استمع إلى الملخص
- **التحديات الأمنية والتظاهرات**: المؤتمر يواجه تحديات أمنية مشددة وتظاهرات متضامنة مع غزة، وسط محاولات لتعزيز مكانة هاريس كمرشحة ديناميكية.
- **استراتيجية الحزب الديمقراطي**: يركز المؤتمر على كسب أصوات المترددين وتعزيز وحدة الحزب خلف هاريس، مع التركيز على قضايا الاقتصاد والهجرة ومعارضة معاداة السامية.
ينعقد مؤتمر الحزب الديمقراطي الأميركي، الذي يبدأ فعالياته اليوم الاثنين في مدينة شيكاغو بولاية إيلينوي (وسط غرب)، لتسمية مرشح الحزب لانتخابات الرئاسة الأميركية هذا العام، بأجندة وبرنامج لم يكونا قبل حوالي شهرين، في بال أي من المنظمين، حين كان الرئيس جو بايدن، لا يزال مرشحاً لولاية ثانية، ويتحضر لاعتلاء منصة مؤتمر الديمقراطيين العام، لاستعادة "إنجازات" عهده، وقبول تسمية الحزب رسمياً بصفته مرشحه للرئاسة مرة ثانية. عوضاً عن ذلك، يفتتح مؤتمر الديمقراطيين اليوم، أعماله، بمرشحة جاهزة لقبول التسمية، وهي نائبة بايدن، كامالا هاريس، التي تدخل التاريخ بصفتها أول امرأة ملونة (من أصول آسيوية ـ أفريقية)، تحصل على تسمية أيّ من الحزبين الرئيسيين في البلاد، الديمقراطي والجمهوري، رسمياً، بصفتها مرشحته للرئاسة. وفي ذلك أقلّه، احتفالية للحزب، الذي يتحضر لتحويل مؤتمره إلى مناسبة كان يفترض أن تكون رتيبة، قد تنجح في تعويم هاريس، وقلب الطاولة على الحزب الجمهوري ومرشحه الرئيس السابق دونالد ترامب.
وبخلاف التظاهرات التي يستعد لها المتضامنون مع غزة، في شيكاغو، وفي محيط مقر مؤتمر الديمقراطيين الذي عزّز بإجراءات أمنية صارمة، خصوصاً بعد محاولة الاغتيال التي تعرّض لها ترامب الشهر الماضي في ولاية بنسلفانيا (شمال شرق)، فإن كل الأمور حتى الآن تسير على ما يرام في ما يخص الحزب الأزرق، والذي يقيم مؤتمره العام، بمرشحة أصغر سنّاً من بايدن وترامب، وتمكنت منذ إعلان ترشحها للرئاسة في 22 يوليو/تموز الماضي، من حصد أصداء ممتازة داخل القاعدة الحزبية وحول العالم، وذلك في فترة قصيرة أثبتت فيها نفسها مرشحةً جدّيةً للرئاسة، بعدما ظلّت طوال ثلاث سنوات ونصف السنة من عهد بايدن، نائبة رئيس "متواضعة" في استطلاعات الرأي.
يستعد المتضامنون مع غزة، للخروج في تظاهرات في شيكاغو، وفي محيط مقر المؤتمر
تحول مفاجئ في مؤتمر الديمقراطيين
ويأتي هذا التحول المفاجئ في شعبية هاريس، التي تصعد في الاستطلاعات الرئاسية على المستوى الوطني، بمواجهة ترامب، ليظلّل مؤتمر الديمقراطيين العام، ويمنحه الأمل في البقاء في البيت الأبيض، لسنوات أربع مقبلة، وحماية أجندة بايدن، غير المكتملة. كما يمنح مؤتمر الديمقراطيين الحزب، فرصة لالتقاط الأنفاس، بعد أشهر عصيبة، كان فيها بايدن قد استنفد كل طاقاته لإقناع الأميركيين بقدرته على البقاء رئيساً، في ظلّ تراجع مقدراته الصحية، وتشكيك نصف الأميركيين على الأقل بقدراته الذهنية. ويحضر بايدن، المؤتمر، ومعه حفنة من الرؤساء الأميركيين السابقين، وهو لا يزال يشعر بصدمة تخليهم عنه ربما، حين لمّح بعضهم ومعهم شخصيات ديمقراطية قيادية في مجلس النواب الأميركي، إلى ضرورة ضخّ دم جديد في موقع الرئاسة، وترشيح اسم بإمكانه إلحاق الهزيمة بترامب.
وتستعد هاريس، اليوم، للمؤتمر الذي ستُجسّد فيه هذا "الدم الجديد" في الحزب الراغب في البقاء في البيت الأبيض، واستعادة مجلس النواب من قبضة الجمهوريين، والحفاظ على أكثريته وتعزيزها في مجلس الشيوخ. ومن هذا المنطلق، سيكون المؤتمر "تاريخياً"، في حين لم تخرج بعد الكثير من بنود برنامجه السياسي إلى العلن، علماً أن موضوعين شائكين، يخيّمان على حملة هاريس الرئاسية، وهما الاقتصاد والهجرة غير النظامية، واللذان يتفوق فيهما ترامب عليها، لجهة إقناع الناخبين بسياساته.
وسيكون على الحزب أيضاً، أن يسوّق لمرشحة سيّدة وملونة، وهي المرة الأولى في تاريخ الحزب، علماً أن أي سيّدة لم تتبوأ بعد منصب رئيسة أميركا، رغم أن نسبة كبيرة من الأميركيين، يرون أن بإمكان النساء إدارة البيت الأبيض، وتحمل ضغوط الرئاسة، وفق استطلاع رأي أجراه معهد بيو في سبتمبر/أيلول 2023، بل إن 27% من الأميركيين رأوا في الاستطلاع ذاته، أن النساء قد يبلين بلاء أفضل من الرجال، في منصب الرئاسة الأميركية.
وإذا كان الأميركيون لا يميّزون في موقع الرئاسة، على أساس جندري، إلا أن الجمهوريين وترامب تحديداً، يصوّبون على هاريس، كونها مرشحة "سوداء"، إذ إن والدها جامايكي ـ أفريقي، فيما والدتها من الهند. هذا التصويب، قد يكون حافزاً إلى التفاف الأقليات حول هاريس، وهو ما سيسعى مؤتمر الحزب العام إلى تظهيره، فضلاً عن تظهير معارضته الشديدة لمعاداة السامية، وهو الاتهام الآخر الذي يوجهه ترامب إلى الحزب ومرشحته، التي دعت إسرائيل إلى إنهاء معاناة الفلسطينيين في غزة، وتقليل عدد الضحايا هناك من المدنيين. وسيخدم هاريس في هذا الإطار، زوجها دوغلاس إيمهوف، الأميركي اليهودي، والذي سيلقي كلمة خلال المؤتمر، بعدما مثّل الولايات المتحدة أخيراً في اختتام الألعاب الأولمبية في باريس، حيث استغل رحلته للقيام بعدد من الفعاليات للتحذير من معاداة السامية ومخاطرها في العاصمة الفرنسية.
حصلت هاريس على 49% مقابل 45% لترامب في استطلاع جديد
كما تأمل هاريس بالفوز بثقة الأميركيين من الطبقة الوسطى، والبيضاء، بعدما رشّحت حاكم ولاية مينيسوتا، والمدرس السابق، تيم وولز، لمنصب نائب الرئيس. وستتسلم هاريس، في المؤتمر، الشعلة من بايدن، كما ستحظى بإشادة من الرئيس الأسبق باراك أوباما، ومن آل كلينتون، بيل وهيلاري، اللذين سيحضران المؤتمر، وذلك بحضور عدد من المشاهير أيضاً. وسيلقي بايدن كلمته في اليوم الأول من المؤتمر، اليوم الاثنين، على أن تلقي هاريس خطاب قبولها الترشيح، في اليوم الأخير، الخميس المقبل.
كسب أصوات المترددين
ويأمل الديمقراطيون من وراء المؤتمر، بحسب صحيفة واشنطن بوست، كسب أصوات ملايين الأميركيين المترددين، وذلك عبر البناء على "اللحظة"، مع ترشيح هاريس واستبعاد بايدن، و"دوزنة" هجماتهم على ترامب، بطريقة تدعم هاريس وولز في عيون المترددين. كما يرغبون في إقناع الأميركيين، بأهمية التوحد، خلف مرشحة الحزب، في وجه ترامب، وإمكانية عودته إلى البيت الأبيض، حيث من المفترض أن يستعيدوا ما يرون فيه مخاطر لولاية رئاسية ثانية للرئيس الجمهوري السابق، مع إعادة التذكير باقتحام أنصار الأخير مقر الكونغرس في يناير/كانون الثاني 2021، فضلاً عن أجندة ترامب المتطرفة في ما يتعلق بالهجرة والمناخ وحقوق المرأة والمثليين.
وقال مايكل تايلير، مدير حملة هاريس، للصحيفة، إن مساعديها يخططون لاستغلال المؤتمر، لتقديم هاريس إلى الجمهور الواسع، وتظهير الفارق بينها وبين ترامب. وأقرّ تايلير بأن المهمة ليست سهلة، وقال حول ذلك: "ننظر إلى استطلاعات الرأي ويبدو بوضوح، أن الأمور حتى الآن تسير سيراً جيّداً. ولكن هناك دائماً هامش الخطأ، ونحن نعلم أن الأمر يتعلق ببضع عشرات الآلاف من الأصوات (في إشارة إلى الأصوات التي يفوز بها مرشح والتي يحتاج إليها في الولايات المتأرجحة)".
تقع على عاتق هاريس مهمة دقيقة، تقوم على الإشادة بإنجازات عهد بايدن، ولكن النأي بنفسها عن أخطاء ولايته
وبحسب الصحيفة، ستقع على عاتق هاريس مهمة دقيقة، تقوم على الإشادة بإنجازات عهد بايدن، ولكن النأي بنفسها عن أخطاء ولايته، أو ما يمكن اعتبارها "النقاط السلبية" في عهده. علماً أن من هذه النقاط السلبية، قضية تدفق المهاجرين غير النظاميين عبر الحدود البرّية مع المكسيك، وهو ملف كان بايدن أوكله إلى هاريس نفسها، ومسألة التضخم التي تعود إلى الواجهة اليوم، فضلاً عن الدعم الأميركي اللامحدود في عهد بايدن، لإسرائيل، التي تشنّ منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حرب إبادة في غزة، ألّبت الأميركيين العرب والمسلمين ضد الحزب الديمقراطي.
وتقدمت هاريس على ترامب، أخيراً، في عدد من استطلاعات الرأي، بعدما كان بايدن يترنح كثيراً خلفه. وفي استطلاع رأي جديد أعدته شبكة آي بي سي وصحيفة واشنطن بوست وشركة إيبسوس، تتقدم هاريس على الرئيس الجمهوري السابق، بـ4 نقاط، بحصولها على 49%، مقابل 45% لترامب. وإذا كان هناك مرشح ثالث، فإن المرشحة الديمقراطية ستحصل وفق الاستطلاع على 47% مقابل 44% لمنافسها. وفي آخر استطلاع مشترك للمؤسسات الثلاث، قبل انسحاب بايدن من السباق، كان ترامب قد حصل على 43% من الأصوات، مقابل 42% لبايدن، في حين حصل روبرت أف كينيدي على 9%.