لماذا يستعين الجيش العراقي بسلاح الجو دائماً في مواجهة "داعش"؟

16 مايو 2023
سلاح الجو العراقي نفذ مطلع العام الحالي أكثر من 35 ضربة جوية (Getty)
+ الخط -

على الرغم من انتهاء صفحة المعارك المباشرة بين القوات العراقية ومسلحي تنظيم "داعش"، إلا أن الضربات الجوية التي تنفذها الطائرات العراقية بين وقت وآخر لا تزال متواصلة، وبواقع يتعدى 7 ضربات جوية في بعض الأشهر، وهو ما يدفع بتساؤلات إلى الواجهة حول أسباب استمرار الجيش بالاستعانة بسلاح الجو.

ولا تتناسب تلك الضربات التي ينفذها سلاح الجو العراقي مع تأكيدات المسؤولين العراقيين المتكررة حيال سيطرتهم على جميع مناطق البلاد، وفرض الأمن فيها، إذ تطرح الهجمات الجوية على أوكار ومخابئ في الصحراء الغربية وسلاسل جبال ووديان شمال وشرقي البلاد، تساؤلات بشأن حجم وقوة تلك الجيوب المسلحة، وسر عدم تحرك الجيش براً إليها، والاستعانة بسلاح الجو للقضاء عليها.

ومساء أمس الاثنين، أعلنت خلية الإعلام الأمني الحكومية، في بيان لها، عن تنفيذ ضربة جوية بواسطة طائرات "إف 16" العراقية، استهدفت موقعاً لمسلحي تنظيم "داعش" في منطقة وادي الشاي الواقعة بمحافظة كركوك شمالي البلاد.

ووفقاً للبيان، فقد قُتل أعضاء المجموعة الإرهابية التي وصفها البيان بـ"مفرزة"، وهو مصطلح يشير إلى أنهم بين 3 و7 أشخاص، كما أُكِّد تدمير الموقع الذي كانوا فيه، من دون الإشارة إلى عددهم الفعلي أو أي تفاصيل أخرى.

ووفقاً لمصادر عسكرية عراقية في بغداد تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإنّ سلاح الجو العراقي نفذ مطلع العام الحالي أكثر من 35 ضربة جوية، تركزت 80% منها في مناطق شمالي وشمال شرقي العراق، ضمن محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين وديالى، استهدفت مناطق جبلية وأودية ومخابئ في مناطق ذات تضاريس متنوعة.

وقال مسؤول عراقي في وزارة الدفاع، لـ"العربي الجديد"، إنّ الضربات الجوية تجرى بناءاً على طلب القوات البرية الموجودة على الأرض بعد تحديد الموقع والهدف، وجميعها في مناطق بعيدة عن المدن والتجمعات السكانية.

وأوضح المسؤول العراقي أنّ العمليات الجوية عراقية فقط، والتحالف الدولي لم يشترك في أي جهد جوي عسكري مذ بداية هذا العام، باستثناء المعلومات الجوية التي تحصل عليها من خلال مراقبة الأجواء. 

ووجه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أخيراً، القيادات الأمنية بالتأهب ومراجعة الخطط العسكرية، مشدداً على تغيير التكتيكات العسكرية المتبعة في المناطق التي تشهد نشاطاً لـ"داعش"، وكذا اتباع أساليب غير تقليدية للمواجهة، وبالطريقة التي تضعف من قدرات عناصر التنظيم وتحدّ من حركتهم. 

وقال الخبير بالشأن العسكري والضابط المتقاعد علي الهاشمي، في حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ "استمرار الضربات الجوية والتدخل العنيف من سلاح الجو في معالجة بعض البؤر المسلحة يطرح تساؤلات بشأن حجم وعدد مسلحي داعش، ونوع سلاحهم الحالي، وكذلك حقيقة وجود مناطق خارج سيطرة قوات الجيش والشرطة".

وأضاف الهاشمي أنّ "الطلعات الجوية في العراق مُكلفة مادياً على قوات الجيش، لذا فإنه من المرجح أنّ تُتبع استراتيجية جديدة للقوات العراقية في معالجة أي تهديد إرهابي من دون تعريض حياة الجنود على الأرض للخطر، كون أغلب مسلحي التنظيم يرتدون سترات ناسفة يمكنهم تفجير أنفسهم حال اقتحام الجيش الموقع أو المكان".

ونجح الطيران العراقي خلال الشهرين الأخيرين بتنفيذ ضربات جوية استهدفت تحركات عناصر تنظيم "داعش" في محافظات المحررة (ديالى وكركوك ونينوى وصلاح الدين والأنبار)، ضمن استراتيجية وُضعت لسلب عناصر التنظيم القدرة على تنفيذ الهجمات المباغتة، وقد أوقعت الضربات ضحايا من عناصر الأمن. 

من جانبه، أكد جاسم العيساوي، القيادي في مجالس "الصحوة"، وهي قوات عشائرية تنشط غربي العراق، أنّ الضربات الجوية، مع استمرار المراقبة عبر الطيران المروحي والمسيّر، كفيلة بمنع أي فرصة لتنظيم "داعش" بإعادة ترتيب صفوفه وجمع مقاتليه مجدداً في مناطق الصحراء أو جبال حمرين غربي وشمالي العراق.

ويضيف العيساوي أنّ بعض المواقع ذات تضاريس وجغرافية صعبة تكلف القوات البرية وقتاً وجهداً، لذا فإنّ الطيران أضمن وأسهل وأكثر أمناً لحياة الجنود، معتبراً أنّ الحديث الحكومي عن انتهاء "داعش" ما زال أمراً "غير واقعي".

المساهمون