قال وزیر الخارجية البريطاني، جیمس كلیفرلي، إن لندن لن تتسامح مع أي محاولات من جانب الصین "لترھیب وإسكات الأفراد في المملكة المتحدة وخارجھا"، رداً على مذكرات اعتقال أصدرتھا شرطة ھونغ كونغ البارحة بحق ثمانية أفراد یعیشون بالخارج.
وأكد كليفرلي، في بيان صادر مساء أمس، أن بلاده "ستدافع دائماً عن حریة التعبير وعن أولئك المستھدفین والمدافعین عن الحریة والدیمقراطیة". كما طالب بكین بإلغاء "قانون الأمن القومي" الذي أصدرت بموجبه الشرطة مذكرات الاعتقال، متھماً السلطات الصینیة بـ"انتھاك" الإعلان الصیني البریطاني المشترك والملزم قانونیاً، الذي انتقلت بموجبه منطقة هونغ كونغ إلى السيادة الصينية. وكانت المملكة المتحدة قد أعلنت منذ 13 مارس/ آذار 2021 أن الصین في حالة مستمرة من "عدم الامتثال للإعلان الصیني البریطاني المشترك"، كما أنھا علّقت "اتفاقیة تسلیم المجرمین" مع ھونغ كونغ في 20 یوليو/ تموز 2020 رداً على دخول قانون الأمن القومي حیز التنفیذ.
رداً على بيان الخارجية البريطانية، اتھمت الصین المملكة المتحدة بحمایة "الھاربین" وطالبتھا بـ"التوقف عن التدخل" في شؤونھا الداخلیة، متوعدة بـ"ملاحقة نشطاء الخارج إلى الأبد". وفي بیان نشر في ساعة متأخرة من لیل البارحة الاثنین، اعتبرت سفارة الصین في لندن أن تصریحات كلیفرلي تمثل "تدخلاً فظاً في سیادة القانون في ھونغ كونغ وفي الشؤون الداخلیة للصین"، داعیة السیاسیین البریطانیین إلى "التوقف عن استخدام معارضي ھونغ كونغ بما یسيء إلى سیادة الصین وأمنھا".
وصدر قانون الأمن القومي في ھونغ كونغ قبل ثلاث سنوات على أثر الاحتجاجات المؤیدة للدیمقراطیة، مثیراً جدلاً واسعاً لمنحه المسؤولین الصینیین سلطات واسعة خارج الحدود الإقلیمیة لمقاضاة المعارضین بسبب "سلوكھم أو أفعالھم أو تعلیقاتھم" وتجریمھم مھما كلّف الأمر وبغض النظر عن أماكن إقامتھم. وتشیر الإحصاءات إلى أن أكثر من مائة ألف مواطن من سكان ھونغ كونغ قد ھاجروا إلى المملكة المتحدة بعد أن منحتھم الحكومة البریطانیة تأشیرة خاصة بأوضاعھم على خلفیة إقرار قانون الأمن القومي.
ومع أن المملكة المتحدة علقت "اتفاقیة تسلیم المجرمین" مع ھونغ كونغ إلا أن الخوف ما یزال متمكناً لدى العدید منھم، لاسیما أن السفارة الصینیة في لندن والنشاطات المرتبطة ببكین لها سوابق في ملاحقة المعارضین ومضایقتھم وتھدیدھم.
وكانت شرطة ھونغ كونغ قد اتھمت البارحة الاثنین ثمانیة نشطاء بارزین من علماء القانون والمشرعین السابقین، بـ"ارتكاب جرائم خطیرة" بما فیھا التواطؤ والتحریض على الانفصال، معلنة عن مكافأة قدرھا ملیون دولار مقابل أي معلومات تؤدي إلى اعتقال النشطاء الثمانیة المتواجدین في بلدان عدیدة كالمملكة المتحدة والولایات المتحدة وأسترالیا.
وفي ھذا السیاق، اعتبرت وزارة الخارجیة الأميركیة أن مذكرات الاعتقال تمثل "سابقة خطیرة وتھدد حقوق الإنسان والحریات الأساسیة في جمیع أنحاء العالم"، بینما أعلنت الحكومة الأسترالیة عن "خیبة أمل كبیرة"، حیث أكدت وزیرة الخارجیة بیني وونغ أن بلادھا "عبرت باستمرار عن مخاوفھا بشأن التطبیق الواسع لقانون الأمن القومي". وشددت على أن حریة التعبیر والتظاھر ھي من بین "الركائز الأساسیة لدیمقراطیتنا".
یذكر أن العلاقات الثنائیة بین المملكة المتحدة والصین، قد مرت باختبارات عدیدة خلال السنوات العشر الماضیة وكانت مثار جدل في صفوف "حزب المحافظین" الحاكم ولدى معارضیه.