استمع إلى الملخص
- وزير الخارجية الأسبق أحمد ونيس أعرب عن استغرابه للقرار، مؤكدًا على أهمية القمة كفرصة لتونس لتعزيز مكانتها دوليًا وتسليط الضوء على قضايا مهمة مثل الأزمة في فلسطين.
- الدبلوماسي السابق عبد الله العبيدي قدم تفسيرًا يرى فيه القرار تجنبًا للحرج والالتزامات الجديدة، مشيرًا إلى تحديات تونس في موازنة علاقاتها الدولية واستكشاف فرص التعاون الجديدة، خاصة مع الانفتاح الأخير على الصين.
أثار قرار الرئيس التونسي قيس سعيد عدم المشاركة في اجتماعات قمة مجموعة الدول الصناعية السبع المنعقدة في إيطاليا، وتكليف رئيس الحكومة أحمد الحشاني، تمثيل تونس والحضور بدلا عنه، تساؤلات في الأوساط التونسية. ووجهت مجموعة السبع دعوة للرئيس سعيد للمشاركة في قمتها إلا أن الرئاسة التونسية أعلنت أمس الخميس عن تكليف رئيس الحكومة لتمثيل تونس دون الكشف عن أسباب عدم مشاركة رئيس الجمهورية.
وعبّر وزير الخارجية الأسبق أحمد ونيس، في حديث لـ"العربي الجديد" عن استغرابه "الشديد" لامتناع رئيس الجمهورية قيس سعيد عن الحضور في مثل هذه القمة"، مؤكدا أنه "حسب التقليد والأعراف الدولية لا يجوز رفض المشاركة". وشدد على أن "قمة السبع الكبرى هي قمة العالم المصنّع والمتقدم في التكنولوجيا وفي الاقتصاد، ويعد تخصيص لقاء لرؤساء من خارج السبع امتيازا". ومضى قائلاً: "سبق لرئيس الجمهورية الراحل الباجي قائد السبسي، أن استجاب مرتين لدعوة مماثلة، ودعي خلال إحداهما لمأدبة عشاء كما دعاه الرئيس الأميركي باراك أوباما للقاء تم خلاله الحديث حول العديد من القضايا التي تهم تونس والمحيط الإقليمي والدولي، وبالتالي هذه المناسبات تعد امتيازا للدولة التونسية". وتساءل الوزير السابق عن "السبب والبديل من تفويت اللقاء والتحادث مع زعماء أهم الدول المصنعة التي تعد المكملة للاقتصاد التونسي". وفي حين لفت ونيس إلى أن "تونس لا تمثل المصالح التونسية الضيقة بل بإمكانها نقل احتياجات العالم الأفريقي والعربي والمتوسطي"، أشار إلى أنه "تم تفويت التطرق للأزمة الخطيرة التي تعيش على وقعها فلسطين وتحتاج أن توليها القمة شيئا من الاهتمام". وأضاف: "هناك مسؤولية تتجاوز المصالح التونسية الضيقة" حسب تعبيره.
من جانبه، اعتبر الدبلوماسي السابق عبد الله العبيدي، في حديث لـ"العربي الجديد" أن "تكليف رئيس الجمهورية قيس سعيد لرئيس الحكومة لتمثيل تونس في القمة يمكن أن يكون تفاديا للحرج وحتى يتجنب الالتزام بأشياء جديدة، وبالتالي هي أخذ للمسافة ووقفة تأمّل لدراسة خيارات وملفات كبيرة مطروحة على الطاولة لم توفر مقومات إنجازها نظرا لضيق الوقت". وأضاف: "إذا حضر (سعيد) في قمة بهذا الحجم وفي حضور زعماء القوى المصنعة فلن تكون له إمكانية عدم الالتزام والقبول بطلباتهم".
وفسر العبيدي بأن "زيارة الرئيس (قيس سعيد) الأخيرة للصين ولقاء الوزير الأول في كوريا ومخرجاتها تحتاج تشاورا ودراسة ولا يمكن له الالتزام بمسائل جديدة". وذكر العبيدي أنه "سبق ودُعي سعيد إلى روما (أواخر يناير/كانون الثاني هذا العام) وقدم هناك التزامات بخصوص الهجرة فيما تم إرجاء ما يهم التنمية، وبالتالي فإن حضور الرئيس خلال هذه القمة دون استعداد سيضعه- في حضور دول أعدت استراتيجياتها وبرامجها بحكم علاقاتها ومصالحها التقليدية- أمام طلب حراسة الحدود الجنوبية لأوروبا". وأشار العبيدي إلى أن "انفتاح تونس على المعسكر الآخر وزيارة سعيد للصين يعدان خطوة في العمق وليسا للمجاملات، لكن الغرب سيتصدى لهذه التوجهات باعتبار أن هناك صراعات للتموقع في العالم، وهو ما يمكن أن يتيح لقوى صغيرة ومتوسطة على غرار تونس أن ترصد الوضع وتدرس المخاطر وتجلب ما أمكن من منافع".
وأضاف: "في نفس الوقت، هناك ضغط من تونس على أوروبا، وكذلك هناك عاملان، سياسي ودبلوماسي، يجعلان من الصعب أن تتحول تونس إلى حليف للصين بين ليلة وضحاها بالنظر إلى مصالح تونس مع فرنسا، حيث ترتبط بأشخاص ومؤسسات وقطاعات ومجموعات، ولا تستطيع التغيير بالسرعة الكافية، ولكن يمكن بعد عقود أن تتحول العلاقات نحو الصين"، حسب تقديره.