ليبيا: هل تواجه السلطة الجديدة عراقيل حفتر لتوحيد المؤسسة العسكرية؟

28 فبراير 2021
مسؤول بقوات حفتر: لن نسلّم قيادة الجيش إلا لرئيس منتخب ديمقراطياً (عبدالله دومة/فرانس برس)
+ الخط -

أثارت تصريحات خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بشأن رفض التسليم "إلا لرئيس منتخب"، أسئلة عن قدرة السلطة الجديدة في ليبيا على حلحلة الملف العسكري الشائك الذي لا يزال يتصل بميدان القتال في مناطق وسط البلاد، وإذا ما كان قد تراجع عن تعهد بدعم السلطة الجديدة.

وقال المحجوب، لوكالة (نوفا) الإيطالية، الجمعة الماضية، إن حفتر "لن يسلّم قيادة الجيش إلا لرئيس منتخب ديمقراطياً من قبل الشعب الليبي". 

وكان رئيس المجلس الرئاسي المنتخب من ملتقى الحوار السياسي، محمد المنفي، شدد على أن مجلسه "يسعى جاهداً لتوحيد المؤسسة العسكرية ودعم مسار اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) برعاية الأمم المتحدة"، بحسب بيان للمكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي أصدره عقب انتهاء زيارة المنفي لمدينة سبها مساء أمس السبت.

وأكد المنفي أن توحيد المؤسسة العسكرية إحدى مهام السلطة الجديدة، وذلك عقب لقائه بحفتر في بنغازي، في الـ12 من الشهر الجاري. كذلك التقى المنفي، بصحبة رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، الثلاثاء الماضي، أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) لــ"بحث توحيد المؤسسة العسكرية". 

وشكلت البعثة الأممية لجنة (5+5) للمسار العسكري ضمن مسارات الحل الليبي الثلاثة، قبل أن يتمكن أعضاء اللجنة من توقيع اتفاق عسكري في 23 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لا يزال يواجه تعثراً في تطبيقه، ولا سيما في ملف المقاتلين الأجانب. 

وخلافاً للمهام التي حددها المنفي للسلطة الجديدة بالعمل على الملفات العسكرية والاقتصادية والسياسية، قال المحجوب إن "مهمة الحكومة الجديدة في ليبيا، التي خرجت من منتدى الحوار السياسي، إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في البلاد".

وكان المنفي قد التقى حفتر كأول مسؤول ليبي بعد انتخابه رئيساً للمجلس الرئاسي.

كان المنفي قد أكد على أن توحيد المؤسسة العسكرية إحدى مهام السلطة الجديدة، عقب لقائه بحفتر في بنغازي، في الـ12 من الشهر الجاري، كما التقى المنفي، صحبة رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، الثلاثاء الماضي، أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) 

وبعد انتقادات وموجة جدل حول اللقاء، اعتبر قطاع آخر من الليبيين أن الزيارة خطوة إيجابية، لكون تصريحات المنفي حول رغبته في "توحيد الجيش" قد تكون جاءت بناءً على مشاورات خلال لقائه بحفتر.

وما يشير إلى ملامح تغيّر في موقف حفتر، تأكيد المحجوب ضرورة بقاء قواته في مناطق وسط البلاد، سرت والجفرة، معللاً ذلك بـ"وجود قوات أجنبية في ليبيا ومرتزقة تجلبهم تركيا وسلاح خارج سلطة الدولة". 

لكن عملية "بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق، وبالتزامن مع تصريحات المحجوب، نشرت على صفحتها الرسمية صوراً قالت إنها لمرتزقة الجنجويد، وهم "يتجولون بكامل حريتهم في شوارع مدينة سرت". والثلاثاء الماضي نشرت صوراً لشاحنات قالت إنها "تحمل حفارات تتجه إلى منطقة الثلاثين غرب مدينة سرت، آخر نقطة لوجود مرتزقة فاغنر" الروس. 

تقارير عربية
التحديثات الحية

وفي السياق، يؤكد بيان رئيس الوفد العسكري الممثل لحكومة الوفاق في لجنة (5+5)، اللواء أحمد أبو شحمة، أن "المدينة ما زالت تحت سيطرة القوات الأجنبية والمرتزقة دون وجود أي قوة شرعية تؤمن المنطقة"، وهذا يدل على وجود عراقيل قد تكون ظهرت مجدداً في طريق عمل اللجنة العسكرية. 

ورغم أن بيان أبو شحمة، أمس السبت، جاء رداً على طلب رئيس مجلس النواب في طبرق، عقيلة صالح، بشأن صلاحية مدينة سرت لعقد جلسة لمنح الثقة للحكومة المنتظرة، إلا أن الباحث الليبي في الشؤون الأمنية الصيد عبد الحفيظ، يرى أن البيان يلمّح إلى وجود تغيّر في مواقف حفتر، "خصوصاً أن الحديث عن سيطرة المرتزقة وتأكيد عدم وجود أي قوات شرعية رغم الإشادات السابقة بعمل اللجنة يشير إلى ما يدور في الكواليس، ولا سيما أنه جاء من جانب الوفد الممثل لحكومة الوفاق".

ولفت عبد الحفيظ، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى مؤشرات أخرى على وجود تغيّر غير معلن من جانب حفتر، منها قرار المدعي العسكري بطرابلس، أمس السبت، بضبط أكثر من ثلاثة آلاف عنصر من مليشيا الكانيات التابعة لحفتر "وجلبهم للتحقيق"، حول قضايا المقابر الجماعية في ترهونة. 

وبحسب نص قرار المدعي العسكري، فإنه أصدر مذكرات قبض داخلية بأسماء الأشخاص المنضمين إلى "عملية الكرامة تحت ما يُسمى اللواء التاسع"، موضحاً أن المذكرة حددت 3028 عنصراً من مسلحي مليشيا الكانيات، الذين كانوا يقاتلون في صفوف حفتر إبان عدوانه على العاصمة طرابلس، و"جلبهم للتحقيق في قضايا ارتكاب جرائم قتل لعدد من الأشخاص المدفونين في المقابر الجماعية بترهونة، وتدمير الممتلكات الخاصة والعامة، والمشاركة في الهجوم على العاصمة طرابلس".

عبد الحفيظ: مؤشرات أخرى على وجود تغيّر غير معلن من جانب حفتر، منها قرار المدعي العسكري بطرابلس، أمس السبت، بضبط أكثر من ثلاثة آلاف عنصر من مليشيا الكانيات التابعة لحفتر "وجلبهم للتحقيق"، حول قضايا المقابر الجماعية في ترهونة

في المقابل، لا يرى الباحث الليبي في الشؤون السياسية ياسين العريبي، في تصريحات المحجوب "أي خطورة على مسار عمل السلطة الجديدة"، معتبراً أنها "مواقف دوماً  يبرزها حفتر حين تراجعت أسهمه ليبرز نفسه مجدداً في المشهد". 

ويقرأ العريبي تصريحات المحجوب، في حديثه لــ"العربي الجديد"، بأنها جاءت في الوقت الذي تعمل فيه حكومة عبد الحميد الدبيبة على بناء تشكيلها الوزاري. وقال: "أعتقد أن الأمر له علاقة بوزير الدفاع ووزارات أخرى على صلة بالوضع الأمني، كوزارة الداخلية، ومن غير شك في أن حفتر سيطلب تمثيلاً في الحكومة الجديدة، وعلى الأقل أن يحوز إحدى الوزارتين". 

ومما يصعب عمل السلطة الجديدة في مهمة توحيد الجيش، بحسب رأي العريبي، أن خريطة الطريق المتفق عليها في ملتقى الحوار السياسي اشترطت على الدبيبة التشاور مع المجلس الرئاسي وملتقى الحوار بشأن تعيين شاغل حقيبة الدفاع.

ولفت العريبي إلى أن وجود عدة جهات، كاللجنة العسكرية المشتركة وأطراف الصراع المسلح وملتقى الحوار الذي يوجد فيه ممثلون لكل الأطراف، "كلها جهات يجب على قادة السلطة الجديدة التشاور معها وإرضاؤها بشأن هذه الحقيبة السيادية المهمة"، معتبراً أن التوصل إلى اتفاق بشأنه سيكون الخطوة الأولى في اتجاه ضمان وقف دائم لإطلاق النار، "لكن توحيد المسلحين في مؤسسة واحدة أمر بعيد المنال في الأوضاع الحالية، ونجاح السلطة الجديدة في تجميد الميدان كلياً يعتبر أكبر إنجازاتها لو نجحت في ذلك". 

نواب يعلنون الاستجابة لدعوة صالح.. بشرط

وعلى صعيد آخر، أعلن تجمع الوسط النيابي موافقته على دعوة رئيس مجلس النواب في طبرق لحضور جلسة في سرت أو طبرق لـ"منح الثقة للحكومة" الجديدة. 

وفيما أكد التجمع حضور أعضائه للجلسة "التي أعلن عنها رئيس المجلس، سواء عقدت في سرت أو طبرق"، اشترط ضمان "حضور نصاب الانعقاد ومنح الثقة في الحكومة الجديدة".

ودعا التجمع لـ"فتح المجال أمام حضور مراقبين محليين من مؤسسات المجتمع المدني المهتمة بالشأن السياسي، وذلك من أجل ضمان سلامة انعقاد وسير الجلسة وعدم التلاعب بقراراتها". 

وشدد التجمع، في بيانه اليوم الأحد، على أن الأولوية هي اعتماد حكومة موحدة، وقال: "الظروف الراهنة تتطلب كأولوية قصوى في هذه المرحلة اعتماد حكومة موحدة تبسط سلطتها على كامل التراب الليبي، وتنال شرعيتها من السلطة التشريعية الدستورية في البلاد، وتوحد المؤسسات وتمهد الطريق نحو الانتخابات التشريعية والرئاسية في موعدها المقرر".

 

وتشكل تجمع الوسط من 26 نائبا، في يوليو/ تموز من العام الماضي، معلنا عن حياده عن التجاذبات السياسية التي طاولت مجلس النواب، ودعوته لتوحيد شقيه في طرابلس وطبرق، كما أعلن عن مقاطعته للجلسات التي دعا إليها عقيلة صالح النواب في السابق للاجتماع في مدينة بنغازي. 

وكان عقيلة صالح قد حدد يوم 8 مارس المقبل موعدا لعقد جلسة في مدينة سرت أو طبرق للتصويت على منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

وبعد أن طالب عقيلة صالح اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) بالرد على طلبه بشأن تأمين مدينة سرت لاحتضان الجلسة المقررة، أكد رئيس وفد حكومة الوفاق باللجنة العسكرية، اللواء أحمد أبوشحمة، أن اللجنة "لا تملك القوة اللازمة لحماية انعقاد مجلس النواب في سرت". 

ولم يتحدد موقف النواب حيال الاستجابة لدعوة عقيلة صالح، خصوصا معارضيه الذين عقدوا جلسات في صبراته وقبلها في غدامس بهدف إسقاطه وانتخاب رئاسة جديدة. 

وكان الدبيبة أعلن الخميس الماضي عن تسليمه لرئاسة مجلس النواب "هيكل" الحكومة ومعايير اختياره لوزرائها، مؤكدا استعداده لتقديم تشكيلته الوزارية حال طلبها المجلس.

وفي سياق متصل، قال السفير الألماني لدى ليبيا، أوليفر أوفيتشا، إنه التقى، اليوم الأحد، عقيلة صالح، في مقر إقامته في منطقة القبة، لمناقشة "الاستعدادات لعقد جلسة التصويت على منح الثقة للحكومة المكلفة". 

وأكد السفير، في تغريدة على حسابه في "تويتر"، على أن جلسة النواب لمنح الثقة للحكومة "فرصة هائلة لإعادة توحيد البرلمان كهيئة تشريعية فعالة".