استمع إلى الملخص
- شارك العاهل الأردني في الحديث، مما يشير إلى دور محتمل له في تسهيل التقارب بين الجزائر والإمارات، خاصة بعد محاولة فاشلة للقاء بين تبون وبن زايد في يوليو 2023، مما يجعل اللقاء الحالي خطوة مهمة نحو تجديد العلاقات.
- يعتبر المحللون اللقاء نقطة تحول محتملة لوقف المناكفة السياسية والإعلامية بين البلدين، مما يتطلب حواراً مكثفاً ووقتاً لحل المسائل المتعلقة بالأمن القومي ويفتح الباب لتفاهمات لاحقة تسهم في تحسين العلاقات وتنعكس إيجاباً على الأزمات الإقليمية.
جرى أول لقاء وحديث مباشر بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس دولة الإمارات محمد بن زايد الجمعة، من دون ترتيب مسبق على هامش اجتماع قمة السبع في إيطاليا. وجاء اللقاء بعد فترة طويلة من توتر العلاقات بين البلدين، واتهامات غير مباشرة كانت قد وجهتها الجزائر إلى أبوظبي باستهداف أمنها القومي والإقليمي.
وظهر بن زايد وهو يتوجه إلى حيث كان يجلس الرئيس تبون إلى الطاولة المستديرة قبيل بدء اجتماع القادة في قمة السبع، حيث تحدثا لفترة، قبل أن يدور بينهما حديث ثانٍ بعد الاجتماع دون الكشف عن تفاصيل المحادثات الجانبية. وبرز في المشهد العاهل الأردني عبد الله الثاني في الحديث الأول، ما يعطي انطباعاً بدور ما للملك الأردني في تحقيق هذا اللقاء بين تبون وبن زايد، بخلاف محاولة فاشلة أولى للقاء بين الرجلين على هامش منتدى سان بطرسبرغ في روسيا في يوليو/ تموز 2023. ويُعَدّ لقاء الجمعة في باري الإيطالية خطوة من الممكن أن تخفف من حدة الفتور والتوتر الذي يطبع العلاقات بين البلدين، منذ اعتلاء الرئيس تبون سدة الحكم في الجزائر.
وساءت العلاقات بين الجزائر وأبوظبي خريف عام 2020، عندما أدلى الرئيس تبون بتصريح مثير للجدل خلال حوار تلفزيوني وصف فيه اتفاقات التطبيع الثلاثي بين الإمارات والمغرب والبحرين، مع إسرائيل بأنه "هرولة". وكان لافتاً إحجام الرئيس الجزائري عن زيارة الإمارات، خلال جولة خليجية كانت قد شملت في مارس/ آذار 2022 كلاً من قطر والكويت، وزار قبلها الرياض.
كما كان واضحاً هذا التوتر من خلال مناكفة إعلامية حادة متبادلة بين البلدين، وهجوم غير مسبوق من سياسيين وقادة أحزاب مقربة من السلطة في الجزائر، ضد الإمارات، وحملة إعلامية منظمة لصحف مقربة من الرئاسة، كانت وصفت أبوظبي "بعاصمة اختلاق الفوضى"، واتهامات بدور إماراتي في خلق توترات في دول جوار الجزائر، ليبيا والساحل.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، كان المجلس الأعلى للأمن القومي في الجزائر، قد عقد اجتماعاً وعبّر في بيان رسمي عن "أسفه للتصرفات العدائية المسجلة ضد الجزائر، من طرف بلد عربي شقيق"، ووجه حينها "آخر إنذار لهذا البلد بهذا الشأن"، (قصد بها الإمارات)، بينما كان الرئيس تبون قد قال في حوار صحافي بُثّ قبل ثلاثة أشهر إن "هناك دولة شقيقة تقوم بضخّ أموال لإثارة الفتنة في كثير من الدول"، وذكر ليبيا والسودان واليمن.
أزمة صامتة
وقال الباحث في السياسات الأمنية جمال هديري في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إنّ "من المبكر الحديث عن إمكانية أن يؤدي هذا اللقاء بين تبون وبن زايد إلى إنهاء الأزمة السياسية بين البلدين، بينما يمكن أن يفتح الباب نحو تجديد قنوات الاتصال السياسي". وأضاف أن الأزمة بين البلدين "أزمة صامتة، وهذا النوع من الأزمات هو الأكثر تعقيداً، لأن كل طرف في الأزمة غير صريح وحذر في مواقفه تجاه الطرف الآخر لكونه يستخدم أدوات غير مباشرة، وهذا هو بالضبط واقع الأزمة بين الجزائر والإمارات". وتابع: "من جانب ثانٍ، الجزائر تعتبر أن الأزمة مع أبوظبي تخصّ أمنها القومي مباشرةً، وحلّ هذه المسائل يتطلب حواراً مكثفاً ويحتاج إلى وقت، بينما أبوظبي لها استراتيجيتها الخاصة".
نقطة تحول
لكن المحلل السياسي الخير بلحسين، يعتبر أن اللقاء الذي حدث بين تبون وبن زايد "سيمثل نقطة تحول لصالح وقف المناكفة السياسية والإعلامية في المرحلة الأولى، على أن يفتح ذلك الباب على تفاهمات لاحقة حول القضايا والنقاط الخلافية بين البلدين".
وأشار بلحسين في تصريحات لـ"العربي الجديد" إلى أن "الرسائل السياسية التي سبق أن وجهتها الجزائر إلى الامارات في وقت سابق قد تكون بلغت أبوظبي، بأن الجزائر لن تسمح بأي تلاعب بمصالحها وأمنها القومي والإقليمي، والصرامة التي أبدتها الجزائر بهذا الشأن كانت واضحة. في المقابل، البلدان كل منهما يلعب دوراً في بعض الأزمات في المنطقة مثل ليبيا، وكل تقارب أو تفاهمات ستنعكس بالإيجاب على هذه الأزمات".