هذا ما حمله الدبيبة في حقيبته خلال لقاءات نيويورك: الميزانية والمرتزقة الأجانب في ليبيا

16 يوليو 2021
خلافات بين حكومة الدبيبة ومجلس النواب (حازم تركيا/ الأناضول)
+ الخط -

حمل رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة في حقيبته إلى نيويورك، أمس الخميس، عدة ملفات عالقة تعرقل سير حكومته في أداء مهامها التي حددتها خريطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي، لمناقشتها مع عدد من كبار مسؤولي العواصم الغربية المشاركين في جلسة مجلس الأمن الخاصة بليبيا.

ووفقاً لمعلومات متطابقة أدلت بها مصادر حكومية من طرابلس، اليوم الجمعة، لـ"العربي الجديد"، فإن أهم تلك الملفات ملف ميزانية الحكومة، بالإضافة إلى ملفي توحيد المؤسسة العسكرية وإجلاء المرتزقة والمقاتلين الأجانب.

وفي الملف الأول، قالت المصادر إن الدبيبة، الذي سيصل اليوم إلى طرابلس عائداً من نيويورك بعد مشاركته في جلسة مجلس الأمن الخاصة بليبيا، تلقى وعوداً من الجانب الفرنسي والأميركي لدعم خطته البديلة للحصول على الأموال اللازمة لعمل حكومته، مشيرة إلى الدبيبة أبلغ الجانبين الفرنسي والأميركي بعدم قدرته على تمويل الاستعدادات اللازمة لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر في حالة استمرار مجلس النواب في عرقلة إقرار مشروع الميزانية.

 

وقرر مجلس النواب الليبي، الثلاثاء الماضي، تعليق جلسته الخاصة بمناقشة مقترح الميزانية المقدم من الحكومة إلى ما بعد عيد الأضحى، دون أن يتمكن من التصويت عليها، مبرراً قرارته بأن الجلسة لم يتوفر فيها النصاب القانوني اللازم للتصويت.

وفيما أوضح المجلس، في بيان، أن التصويت على مشروع الميزانية يستلزم 120 صوتاً، عبر مراقبون عن استغرابهم كون المجلس مرر عدة قرارات مهمة دون أن يتوفر هذا النصاب، ما اعتبر عرقلة يضعها مجلس النواب لإفشال إقرار الميزانية. 

ووفقاً لمعلومات المصادر، فإن الدبيبة ناقش أيضاً، رفقة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، مع مسؤولين كبار في العواصم الغربية، قضية توحيد المؤسسات العسكرية، وأبلغهم بمخاوفه بشأن عرقلة جهود حكومته في بسط سيطرتها على الجنوب الليبي من جانب قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر. 

وأشارت المصادر إلى أن رئيس الحكومة عرض على المسؤولين الغربيين مشروع حكومته المتكامل بشأن تأمين الجنوب والحدود بالتنسيق الكامل مع دول الجوار الليبي، مبينة أن مشروع حكومته هذا "خطوة أولى في طريق توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية، لا سيما وأنه يسعى لتشكيل مؤسسة أمنية من عناصر مختلطة من كافة الأطراف المسلحة في ليبيا".

كذلك عبّر الدبيبة عن مخاوفه من أن يتم إجهاض مشروع حكومته الأمني بسبب انتشار المجموعات المسلحة الأجنبية في الجنوب، والتي تتعاون مع اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر.

ولكن المصادر أكدت، في هذا الشأن، أن رئيس الحكومة الليبية لم يتلق أي وعد بدعم دولي لهذه الخطة بخلاف رغبته في البحث عن حلول بديلة بشأن حصوله على الأموال اللازمة لتسيير أعمال حكومته. 

 

وكان مجلس الأمن قد عقد جلسة خاصة بليبيا، أمس الخميس، برئاسة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، عبّر خلالها المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيتش عن مخاوفه من عدم استعداد الأطراف الليبية للانتخابات المقبلة.

وأشار كوبيتش إلى أن وجود عراقيل في مسار العملية الانتخابية ستكون له "تبعات سلبية"، ما يجعل الأوضاع "أكثر صعوبة وتعقيداً وصداماً، بحيث تصبح المصالح الفردية والمؤسساتية والسياسية عقبة". ولفت إلى تداخل عدة العوامل في البلاد لتشكل انسداداً كبيراً، مطالباً بـ"سحب المقاتلين الأجانب أولاً، وتوحيد المؤسسة العسكرية قبل الانتخابات".

ورأى المبعوث الأممي أن "لهذا الانسداد تأثيراً على المسار الاقتصادي، خصوصاً مع استمرار عدم إقرار مجلس النواب لميزانية الحكومة". 

من جهته، عبّر الدبيبة، خلال كلمته أمام أعضاء مجلس الأمن، عن أمله في وصول بلاده إلى وضع أكثر استقراراً في ظل حكومته بعد أن تمكنت من توحيد أغلب المؤسسات. وقال إن حكومته "تعمل على دعم إجراء الانتخابات الوطنية في موعدها"، مستدركاً: "لكن مسألة المرتزقة هي من أهم عوائق الاستقرار". 

وناشد مجلس الأمن الدولي لـ"دعم واحترام قرارات المجلس وسيادة ليبيا ووحدة أراضيها"، موضحاً أن استمرار وجود المرتزقة والمقاتلين الأجانب "يؤثر سلباً على جهود وقف إطلاق النار، ويعيق تنفيذ بقية مخرجات مؤتمر برلين".

وناشد دعم استراتيجية حكومته "الهادفة لبسط الأمن من خلالها تنشيط برامج التسريع ونزع السلاح وإعادة الإدماج وإصلاح القطاع الأمني، وتأمين الحدود".

الملف الاقتصادي
وقبيل سفره إلى نيويورك، عقد رئيس الحكومة الليبية اجتماعاً مع محافظ البنك المركزي الصديق الكبير، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، لـ"بحث الأوضاع الاقتصادية في ظل عدم اعتماد الميزانية"، ما عدّه مراقبون إشارة لإمكانية سعيه لتجاوز مجلس النواب بشأن إقرار مقترح ميزانية حكومته، التي لا تزال تواجه عراقيل واضحة من جانب طيف نيابي على رأسه رئيس المجلس عقيلة صالح.

 

والأربعاء الماضي، ألمح وزير الدولة للشؤون الاقتصادية في الحكومة، سلامة الغويل، إلى إمكانية لجوء الحكومة إلى قرار الترتيبات المالية بالتنسيق مع البنك المركزي في حال استمرار مجلس النواب في عرقلة إقرار مشروع الميزانية.

واعتبر الغويل، خلال اجتماع عقده مع ممثلي مجموعة العمل الاقتصادية الدولية المعنية بليبيا، وبمشاركة السفير الأميركي ريتشارد نورلاند؛ أن موقف مجلس النواب من مشروع الميزانية له "خلفيات سياسية"، في إشارة إلى استمرار الخلافات بين الأطراف السياسية الليبية.

قاعدة دستورية
إلى ذلك، دعت البعثة الأممية في ليبيا لجنة التوافقات في ملتقى الحوار السياسي إلى اجتماع افتراضي، يومي الجمعة والسبت، لاستكمال المداولات ضمن الجهود المبذولة للتوصل إلى القاعدة الدستورية للانتخابات المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.

وعبّرت البعثة عن أملها في أن يكون الاجتماع، المرتقب أن يبدأ اليوم الجمعة، "بنّاء"، و"يركز على صياغة مسودة قاعدة دستورية تحظى بإجماع واسع، وتتماشى مع خريطة الطريق التي أقرّها الملتقى، وقرار مجلس الأمن الأممي رقم 2570 لسنة 2021"، مشيرة إلى أن نتائج الاجتماع ستعرض على ملتقى الحوار السياسي في "جلسة عامة" سيدعى إليها الملتقى في وقت لاحق.
 

المساهمون