يفترض أن تنتهي آجال انطلاق عمل البرلمان الجديد في تونس، بحسب دستور 2022 الذي صاغه الرئيس قيس سعيّد، الأحد 12 مارس/آذار، وفق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فيما تبرز تناقضات بشأن تاريخ انتهاء هذه الآجال، وتفسير الدستور.
وينص الفصل 71 من الدستور الجديد الذي سنّه سعيّد وعرضه على الاستفتاء في 25 يوليو/تموز 2022، على أن "يعقد مجلس نواب الشعب دورة عادية تبدأ خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول وتنتهي خلال شهر يوليو/تموز، على أن تكون بداية الدورة الأولى من المدة النيابية لمجلس نواب الشعب في أجل أقصاه خمسة عشر يوماً من تاريخ الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، بدعوة من رئيس المجلس المنتهية مدته، أو بدعوة من رئيس الجمهورية في حالة حل مجلس نواب الشعب".
وبيّن المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري، في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، أن "الأجل الأقصى لعقد أول جلسة للبرلمان هو بعد 15 يوماً من إعلان النتائج النهائية، أي 12 مارس 2023"، لافتاً إلى أن "المسألة محسومة وفق الفصل 71 من دستور 2022".
ولم يدعُ الرئيس التونسي بعد، النواب الجدد إلى الاجتماع وبدء عمل المجلس الجديد، وسط تساؤلات حول إجراءات ذلك، وكيفية تنظيم الجلسة، باعتبار أنه تم حلّ المجلس السابق، وإنهاء العمل بالدستور القديم وكل النصوص المنبثقة عنه.
ومرّت سنة على حل الرئيس سعيّد البرلمان المنتخب في 2014 عبر مرسوم رئاسي في 30 مارس/آذار 2022، غير أن المجلس التشريعي تم غلقه فعلياً، وتجميد أعماله في 25 يوليو 2021، مع تمكين كاتبه العام من تسيير شؤونه موقتاً.
وتم غلق أبواب المجلس منذ سنة ونصف، وتوقفت عمليات التعهد والصيانة لقاعته وحدائقه، كما تم غلق متحف باردو، لتواجده في نفس فضاء قصر البرلمان.
وعن انتهاء آجال انطلاق أعمال البرلمان الجديد، بيّن أستاذ القانون العام يوسف عبيد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "انطلاقة المجلس تكون في أجل أسبوعين من إعلان النتائج النهائية للانتخابات التشريعية، وتكون بذلك يوم 16 مارس المقبل، باحتساب أيام العمل فقط، من دون احتساب أيام العطل ونهاية الأسبوع".
وأفاد بأنه "بحسب دستور 2022، فإن رئيس الجمهورية هو من يدعو المجلس إلى الانعقاد، وهذا لا يتطلب تحضيرات، بينما التحضيرات لتنصيب مجلس جديد ستكون بعد جلسة الافتتاح، من انتخاب رئيس المجلس، وتشكيل اللجان، ونظام الكتل، بعد تغيير نظام الاقتراع على الأفراد".
وأوضح أن "الإشكال يكمن في ما بعد الافتتاح، وتنظيم سير العمل ووضع النظام الداخلي، خصوصاً في غياب قانون ينظم العمل بين المجلس وبقية السلطات الأخرى، يفرض ويحدّد طريقة التعامل معها، لأن النظام الداخلي يهم العمل داخل المجلس فقط وغير ملزم لغير المجلس".
وبين أن "البداية ستكون مختلفة ككل البدايات، وستأخذ حيزاً زمنياً نظراً لحداثة المجلس، وكل هذا سينعكس على آليات العمل داخله".
من جانبه، اعتبر رئيس المجلس الوطني لـ"حركة الشعب" والنائب في البرلمان الجديد، عبد الرزاق عويدات، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الأجل الأقصى لانطلاق عمل المجلس الجديد هو يوم 15 مارس، باعتبار إعلان النتائج النهائية ونشرها في الرائد الرسمي (الجريدة الرسمية للبلاد) تمّ يوم 28 فبراير/شباط، ويوم العدّ لا يُعدّ قانوناً، بل ينطلق يوم 1 مارس/آذار، وبالتالي فالأجل الدستوري هو 15 من الشهر نفسه".
وبيّن عويدات أنه "إلى حدود اليوم لم تصله دعوة رسمية للالتحاق بالبرلمان الجديد والحضور في الجلسة الافتتاحية"، مشيراً إلى أنه "لا وجود لأي مانع لانعقاد الجلسة الافتتاحية في ذلك الموعد".
وأوضح أنه "ليس هناك نظام داخلي ينظم المجلس الجديد"، لافتاً إلى أن "الدستور الجديد ينصّ فقط على أن الجلسة يدعو إليها رئيس الجمهورية، ولكن لا يتحدث الدستور عن ترؤس الجلسة الافتتاحية وتنظيمها، وتلاوة أسماء النواب الفائزين، وإحالتها لأكبر النواب سناً"، مشيراً إلى أن "هذا الأمر ينظمه رئيس الجمهورية".
وأفاد بأنه "سيُفتح باب الترشح لرئاسة المجلس ونائبيه، وبعد تعيين رئيس المجلس، تنطلق مرحلة إعداد النظام الداخلي وتكوين الكتل واللجان"، مبيناً أنه يمكن الاستعانة بالنظام الداخلي القديم، لأن فيه نقاطاً إيجابية، على غرار تسيير البرلمان، والجلسة العامة، ودور النائب، والاستقلالية المالية والإدارية، مع ملاءمتها مع الدستور الجديد".
وقال المحلل السياسي ماجد البرهومي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، "لا أستغرب تجاوز الآجال أو خرق الدستور في ما يتعلق بانطلاق المجلس الجديد، فلم يعد الخروج عن الدستور أمراً غريباً، حيث تمت مخالفة دستور 2014 في 25 يوليو 2021، كما خرق المجلس السابق بدوره دستور 2014 بعدم إرسائه للمحكمة الدستورية، وسارت البلاد خارج الشرعية الدستورية والقانونية".
ولفت إلى أنه "لا يستغرب أن ينطلق المجلس في عمله بعد 3 أسابيع أو أسبوعين من موعده، كما يمكن أن يجتمع خلال يومين آخرين، فكل الأمر أصبح خارج المعايير المتعارف عليها والآجال، وقد لاحظنا مساراً كاملاً تم إنجازه واختزاله في سنة، بصياغة دستور وقانون انتخابي وإجراء انتخابات".
ورجح المحلّل أن "يكون مردّ هذا التأخير في دعوة المجلس للانعقاد إلى تراكم المشاكل التي تعيشها البلاد وتواجهها السلطة، منها مشكلة المهاجرين، واحتجاج الاتحاد العام التونسي للشغل، وملف الإيقافات، وغيرها من الإشكاليات"، مبيناً أنه بتجاوز هذه المشاكل وعودة بعض الهدوء، ستتم دعوة المجلس للانعقاد".
وأعلنت هيئة الانتخابات عن النتائج النهائية للدور الثاني من انتخابات مجلس نواب الشعب في 25 فبراير، فيما جرى الاقتراع العام في جولة الإعادة يوم الأحد 29 يناير/كانون الثاني الماضي، تكملة للدور الأول الانتخابي الذي جرى في 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وأفرزت الانتخابات فوز 154 عضواً خلال الدورتين، من جملة 161 عضواً حسب ما ينص عليه الدستور، وبالتالي سينطلق البرلمان الجديد منقوصاً من 7 أعضاء، حيث يرجح إجراء انتخابات جزئية في دوائر الخارج السبعة التي لم تسجل أي ترشحات، وذلك بعد تنصيب المجلس التشريعي الجديد، وانتخاب رئاسة البرلمان، وشروعه في العمل رسمياً.
وفي السياق، أصدرت الدائرة الجناحية السادسة بالمحكمة الابتدائية في تونس، أمس الثلاثاء، بطاقة إيداع بالسجن في حق نائبة فازت في الانتخابات التشريعية الأخيرة، مع تأجيل محاكمتها إلى جلسة غد الخميس، من أجل إقامة شهادة نصّت فيها على أمور غير حقيقية.
ونقلت تقارير إعلامية متطابقة أن النائبة المتهمة فازت بالانتخابات التشريعية عن دائرة انتخابية وسط العاصمة تونس، غير أن مرشحاً آخر من نفس الدائرة لم يفز بالانتخابات، تقدم ضدها بشكوى مفادها أنها قدمت شهادة إقامة بالدائرة الانتخابية التي ترشحت عنها، متهماً إياها بأنها لا تقطن بمرجع النظر الترابي لتلك الدائرة، وردّت المشتكى بها بأنها تملك أكثر من عنوان، وسبق لها أن أقامت بالسكن في مرجع نظر دائرتها الانتخابية. وقد تقرر إحالتها " توّاً" على أنظار الدائرة الجناحية التي أصدرت في حقها بطاقة إيداع بالسجن، وتأجيل محاكمتها إلى غد الخميس.