مأساة الموصل تتكشف: 35 ألف ضحية من المدنيين

09 اغسطس 2017
لا تزال أعمال انتشال الجثث مستمرة (صافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -
بعد مرور أربعة أسابيع على إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تحرير مدينة الموصل شمال العراق ورفع العلم العراقي فوق مبانيها، لا تزال عمليات انتشال جثث الضحايا مستمرة، مع ارتفاع أعدادهم بشكل كبير. وكشف مسؤولون عراقيون لـ"العربي الجديد" أن عدد الضحايا من المدنيين قد يرتفع إلى نحو 35 ألف مدني بين قتيل وجريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، سقطوا خلال القصف الجوي للتحالف الدولي والطيران العراقي والقصف الصاروخي المتبادل بين تنظيم "داعش" والقوات العراقية، خلال المعركة التي استمرت لأكثر من تسعة أشهر في ساحلي الموصل، قبل استعادة بغداد السيطرة على المدينة وطرد مسلحي التنظيم منها.

وكشف مسؤول عراقي في وزارة الدفاع في بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن أكثر من 20 ألف مدني قُتلوا في الموصل وحدها، وهناك نحو ألفين في عداد المفقودين، كما يتواجد نحو 15 ألف جريح في مستشفيات كردستان وبغداد وإسطنبول، فضلاً عن مستشفيات ميدانية إيطالية وأخرى ألمانية تشرف عليها لجان من الصليب الأحمر.
وبحسب المسؤول ذاته، فإن من مجموع الضحايا الذين قُتلوا، هناك أكثر من 9 آلاف طفل دون سن الخامسة عشرة، مشيراً إلى تخصيص ثلاث مقابر لهم خارج المدينة يتم نقلهم إليها بعد توثيق هوياتهم واستصدار شهادات وفاة لهم، فيما يتم تدوين سبب الوفاة بـ"أعمال إرهابية" في كل الحالات، من دون الإشارة إلى أنهم قضوا بالقصف الجوي أو بعبارة "أخطاء عسكرية".

من جهته، قال محمد عبد الستار الحمداني، مسؤول الفريق الثالث في قوات الدفاع المدني التي تعمل ضمن المدينة القديمة في الموصل، إنه تم انتشال 839 جثة جديدة من أحياء متفرقة في الموصل خلال الأيام الثلاثة الماضية تم التعرف على غالبيتها وهم لمدنيين من سكان الموصل.
وأوضح الحمداني في حديث لـ"العربي الجديد" أن "بعض الجثث دهستها الجرافات الكبيرة خلال إزالة الأنقاض، والسبب بذلك يعود إلى جهل المتطوعين بالطريقة الصحيحة للبحث عن البشر تحت الأنقاض"، مضيفاً: "نعتقد أنه ما زال هناك ما لا يقل عن 3 آلاف جثة تحت الأنقاض، خصوصاً في الجانب الغربي للمدينة القديمة، إذ إن حيي باب الطوب ورجم حديد قد سُوّيا بالأرض تماماً ولم يخرج منهما حي".


أما المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي، فرفض الإجابة على سؤال لـ"العربي الجديد" حول سبب تكتّم الحكومة وامتناعها عن الإدلاء بأي تعليق حول العدد الكبير للضحايا في الموصل وما إذا قررت فتح تحقيق بذلك أم لا.
وحول ذلك، قال محافظ الموصل السابق وقائد قوات حرس نينوى أثيل النجيفي، لـ"العربي الجديد"، إن "العدد الذي وصلنا إليه مخيف جداً"، مضيفاً: "الموصل دُمرت بالكامل وما زالت هناك جثث كثيرة تحت الأنقاض، وكان هناك إفراط كبير في استخدام القوة أثناء تحرير الموصل".
وعن سبب امتناع الحكومة العراقية عن التعليق، اعتبر أن "الموضوع كبير وصعب جداً على جهة واحدة أن تتبناه"، مضيفاً: "الآن ليس لدينا إلا أن نلملم جراحنا، فليس بيدنا الكثير سوى العمل على حماية من تبقّى على قيد الحياة وألا نسمح أن تتحول الموصل إلى ساحة صراع مستقبلية وتعارك بين أجندات تتقاتل على أرضها، واعتقد أن الوضع خطير في هذا الإطار".

من جهته، قال النائب في البرلمان العراقي عن مدينة الموصل فارس السنجري، لـ"العربي الجديد"، إنه "ما زال هناك الكثير من الضحايا تحت الأنقاض والعدد غير نهائي، وكان من الممكن إنقاذ الكثير منهم لكن بطء الإجراءات أحالهم إلى جثث تحت سقوف منازلهم"، مضيفاً: "كما كان هناك تحالف دولي لمحاربة عصابات داعش، يجب أن يكون هناك تحالف دولي إنساني لدعم مدن العراق المحررة، لأن البنى التحتية في الموصل دُمرت بالكامل".

أما القيادي في تحالف "القوى الوطنية" النائب محمد نوري العبد ربه، فأشار في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن المناطق القديمة هي التي تضررت بشكل كبير ولا زالت هناك الكثير من العائلات تحت الأنقاض لأن الجهات المدنية كالدفاع المدني وباقي الوزارات ليست لديها الكوادر الكافية لانتشال الأعداد الكبيرة من الجثث الموجودة تحت الأنقاض، ولا زالت عمليات البحث مستمرة عن العائلات الموجودة تحت الأنقاض. ولفت إلى أنه "تم يوم الإثنين العثور على عائلة لا زال أفرادها على قيد الحياة، بقوا تحت الأنقاض 21 يوماً منذ انتهاء العمليات، وتبيّن أنهم كانت يختبئون داخل سرداب في المنزل مع قليل من الماء والطعام عندما سقط المنزل بسبب القصف، وخرجوا بحالة صحية ونفسية سيئة للغاية".
وأوضح أنه "حتى الآن لم يُحدد عدد القتلى، وهناك تقديرات من قبل وكالات معينة بنحو 40 ألفاً وآخرين يُقدّرون العدد بين 30 ألفاً و20 ألفاً، وكلها تخمينات لما سيتم العثور عليه من جثث، لكن يبدو أن عدد الضحايا لن يقل عن 20 ألف مدني، والعدد في ارتفاع مستمر على مدار الساعة".
المساهمون