لوفين يتولى رئاسة الحكومة السويدية مجدداً: أغلبية هشة في البرلمان وأزمات في الأفق

08 يوليو 2021
تحولت أزمة الحكم إلى استعصاء لم تشهده البلاد منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي (فرانس برس)
+ الخط -

أعاد البرلمان السويدي، مساء أمس الأربعاء، التصويت على استمرار رئيس وزراء يسار الوسط في استوكهولم، ستيفان لوفين، بعد أن استقال قبل نحو 10 أيام بعد حجب الثقة عن حكومته. هذه الاستمرارية تخلق وضعاً غير مسبوق في تاريخ السياسة السويدية، بعد أن تحولت أزمة الحكم إلى استعصاء حزبي لم تشهده البلاد منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي.

فمن بين 349 عضواً في البرلمان (ريكسداغ)، وبعد مفاوضات مضنية؛ لم يستطع لوفين تأمين أغلبية برلمانية إلا بامتناع 60 عضواً عن التصويت، فبدل حصوله على 175 صوتاً؛ صوّت ضده 173 مقابل 116 لصالحه، ما يعني أن الفارق صوتان عن تصويت أغلبية ضد استمراره بمنصبه.

وبحسب قوانين البرلمان يجب على رئيس الحكومة ألا يصوت 175 نائباً ضده. وسبق أن فقد لوفين أغلبية برلمانية بعد أن صوّت البرلمان، في نهاية الشهر الماضي، بمعية اليسار "فينسترا" وأصوات اليمين المتشدد ويمين الوسط ضد استمراره في منصبه، على خلفية خلافات حول الموازنة العامة وسياسات سوق العقارات في البلاد.

ويعكس التصويت الأخير، بحجب الثقة أولاً ثم منحه فرصة مواصلة الحكم، هشاشة غير مسبوقة في تأمين الحزب "الاجتماعي الديمقراطي"، الأكثر حكماً في تاريخ السويد، أغلبية مريحة، بعد تبدل الخارطة الحزبية خلال السنوات العشر الأخيرة، وخصوصاً بدخول حزب "ديمقراطية السويد" على الخط، كثالث أكبر الأحزاب البرلمانية، بحصوله على 62 نائباً في انتخابات 2018.

ولدى "الديمقراطي" 100 نائب، ويليه حزب "الاعتدال" بـ70 مقعداً، ما يعني أن لوفين لم يستطع جمع سوى 16 صوتاً من خارج حزبه، وأغلبها جاءت من تصويت فردي في معسكري "الخضر" (يسار) الذي يملك 16 مقعداً، فيما اختار حزب "فينسترا" اليساري (27 مقعداً) التصويت بالبرتقالي؛ أي بالامتناع عن التصويت ضد لوفين أو معه. وقاد لوفين حكومته (منذ مطلع 2019) بعد مفاوضات مضنية استمرت نحو 130 يوماً بعيد انتخابات أواخر العام 2018، وذلك بالتحالف مع "الخضر" (ميليو بارتي) ودعم اليسار ويسار الوسط.

وانفراط عقد الحكومة، وفشل زعيم يمين الوسط، أولف كريسترسون، بتشكيل حكومة؛ أعاد المنصب إلى المستقيل لوفين، ولكن ليس بدون تهديده بالاستقالة مجدداً في الخريف القادم إذا لم تحصل موازنة البلاد على الأغلبية البرلمانية.

يستغل اليمين القومي المتشدد أزمات الحكومة وحرب العصابات

وتثير مسألة الموازنة خلافات عميقة بين معسكري اليسار والوسط، هذا بالإضافة إلى أن اليمين القومي المتشدد، "ديمقراطيو السويد"، بات يقتحم المشهد البرلماني، رغم تعهد الأحزاب عدم التعاون معه. فقد ظهر تصدع في خطاب تجميد نفوذ الحزب السياسي من خلال ذهاب حزب الليبراليين (19 مقعداً) نحو تغيير نهجه بزعامة رئيسته الجديدة، نيامكو سابوني، لفتح الباب أمام مشاركته الحكم مع زعيم الشعبويين، جيمي أوكسون.

وقبل نحو أكثر من عام بقليل على الانتخابات العامة القادمة (سبتمبر/أيلول 2022) في السويد بدأت قضايا مكافحة الجريمة المنظمة، بعد مقتل ضابط شرطة سويدي الأربعاء قبل الماضي على يد مراهق في غوتيبورغ (جنوب) في سياق حرب عصابات، وقضية الهجرة والدمج؛ تحتلان مكانة متقدمة لدى الناخب السويدي، وبحسب استطلاعات رأي فإنّ نحو ثلثي الناخبين يرون أنّ الأمور لا تسير بشكل جيد في بلادهم بالنسبة لسياسات حفظ النظام والقانون والهجرة.

ويستغل اليمين القومي المتشدد أزمات الحكومة وحرب العصابات لتقديم نفسه كحزب مسؤول، ما يشكل ضغطاً على الطبقة السياسية للتعاطي معه وعدم تجاهله، وخصوصاً أن الاستطلاعات تمنحه حفاظاً وربما تقدماً، مع "المسيحي الديمقراطي"، الذي يتقارب في خطابه معه بالنسبة للاجئين والمهاجرين.

المساهمون