في الماضي- وما زلنا- لأكبر عملية تزوير لتاريخنا، وقالوا إنها "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، لكن حقيقة الأمر أنهم أرادوها أن تصبح أرضًا بلا شعب عبر تهجير شعبها من خلال الجرائم والمذابح التي ارتكبوها بحق شعبنا".

عاهل الأردن: لن تنعم منطقتنا بالسلام وقضية فلسطين تراوح مكانها

بدوره، قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إنه "لا يمكن لمنطقتنا أن تنعم بالسلام والاستقرار والازدهار والقضية الفلسطينية تراوح مكانها"، مبيناً أن "القضية الفلسطينية ستبقى في مقدمة أولويات القضايا العربية".

وأكد الملك عبد الله الثاني في كلمته "ضرورة توحيد الجهود العربية لدعم صمود الأشقاء الفلسطينيين على أرضهم". وشدد على أن "الحفاظ على فرص السلام على أساس حل الدولتين يتطلب وقف كل الانتهاكات الإسرائيلية والاقتحامات للمسجد الأقصى".

وحذر العاهل الأردني من "محاولات التقسيم الزماني والمكاني التي تعيق فرص تحقيق السلام المنشود"، مبيناً أن "أية محاولة للمساس بالوضع التاريخي والقانوني القائم، ستكون لها انعكاسات سلبية على أمن واستقرار المنطقة بأكملها".

وجدد الملك عبد الله الثاني التأكيد على "وقوف الأردن إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين" قائلاً: "نطالب المجتمع الدولي بتلبية حقوقهم العادلة والمشروعة، بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".

وأكد الملك عبد الله أن الأردن "مستمر في بذل كل الجهود لحماية ورعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ومواصلة مشاريع الصيانة والإعمار في المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، انطلاقاً من الوصاية الهاشمية عليها، للحفاظ على هوية المدينة المقدسة وعروبتها، وتثبيت صمود المقدسيين، وحماية حقوق المسلمين والمسيحيين في ممارسة شعائرهم الدينية".

وتابع: "هذا عهد الرسالة النبوية الهاشمية، كما ورثناه عن جدي الشريف الحسين بن علي، حين لبى نداء أبناء فلسطين، قبل أكثر من مئة عام". وأضاف أنه "في إطار هذه المسؤولية التاريخية، فإننا في المملكة الأردنية الهاشمية نقف إلى جانب إخواننا وأخواتنا المسيحيين في القدس في الحفاظ على كنائسهم وتصديهم للانتهاكات والاعتداءات عليها، ونؤكد التزامنا بالعهدة العمرية، التي حفظت الوئام والعيش المشترك في القدس منذ أكثر من ألف وأربعمئة عام".