لودريان يختتم زيارته لبنان والاستحقاق الرئاسي في إجازة حتى سبتمبر

لودريان يختتم زيارته لبنان والاستحقاق الرئاسي في إجازة حتى سبتمبر

27 يوليو 2023
لودريان خلال لقائه مع نبيه بري (تويتر)
+ الخط -

اختتم الموفد الرئاسي الفرنسي، جان إيف لودريان، زيارته إلى لبنان، بلقاءٍ ثانٍ عقده اليوم الخميس، مع رئيس البرلمان نبيه بري، لوضعه في أجواء اجتماعاته مع مختلف القوى السياسية، والتي ستُستأنف في سبتمبر/أيلول المقبل، بقالب "المباحثات المكثفة" ضمن طرح جديد لانتخاب رئيس للجمهورية، قد يكون الأخير، قبل سلوك طريق العقوبات على معرقلي الحلول والمساعي.

وأصدرت الدبلوماسية الفرنسية بياناً حول زيارة الموفد الرئاسي جان إيف لودريان، إلى لبنان، والذي شدد أمام جميع من التقاهم على "ضرورة الخروج من المأزق السياسي والمؤسسي الحالي الذي يفرضه تمديد الشغور الرئاسي مع ما يشكل من مخاطر كبيرة على لبنان ودولته واستقراره".

وفي هذا السياق، اقترح لودريان على جميع الفاعلين المشاركين في عملية انتخاب رئيس للجمهورية، دعوتهم في سبتمبر، إلى اجتماع في لبنان يهدف إلى التوصل إلى توافق حول القضايا والمشاريع ذات الأولوية المفترض أن يقوم بها رئيس الجمهورية والمواصفات المطلوبة فيه للقيام بها، وذلك بحسب ما جاء في البيان.

وأضاف البيان أن الهدف من هذا الاجتماع "هو خلق مناخ من الثقة والسماح للبرلمان بالالتقاء بخطى حثيثة مع الظروف المواتية لإجراء اقتراح مفتوح للخروج بسرعة من هذه الأزمة، وتحظى هذه المساعي بالدعم الكامل من شركاء وأصدقاء لبنان الذين اجتمعوا في الدوحة، في 17 يوليو".

وأشار لودريان إلى الانفتاح البنّاء لجميع محاوريه اللبنانيين على هذا الطرح والمقاربة البراغماتية التي ترتكز على انتخاب رئيس للجمهورية وما يجب فعله لوضع لبنان على طريق التعافي والاستقرار، واستعادة مكانته في بيئته الإقليمية واستعادة ثقة المجتمع الدولي.

وذكرت شخصيات سياسية التقت لودريان أن الأخير سيعود في سبتمبر/أيلول المقبل للقيام بجولة مباحثات مكثفة تنطلق من الصفر وضمن فترة زمنية محددة للاتفاق على برنامج رئاسي ومواصفات الرئيس، مع وضع تصوّر للمشاورات وآلية اعتمادها في ظلّ التباين السياسي الداخلي حول مفهوم وشكل الحوار وبنوده، على أن تلي ذلك جلسات مفتوحة لمجلس النواب لانتخاب رئيس.

وترفض القوى المعارضة لـ"حزب الله"، أن يكون الحوار لفرض مرشح الحزب، رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.

وقد اختلفت التفسيرات اللبنانية حول طرح لودريان، حيث اعتبر معارضو "حزب الله" وفريقه السياسي، أن خطوة الموفد الرئاسي، تؤكد نعي المبادرة الفرنسية الأولى التي كانت تدعم ترشيح فرنجية مقابل تسمية الدبلوماسي نواف سلام لرئاسة الحكومة، وتذهب باتجاه مرشح ثالث، يتم التوافق عليه بين القوى السياسية، ويتمتع بالمواصفات المطلوبة دولياً، وتحدث عنها بيان الدول الخمس، مصر، قطر، المملكة العربية السعودية، الولايات المتحدة، وفرنسا، علماً أن بري جدّد التأكيد بعد لقائه لودريان، على التمسّك بفرنجية.

وقال مصدرٌ دبلوماسيٌّ فرنسيٌّ، لـ"العربي الجديد"، إن "لودريان أوصل رسالة إلى من التقاهم بأن الجهود الخارجية لن تكون بلا سقف زمني، بل هناك مهلة محددة على القوى السياسية أن تجد فيها الحلّ، وتنهي الشغور الرئاسي في ظلّ تداعيات المماطلة الكبيرة على لبنان وشعبه، والتي لا تسمح بإضاعة المزيد من الوقت"، مؤكداً أن "فرنسا والدول الخمس بشكل عام، لا اسم لديها للرئاسة، ولم تدعم مرشحا معيّنا أو تستبعد آخر، بل حددت مواصفات يجب أن تتوفر بشخص الرئيس، باتت معلومة". وقال: "على اللبنانيين اختيار رئيسهم".

وأشار المصدر إلى أن "لودريان طرح المشاورات المكثفة بين القوى السياسية، بعيداً عن تسميات محددة كالحوار وغيره، في ظلّ الانقسام حول طاولة الحوار والمكان الذي يجب أن تنعقد فيه، بين القوى السياسية".

وقال إن الموفد سيعود في سبتمبر/أيلول على أمل وضع قادة البلاد مصلحة الوطن والشعب أولاً قبل خلافاتهم، مبيناُ أنه في حال فشلت المساعي، هناك تفكير جاد بفرض عقوبات على معرقلي الحلول للخروج من الأزمة الرئاسية.

وجدد بري بعد لقائه لودريان اليوم التأكيد على أن "كوة قد فتحت في الملف الرئاسي"، وذلك بحسب ما جاء في بيان مكتبه الإعلامي.

واستقبل بري، اليوم، الموفد الرئاسي الفرنسي بحضور السفيرة الفرنسية آن غريو، حيث جرى عرض للأوضاع العامة ولا سيما ملف رئاسة الجمهورية، وقد غادر لودريان من دون الادلاء بأي تصريح.

كما التقى لودريان وفداً من كتلة "حزب الله" النيابية، "الوفاء للمقاومة"، برئاسة النائب محمد رعد، في حارة حريك ببيروت.

وقال مصدرٌ نيابي في "حزب الله"، لـ"العربي الجديد"، إن "اللقاء تطرّق إلى جولة المشاورات التي قام بها الموفد الرئاسي الفرنسي، ونتائج اجتماع الدول الخمس الذي عقد في العاصمة القطرية، الدوحة، ولم يأتِ لودريان على ذكر أي اسم للرئاسة، بل تحدث بالمواصفات فقط، وضرورة أن يصل الأفرقاء السياسيون في لبنان إلى اتفاق لحل الأزمة الرئاسية بأسرع وقتٍ ممكنٍ".

وفي كلمة له اليوم، قال رعد: "لكل فريق من اللبنانيين الحق بأن يدلي بدلوه، ونتمنى على الجميع أن يتفاهموا على الاستحقاقات الكبرى التي تهمهم، وإذا كانوا غير قادرين على التفاهم في هذه المرحلة، فليأخذوا وقتهم، لكن عليهم أن يلتفتوا إلى معاناة الشعب".

وأضاف: "علينا أن نفكر بتفاهم يوصلنا إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي الذي نحن الآن بصدده، وما نأمله ونسعى إليه هو أن ننفتح على النقاش حول الاستحقاق مع كل الآخرين، وعلينا جميعاً مع شركائنا في البلد أن نتفاهم للوصول إلى النتيجة المتوخاة لمصلحة كل اللبنانيين".

ومن ضمن لقاءات لودريان، اليوم، اجتماعه مع رئيس كتلة النواب الأرمن، النائب هاغوب بقرادونيان، ومناقشتهما الأوضاع العامة، ولا سيما الملف الرئاسي، حيث قدّم الموفد الفرنسي مبادرته الرئاسية، وفقاً لبيان النائب.

كذلك، التقى لودريان عدداً من النواب من "قوى التغيير"، ونواباً مستقلّين ضمن اللقاء السُّني، والنائب عماد الحوت. وقال الأخير في بيان، إنه استمع للطرح الجديد بعقد جلسات عمل في لبنان حول مهام الرئيس المقبل ومواصفاته يتبعها جلسات انتخاب، مضيفاً: "أكدنا تفضيلنا الآلية الدستورية للانتخاب، وأنه لا مانع لدينا من نقاش محصور بمهام الرئيس ومواصفاته ضمن مدى زمني قصير".

ويأتي تأجيل الاستحقاق الرئاسي إلى شهر سبتمبر، في وقتٍ يعاني لبنان من أسوأ ازمة اقتصادية في تاريخه، وتكلفة كل يوم تأخير في حل الأزمة الرئاسية، سيكون لها ارتدادات كبيرة على مختلف المستويات، ولا سيما أن الشغور الرئاسي، حدَّ من صلاحيات الحكومة التي عليها أن تعمل وفق مفهوم تصريف الأعمال "الضيّق". وقد عجزت اليوم عن تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، خلفاً للحاكم رياض سلامة الذي تنتهي ولايته في أواخر الشهر الجاري، وهو ما سينسحب على باقي التعيينات في أهم مراكز الدولة، عدا عن انسحابه أيضاً على مجلس النواب المعطّل بدوره، حتى انتخاب رئيس.