لقاء المشري ولودريان: تعثر ملف إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا

03 ابريل 2021
فرنسا تدعو إلى سحب كافة المقاتلين الأجانب (فيسبوك)
+ الخط -

قال المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، إن رئيسه خالد المشري بحث مع وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، ملف إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، أثناء لقائهما في نيامي، أمس الجمعة، على هامش حفل تنصيب الرئيس النيجري الجديد، محمد بازوم. 
وأضاف المكتب أن وجهات النظر بين المشري ولودريان في هذا الملف "تباينت"، فبينما شدد المشري على "ضرورة إخراج المرتزقة وأية قوات موجودة بشكل غير شرعي أولاً، ثم خروج القوات التي جاءت بناء على دعوة من السلطات الشرعية، الموجودة بناء على اتفاقيات واضحة"، أكد لودريان على "ضرورة خروج كل القوات في وقت متزامن".
وأشار البيان إلى أن المشري أوضح "للوزير الفرنسي صعوبة التحقق من خروج المرتزقة والقوات الموجودة بشكل غير شرعي، وهو ما يمثل خطرا على الأمن القومي، وضرورة التعاون لإيجاد الآليات المناسبة بالتعاون مع لجنة 5+5 المكلفة بمراقبة وقف إطلاق النار".
ومنذ انتخاب ملتقى الحوار السياسي سلطة تنفيذية موحدة في ليبيا، في الخامس من فبراير/شباط الماضي، عاد ملف القوات الأجنبية والمرتزقة إلى الواجهة مجددا، بعد أن فشلت اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 في إخراج المقاتلين الأجانب في غضون 90 يوما، وفق ما قرره الاتفاق العسكري الموقّع في 23 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وانتهى يوم 23 يناير/ كانون الثاني الماضي، وسط مطالب دولية ما تزال تشدد على ضرورة انسحابهم من كامل التراب الليبي. 
وخلال زيارته لطرابلس مع نظيريه الإيطالي لويجي دي مايو، والألماني هايكو ماس، نهاية مارس/آذار الماضي، أكد لودريان أن بلاده والاتحاد الأوروبي يعملان على انسحاب كافة القوات الأجنبية والمرتزقة، لمساعدة ليبيا على تحقيق سيادتها الوطنية. 
ويرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، علي أبو شعالة، أن الإشكال متعلق بالوجود التركي والروسي، ولا يبدو مرتبطاً بالمرتزقة الأفارقة، سواء من الجنجويد أو مسلحي حركات التمرد التشادية، الذين جلبهم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، للقتال في صفوف قواته.
وأجرى رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، عدة زيارات خارجية بدأها بباريس مرورا بالقاهرة وانتهاء بأنقرة، تركزت على بحث الملف الأمني في ليبيا، بحسب مصادر حكومية ليبية كانت قد أكدت، في تصريحات سابقة لـ "العربي الجديد"، أن المنفي أبلغ الجانب التركي رغبة القيادة الليبية الجديدة في إعادة النظر في الاتفاقات الموقعة بين حكومة الوفاق السابقة والحكومة التركية، من خلال احتفاظها بالاتفاق البحري وتجميد الاتفاق الأمني أسوة بباقي الاتفاقات الأمنية التي وقّعتها ليبيا مع عدد من الدول. 


وفي تصريحه لـ"العربي الجديد" أوضح أبو شعالة أن "بيان المشري يعكس بوضوح وجود اختلافات بين المتفقين على خروج القوات الأجنبية"، معتبراً "طلب لودريان خروج القوتين الروسية والتركية في وقت واحد، يعكس خشية فرنسية من خرق الجانب التركي لأي اتفاق في هذا الشأن، ولو بالإبقاء على جزء من القوات التركية، ويعكس كذلك موقف المشري الرافض لمساواة قوات تركيا بمقاتلي شركة فاغنر، على اعتبار أنها موجودة في ليبيا بشكل قانوني". 
من جانبها، ترى الناشطة السياسية الليبية مروة الفاخري، بيان المجلس الأعلى للدولة، بأنه "صادم"، موضحة أن "الرأي العام المتابع لأخبار ملف المقاتلين الأجانب يعتقد أنه أحرز تقدما كبيرا، خصوصا مع ثناء البعثة الأممية مرات عديدة على جهود لجنة 5+5، لنكتشف الآن أنه لا يوجد اتفاق على آلية إخراجهم حتى بين المتفقين على ذلك". 
ويعد ملف القوات الأجنبية والمرتزقة، الذين قدرت الأمم المتحدة عددهم في ليبيا بنحو 20 ألف مقاتل، من أبرز الملفات التي تمثل أولويات السلطة التنفيذية الجديدة، ووصفه رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، بـ"الخنجر في ظهر ليبيا".
وكان الدبيبة قد أشار مبكرا إلى رؤية السلطة الجديدة في التعامل مع هذا الملف، بقوله إنه "يتطلب الحكمة والاتفاق مع الدول التي أرسلتهم".

وترى الفاخري، في حديث مع "العربي الجديد"، أن ذلك يمثل وجهة نظر الدبيبة الذي زار تركيا فور تسميته رئيسا للحكومة من جانب ملتقى الحوار السياسي، لافتة إلى أنه صرح أكثر من مرة برغبته في الحفاظ على نصف الاتفاق الرسمي مع الحكومة التركية، وتحديدا الاتفاق البحري. 
وتعتقد الفاخري أن تعثر الجهود في هذا الملف لا يتوقف عند حد اختلاف وجهات النظر في العواصم المتدخلة في ليبيا، بل أيضا داخليا، فـ "الدبيبة تحكم المصالح الاقتصادية سياساته، ولذا فهو متمسك ببقاء الاتفاق البحري مع تركيا، ويدعمه في ذلك قطاع واسع في غرب ليبيا، وتحديدا مصراته التي ينتمي إليها"، معتبرة أن موقف الدبيبة أربك تحرك المنفي بين الخارج والداخل. 
ورغم الموقف الأميركي المتشدد بخصوص ضرورة خروج القوات الأجنبية من ليبيا، إلا أن الفاخري ترى أن الملف لا يزال شائكا ومعقدا، وقالت "لو كانت هناك رؤية موحدة لبادرت الأمم المتحدة إلى تبنّيها وفعّلت لجان المراقبة الدولية التي لا تزال اختصاصاتها فقط متوقفة على مراقبة وقف إطلاق النار".

المساهمون