أعرب العديد من الدبلوماسيين الفرنسيين في الشرق الأوسط، في مذكرة مشتركة، عن أسفهم لموقف باريس من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، في بادرة غير مسبوقة في التاريخ الحديث للدبلوماسية الفرنسية في العالم العربي، وفق ما نشرته صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية مساء أمس الاثنين.
ولفتت الصحيفة إلى أن المذكرة كتبها ووقّع عليها زهاء 10 دبلوماسيين من الشرق الأوسط وبعض دول المغرب العربي، وجهوها إلى وزارة الخارجية وأرسلوا نسخة منها إلى الإليزيه، وأعربوا فيها عن أسفهم للتوجه المؤيد لإسرائيل الذي تبنّاه الرئيس إيمانويل ماكرون في الحرب الدائرة في غزة.
ونقلت عن دبلوماسي في باريس اطلع على المذكرة، قوله إنها ليست نارية، لكن يمكن وصفها بأنها مذكرة معارضة، لافتاً إلى أن السفراء يؤكدون فيها أن موقف فرنسا المؤيد لإسرائيل في بداية الأزمة ليس مفهوماً في الشرق الأوسط، وهو يخالف الموقف الفرنسي المتوازن تقليدياً بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وفي وقت يصف المذكرة بأنها واضحة في رصدها للوضع، وتستخدم لغة رصينة نسبياً، يقول إن المذكرة تؤكد خسارة فرنسا لمصداقيتها وتأثيرها، وتلحظ صورة باريس السيئة في العالم العربي، وتلمح بشكل دبلوماسي إلى حدّ ما، إلى أن كلّ هذا هو نتيجة للمواقف التي اتخذها رئيس الجمهورية.
وفي حديث مع الصحيفة، وصف ثلاثة دبلوماسيين سابقين في المغرب العربي والشرق الأوسط وهم دونيس بوشار، شارل هنري داراغون، وإيف أوبين دو لا ميسوزيير، المذكرة بأنها خطوة جماعية لم يسبق لها مثيل من جانب السفراء الفرنسيين في المنطقة.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي يعمل في وزارة الخارجية، ومقرّب من الموقعين على المذكرة، قوله: "لقد تحمّلوا مسؤولياتهم، وهم متضامنون، وفي رأيهم هذه هي الخطوة الأولى".
ورداً على طلب للتعليق، قلّل الإليزيه ووزارة الخارجية الفرنسية من أهمية هذه الاحتجاجات، مشيرين إلى أنهما "لا يعلّقان على المراسلات الدبلوماسية، التي هي، بحكم تعريفها، سرية". وأضافا: "هذه المذكرة هي واحدة من بين المذكرات العديدة الأخرى. في النهاية، فإنّ السلطات السياسية المنتخبة من قبل الفرنسيين، رئيس الجمهورية وحكومته هم من يقرّرون السياسة الخارجية لفرنسا".
وتنقل الصحيفة عن دبلوماسي شاب مقيم في الشرق الأوسط قوله: "يتم أحياناً اتهامنا بالتواطؤ في الإبادة الجماعية".
وتنبه المذكرة إلى أن أزمة الثقة بين فرنسا والشرق الأوسط خطيرة، ومن المحتمل أن تكون طويلة الأمد. وتنقل الصحيفة عن الدبلوماسي الذي اطلع عليها قوله: "لقد مررنا بأزمات في الماضي مع الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد، لكننا تمكنا من نزع فتيلها بسرعة كبيرة" مستطرداً: "هذه المرة، انعدام الثقة فينا عميق وقد يطول. يرى محاورونا أننا نخون أنفسنا، ويعتقدون أنّ خطابنا القائم على الإنسانية يتعارض مع نهجنا الجديد. بالنسبة إليهم، فرنسا بخطابها البديل لم تعد موجودة".