لويس ميغيل بوينو لـ"العربي الجديد": نريد تحقيقاً بمقتل أبوعاقلة لكننا لسنا طرفاً في المسألة

27 مايو 2022
بوينو: لن نطبّع مع الأسد (المكتب الإعلامي لبوينو)
+ الخط -

التقت "العربي الجديد" المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لويس ميغيل بوينو، في لقاء شمل الحديث فيه استشهاد مراسلة "الجزيرة" شيرين أبو عاقلة عبر استهداف مباشر من قوات الاحتلال الإسرائيلي، وكان الاتحاد الأوروبي قد اتّخذ موقفاً واضحاً من تلك العملية.

كما تحدث بوينو عن الصراع في سورية بعد 11 عاماً على انطلاق الثورة وما شهدته السنوات الماضية من خسائر فادحة تكبّدها السوريون في الداخل والخارج على حدّ سواء، بالإضافة إلى الغزو الروسي لأوكرانيا والاتفاق النووي الإيراني.

* اتخذ الاتحاد الأوروبي موقفاً واضحاً من اغتيال شيرين أبو عاقلة. هل سيبقى هذا الموقف في إطار البيانات، أم سيكون هناك تواصل مع الحكومة الإسرائيلية بهذا الخصوص؟ 

جاءت ردة فعل الاتحاد الأوروبي واضحة جداً على مقتل أبو عاقلة، فقد دان بشدة عملية القتل وطالب بإجراء تحقيق مستقلّ ودقيق في ما جرى لسوق مرتكبي الجرم إلى العدالة. لا ينبغي جعل الصحافيين هدفاً مطلقاً في أي مكان.

* طالب الاتحاد الأوروبي بتحقيق شفاف في حادثة الاغتيال. هل من أدوات للضغط بهذا الاتجاه، أم أن إسرائيل وحدها من ستمسك بالتحقيق؟

توقعات الاتحاد الأوروبي وعدة شركاء دوليين واضحة: ينبغي التحقيق في هذا الحادث المؤسف بدقة وبطريقة مستقلة. الاتحاد الأوروبي ليس طرفاً في المسألة، بل تخصّ المعنيين في إيجاد أفضل طريقة لتلبية هذا الطلب الدولي الصاخب.

نحن نعتبر بأن توضيح ما حصل يصبّ في مصلحة الجميع، أي عائلة شيرين، والسكان في فلسطين وإسرائيل، وأيضاً مجتمع الصحافة الأوسع نطاقاً.


لم يطرأ أي تغيير على موقف الاتحاد الأوروبي بخصوص سورية

* قدّم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تعازيه إلى عائلة أبو عاقلة. هل ينوي منسق الشؤون الأوروبية القيام بالمثل؟

لقد قدّم مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تعازيه إلى أسرة أبو عاقلة وأصدقائها وزملائها يوم مقتلها، وبصورة واضحة جداً وعلنية. كما سارع إلى إدانة المشاهد المروّعة في أثناء مرور موكب الجنازة والاستخدام غير المتناسب للقوة والسلوك المهين للشرطة الإسرائيلية.

* بعد مرور 11 سنة على اندلاع الصراع في سورية، هل لا تزال أوروبا متمسكة بخطوطها الحمر ولاءاتها الثلاث: "لا لإعادة الإعمار، لا لرفع العقوبات، لا للتطبيع" قبل التوصل إلى حلّ سياسي؟

لم يطرأ أي تغيير على موقف الاتحاد الأوروبي بخصوص سورية. وتشكّل هذه "الخطوط الحمر" الثلاثة أساساً لالتزامنا بقرار مجلس الأمن 2254، ويعمل المبعوث الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسن باتجاه انتقال سياسي حقيقي في البلاد. ولكن سلوك النظام السوري لم يتغير للأسف ولذلك لم يتغير موقفنا. وقد كرّر بوريل تأكيده لهذا الموقف في خلال "مؤتمر بروكسل السادس" الأخير.

* الاتحاد الأوروبي ضدّ التطبيع مع نظام بشار الأسد، غير أنّ بعض الدول العربية قد طبّعت علاقاتها مع النظام. فهل يوجد أي اتصال بينكم وبين الدول العربية بهدف منع هذه الخطوات؟

قرار تطبيع العلاقات مع النظام السوري هو قرار سيادي. الدول العربية حرة بالطبع باستعادة علاقاتها على النحو الذي يناسبها. نحن في الاتحاد الأوروبي نعتبر أن تطبيع العلاقات مع النظام السوري يتناقض مع التزامنا تجاه الشعب السوري وأهدافنا المعلنة كالداعم الأساسي للعملية السياسية بقيادة الأمم المتحدة.

* هناك حديث عن عودة سورية إلى جامعة الدول العربية في قمة الجزائر في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل عبر القنوات الدبلوماسية. هل يحاول الاتحاد الأوروبي الحؤول دون اكتمال النصاب لتحقيق ذلك؟

هذه مسألة تخص فقط جامعة الدول العربية والدول الأعضاء فيها. الاتحاد الأوروبي لا يتدخل ولا ينوي التدخل في أي قرار تتخذه جامعة الدول العربية. أكرر أن هذا القرار تستطيع أن تتخذه جامعة الدول العربية فحسب. أما موقف الاتحاد الأوروبي من نظام الأسد فلن يتبدّل بغض النظر عن عودة سورية إلى الجامعة العربية.

* ثمة معلومات عن أن الاتحاد الأوروبي هدّد جامعة الدول العربية في حال عودة سورية إليها بوقف الحوار المؤسساتي بينه وبينها. هل تستطيع تقديم المزيد من التفاصيل بهذا الخصوص؟

أنا أنفي بشدة أي ادّعاء من هذا القبيل. فالاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية تجمعهما علاقة راسخة وغنية تشمل مجموعة كبيرة من المسائل. وحوارنا المؤسساتي سوف يستمرّ بالتأكيد. وهذا الأمر لا يتعارض وموقفنا حول حاجة سورية إلى إحراز تقدم على صعيد تنفيذ القرار 2254 في إطار العملية بقيادة الأمم المتحدة.

* عُقد مؤتمر بروكسل منذ أسابيع. وكانت الرسالة واضحة بأن سورية غير منسية وتوجد التزامات تفوق قيمتها 7 مليارات دولار، وذلك على الرغم من الاهتمام بأزمة أوكرانيا وتراجع الاهتمام بالأزمة السورية. كيف يمكن تحقيق ذلك سياسياً ومالياً؟

نعتبر أن المؤتمر كان ناجحاً. فعلى الرغم من الحرب الدائرة في أوروبا حالياً والتبعات الاقتصادية لوباء كورونا، تمكنّا من تعبئة الأسرة الدولية لصالح الشعب السوري. وقد تعهد الاتحاد الأوروبي لوحده بتقديم مساعدة بقيمة 4.8 مليارات يورو.

وسوف يتابع الاتحاد الأوروبي عمله مع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية في سورية من أجل تنفيذ مشاريع في مختلف أنحاء البلاد عند صرف هذه الأموال. كما أنه سيستمرّ في الدعوة إلى الإعفاءات الإنسانية وفتح العمليات عبر الحدود وإبعاد السياسة عنها.


حصل عكس ما أرادته روسيا من تقسيم الاتحاد الأوروبي وإضعاف الأطلسي

* من اللافت أنه وللمرة الأولى، لم تتم دعوة روسيا إلى الدورة السادسة للمؤتمر بسبب اجتياح أوكرانيا. هل هذا يعني أن الحوار الأوروبي مع روسيا حول المسألة السورية قد تم تجميده تماماً؟

لم نقم بدعوة روسيا لأن موسكو أثبتت بوضوح تام أنها غير مهتمة بأن تكون لاعباً بنّاءً على الساحة الدولية. فلم يعد بالامكان أخذ التزامها بالسلام والاستقرار على محمل الجد بعد قرارها شنّ حرب عدوانية ضد أوكرانيا.

بيد أن الاتحاد الأوروبي يبقي على القنوات الدبلوماسية مفتوحة مع روسيا. ولطالما آمنّا بالحوار. وسوف نستمرّ في العمل مع الأطراف المعنية كافة من أجل الشعب السوري ومستقبله في حال كانوا مهتمين فعلاً بالعمل على إيجاد الحلول لصالح الشعب السوري.

* أين أصبحنا الآن بالنسبة إلى الاتفاق النووي الايراني؟ هل أوشكنا على توقيع الاتفاقية أم ما زلنا بعيدين عن ذلك وما هي العقبات الأساسية؟

اقتربت المحادثات في فيينا من النهاية، ولكن العمل ما زال مستمراً حول سدّ الثغرات المتبقية. لا يمكننا الإفصاح علناً عن المزيد من التفاصيل عند هذه المرحلة، ولكن الجميع يعمل جاهداً من أجل التوصل إلى نهاية ناجحة لمحادثات فيينا.

* لقد قرّرت فنلندا والسويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. وهل نحن أمام اتحاد أوروبي جديد؟

أولاً، إن طلب فنلندا والسويد مرتكز على قرارين سياديين وهذا شأن يعنيهما وحدهما والدول الأعضاء في الحلف الأطلسي. وقد شرحت هاتان الدولتان أن قرارهما جاء رداً على حرب روسيا العدوانية ضد أوكرانيا.

وإن أرادت روسيا تقسيم الاتحاد الأوروبي وإضعاف الأطلسي، فما يحصل هو عكس ذلك. فالاتحاد الأوروبي متّحد أكثر من أي وقت مضى، والأطلسي آخذ في التوسع وحتى الاقتراب من روسيا. وبالتالي الإنجاز الوحيد الذي حققه بوتين بالإضافة إلى تقويض مصداقية روسيا هو النقيض الكلي لنيّته الأساسية.

* إلى أي مدى تأخذون على محمل الجد الحديث عن إنشاء قوة عسكرية أوروبية موحدة؟ أم أنّ أوروبا سوف تستمر في الاعتماد عسكرياً على أميركا؟

عدوان روسيا غير المبرّر ضد أوكرانيا وكذلك دورها المتزايد في زعزعة الاستقرار في أنحاء أخرى من العالم، يسلّطان الضوء على ضرورة تحمل الاتحاد الأوروبي مسؤولية أكبر في ما يتعلّق بأمنه الخاص.

نحن لا نريد إنشاء جيش أوروبي، ولا يتعلّق الأمر بذلك. فالجيوش الأوروبية سوف تبقى، وكل دولة من الدول الأعضاء لديها جيشها الخاص. وإنما علينا أن نعمل معاً بشكل أوثق. وعلينا أن ننسّق إنفاقنا بشكل أفضل.