فككت قوات النظام السوري، أمس الخميس، آخر النقاط الأمنية (الحواجز) التابعة لها في منطقة درعا البلد ومحيطها، جنوبي سورية، في خطوة غير مفهومة، بالنظر لعدم وجود ضغط أو مطالب ملحة من الأهالي بإزالتها.
وقال أيمن أبو محمود الناطق باسم "تجمع أحرار حوران" (شبكة محلية تغطي أخبار محافظة درعا)، لـ"العربي الجديد"، إن قوات النظام انسحبت من حاجز المصلخ القريب من مقبرة البحار جنوبي درعا البلد، ومن حاجز البريد في حي العباسية، ومن نقطة أمنية في حي المنشية، مشيرا إلى أنها كانت أخلت أيضا قبل أيام حاجزي الشلال ومدرسة القنيطرة في حي طريق السد بدرعا.
وكان النظام قد نشر هذه الحواجز بموجب اتفاق تسوية جديد في سبتمبر/أيلول 2021، بعد انتهاء حملة عسكرية أطلقتها "الفرقة الرابعة" التابعة للنظام في أحياء مدينة درعا.
وجرى الاتفاق في حينه بين قوات النظام و"اللجنة المركزية" الممثلة السكان والفصائل المحلية على نشر ثمانية حواجز في درعا البلد وحي طريق السد، أزيلت ثلاثة منها مطلع 2022 والبقية في الأيام الأخيرة.
وحول دوافع هذه الخطوة من جانب قوات النظام، قال الناطق باسم التجمع إن "الأسباب غير معروفة حتى الآن، لكن منذ بداية الشهر الحالي، يتجه النظام لإزالة الحواجز في مختلف المدن السورية في إطار التزامات قدمها للأطراف العربية".
وأضاف: "هناك 4 نقاط أمنية في درعا، لم يكن لها أي دور في حياة الناس، وازالتها لن تحدث فارقا"، موضحا أن "مخفر شرطة تابع للنظام ما زال موجودا في درعا البلد، لكن معظم الأهالي لا يتوجهون إليه لحل المشكلات العائلية، ويلجؤون عادة الى الوجهاء والزعامات المحلية".
ورأى أبو محمود أن إزالة الحواجز من درعا البلد وطريق السد قد تكون خطوة من جانب النظام لتوفير المزيد من العناصر الذين قد يحتاجهم في أماكن أخرى، خاصة مع انعدام العائد بالنسبة لهم، سواء العائد الأمني حيث لا تتدخل هذه الحواجز في حياة الناس، أو العائد المادي نظرا لعدم عبور شاحنات تجارية من المنطقة، ما يتيح ابتزازها من قبل عناصر الحاجز والحصول على إتاوات مقابل مرورها أو عدم تفتيشها، كما يحصل عند حواجز في مناطق أخرى.
واعتبر أبو محمود أن إزالة هذه الحواجز تسهم في تعزيز أجواء الاستقرار في المنطقة، لافتا إلى أن وجهاء المحافظة لطالما حثوا ضباط الأجهزة الأمنية في المحافظة على إزالة الحواجز العسكرية من مداخل المدن والبلدات، والتي ليس لها أي دور أمني كما هو مفترض، وتقتصر مهمتها على الابتزاز المالي وترهيب الأهالي، فضلا عن وجود شكوك قوية لدى الأهالي في ضلوع بعض ضباط وعناصر تلك الحواجز في عمليات الخطف والسرقة، عن طريق حماية الجناة وتسهيل مرورهم مقابل الحصول على مبالغ مالية منهم، إضافة إلى بث الفتنة بين أبناء المحافظة.
إزالة الحواجز في مناطق أخرى
وكانت قوات النظام أزالت، منذ مطلع الشهر الجاري، حواجز أمنية من أطراف مدينة حماة وسط البلاد، وطريقي حمص- طرطوس ودمشق- درعا، إضافة الى إزالة أحد أكبر الحواجز على الطريق الواصل بين محافظة القنيطرة والعاصمة دمشق.
وذكرت صحيفة "الوطن" القريبة من النظام، مطلع الشهر الجاري، أنه بعد إزالة حاجز دير ماكر على طريق السلام بين محافظة القنيطرة ودمشق، هناك خطوات أخرى لإزالة عدد من الحواجز في محافظة القنيطرة وعلى الطريقين الواصلين بين القنيطرة ودمشق وأوتوستراد السلام، وطريق سعسع القديم.
وفي المقابل، ذكر موقع "صوت العاصمة" المعارض أن فرع الأمن العسكري نشر حواجز مؤقتة ودوريات جوالة في بلدة رنكوس بريف دمشق الغربي، حيث يفتش عناصر الأمن المارة ويدققون في الهويات الشخصية ودفاتر الخدمة العسكرية، وذلك عقب ظهور كتابات على الجدران في تلك المناطق تتعاطف مع احتجاجات السويداء، جنوبي البلاد.
وذكر الناشط سامر الدمشقي، لـ"العربي الجديد"، أن معظم الشكاوى تتجه إلى حواجز الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام بشار الأسد، والمنتشرة على طول الطريق بين دمشق وحلب وتفرض إتاوات على التجار والعابرين، وتضيق عليهم، بهدف الابتزاز المالي، مشيرا إلى أن "اقتصاد الحواجز" يعد من أهم مصادر دخل الفرقة، إضافة إلى عملها في تجارة المخدرات، وفي "تعفيش" (الاستيلاء على محتويات) منازل النازحين والمهجرين في مناطق المعارضة.
وأضاف أن عناصر الفرقة الرابعة يعمدون إلى تفتيش حافلات الركاب وسيارات الأجرة والشاحنات التي تحمل الخضراوات أو مواد تجارية، بهدف الابتزاز المالي، وهو ما يدفع التجار إلى رفع ثمن المنتجات بهدف تعويض الخسائر التي تكبدوها على الحواجز. وقال: "كل حاجز يأخذ "حصته" ولا يعترف بما يفعله الحاجز الآخر".
ولفت الدمشقي إلى أن إزالة بعض الحواجز قد تكون ضمن محاولة النظام تحسين مظهره أمام الخارج، خاصة مع بدء وصول بعض الوفود العربية والأجنبية إلى سورية عقب الانفتاح العربي الأخير على النظام، مشيرا إلى أن أغلب الحواجز التي جرت إزاتها كانت في الطرق المحتمل مرور الوفود العربية والأجنبية عبرها.
كما لم يستبعد الدمشقي أن تكون للنظام أهداف أخرى من إزالة بعض الحواجز، خاصة تلك الموجودة في منطقة اللجاة الفاصلة بين محافظتي درعا والسويداء، وذلك بهدف إفساح المجال لتحرك عناصر تنظيم "داعش" نحو محافظة السويداء بهدف ابتزاز أبناء المحافظة أمنيا، في ضوء الاحتجاجات اليومية التي تشهدها المحافظة والتي باتت مقلقة للنظام.