استمع إلى الملخص
- أهمية الوحدة الوطنية: إياد نصر من فتح يشدد على أن اللقاءات بين فتح وحماس في القاهرة تعزز الوحدة الفلسطينية وتخفف من معاناة المواطنين، مما يقوي الموقف الفلسطيني أمام المجتمع الدولي.
- المساعي المصرية والدولية: مصر تسعى لعقد لقاء وطني فلسطيني في أكتوبر لمناقشة الملف الداخلي، وتؤكد على ضرورة انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من محور صلاح الدين، مع استمرار الجهود الدولية لوقف الحرب.
كشف القيادي في حركة حماس، محمود المرداوي، عن الملامح العامة لرؤية الحركة لليوم التالي لوقف الحرب على قطاع غزة، وذلك قبل أيام من لقاء الفصائل الفلسطينية المزمع عقده في العاصمة المصرية القاهرة، مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، لمناقشة الملف الداخلي، بحضور الفصائل الفلسطينية الفاعلة. وأكد مرداوي في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، أن "مواجهة العدو الإسرائيلي، وتسهيل المهمة على الدول غير المنحازة له من أجل وقف الإبادة ضد شعبنا، تتطلب أن تكون لدى الحركة رؤية واضحة حول إدارة قطاع غزة في المستقبل".
لقاء الفصائل الفلسطينية... إن تمّ
وقال المرداوي إن "اللقاء المقرّر عقده في القاهرة، إن تمّ، فنحن نرحب به وندعو إليه، ونقول إنه لا يمكن أن نواجه هذا العدو، أو أن نسهل محاولات وقف عملية الإبادة على كل الأصدقاء وعلى المنظومة الدولية (غير المتحيزة) وغير المشاركة في الحرب، وعلى كل من يريد مساعدتنا وتقديم العون لنا، دون أن تكون هناك رؤية سياسية لليوم التالي للحرب". وشدّد على أن ذلك "يجب أن يرتكز على رؤية موحدة، وحكومة تقام على أي شكل من التوافق الفلسطيني". وأضاف: "يحبذ أن تكون تلك الحكومة مكونة من الفصائل، وتشرف على إدارة قطاع غزة وإدارة المعابر، وأن يكون من ضمن مهمتها، تأهيل الواقع السياسي الفلسطيني الداخلي، لإجراء انتخابات الضفة الغربية وغزة، لتحديد من يمثل الشعب الفلسطيني، ويقوم بالإشراف على هذه المرحلة الحسّاسة من قضيتنا الفلسطينية". وأكد المرداوي أنه "بعد هذه التضحيات الكبيرة التي بذلها الشعب الفلسطيني، فإن المرحلة الحالية، تشكل فرصة يجب استثمارها لدعم الموقف الوطني الفلسطيني".
محمود مرداوي: يحبذ أن تكون الحكومة المقبلة مكونة من الفصائل، وتشرف على إدارة قطاع غزة والمعابر، وتأهيل الواقع السياسي الفلسطيني لإجراء انتخابات الضفة وغزة
من جهته، قال القيادي في حركة فتح، إياد نصر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "اللقاءات ما بين فتح وحماس والقاهرة، في ظلّ الظروف التي يعيشها الشعب الفلسطيني والحرب والاستهداف للوجود الفلسطيني، شكل من أشكال الوحدة والتقارب وإنهاء الخلاف الفلسطيني الداخلي، ويساهم في تعظيم الموقف الفلسطيني وتوحيده لكي يكون مقبولاً للمجتمع الدولي"، مضيفاً أنه "إذا كان كانت الحالة الفلسطينية مشتتة، فهذا سيؤثر بالسلب على أي تقارب داخلي يرفع معنويات الشعب الفلسطيني".
وأضاف نصر: "بعيداً عن قضية وقف إطلاق النار، فالمصالحة الفلسطينية الداخلية الحقيقية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، يساهمان حقيقة في رفع معاناة المواطنين الفلسطينيين، في ظل هذه الحرب، لأن المواطن الذي ذاق أبشع الويلات، عندما يستشعر بأن هناك قيادة فلسطينية موحدة تقف خلفه وترعاه، فهذا في نظري يخفف من المعاناة، وبات مطلباً لشعبنا، واستمرار الخلاف لا يفيد". وتابع: "المصالحة الفلسطينية الداخلية بالإضافة إلى لقاء الفصائل الفلسطينية واللقاءات بين فتح وحماس، تعطي أفقاً لإدارة قطاع غزة ما بعد الحرب، وتوحد الحالة الفلسطينية في ظل حكومة موحدة، تشرف على كل احتياجات شعبنا الفلسطيني".
وبرأيه، فإنه "بات حقيقةً من الضروري أن تكون هناك وحدة وطنية، وإدارة موحدة للضفة وغزة، تحت سلطة وطنية واحدة، وهذا أيضاً يعطي إشارة للمجتمع الدولي على أن الفلسطينيين لديهم رغبه واضحة في حكومة واحدة، ترعى الشأن الفلسطيني، ولا تدخلنا في مناكفات داخلية مع حركة حماس في قطاع غزة، حول طبيعة إدارة الشؤون الفلسطينية الداخلية، وأيضا هذا يتيح مساحة لإدراك إسرائيل بأنه لا سبيل للتلاعب بالاختلاف الداخلي الفلسطيني، في من سيدير قطاع غزة، والبحث عن أشكال هلامية ضعيفة في إدارات مدنية، تدير القطاع وتتجاهل فيها إسرائيل دور منظمة التحرير الفلسطينية، والاتفاقيات". وأكد أن "المصالحة ستفوت الفرصة على إسرائيل لتلعب في مساحة البيت الفلسطيني الداخلي، وتحاول أن تعبث بشكل الإدارة المقبل لقطاع غزة". وشدّد على أن "الموقف الفلسطيني لا يبحث فقط عن إدارة القطاع، بل عن إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في حدود الرابع من يونيو/حزيران عام 67 وعاصمتها القدس الشرقية".
ترتيبات منفصلة عن وقف إطلاق النار
وأكد مصدر قيادي في حركة حماس لـ"العربي الجديد"، وجود ترتيبات لعقد لقاء وطني فلسطيني في مطلع أكتوبر/تشرين الأول المقبل لمناقشة الملف الداخلي. وقال القيادي في "حماس"، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن لقاء الفصائل الفلسطينية سيعقد في القاهرة بحضور كل الفصائل الفلسطينية الفاعلة، وإنه لا مانع من عقد لقاءات ثنائية مع حركة فتح قبل لقاء القاهرة وبعده.
ورغم أن الرؤية المصرية الخاصة بمستقبل قطاع غزة بعد الحرب، غير واضحة بشكل تام، إلا أن القاهرة تتمسك على وجه الخصوص، بضرورة انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي، من محور صلاح الدين على الحدود بين قطاع غزة وسيناء، لأن احتلاله يعتبر مخالفة جسيمة لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، وملاحقها الأمنية.
إياد نصر: حكومة الوحدة ستمنع إسرائيل من البحث عن أشكال هلامية ضعيفة في إدارات مدنية تدير القطاع
أما بخصوص من سيدير قطاع غزة ويتحمل مسؤولية توفير الأمن والغذاء والعلاج لنحو مليوني شخص يعانون ويلات القصف والتهجير لنحو عام كامل، وإعادة بناء القطاع المدمر بالكامل تقريباً، فلا يزال البحث مستمراً عن خطة واضحة المعالم لليوم التالي للحرب، لم تتشكل ملامحها بعد. فبينما يصرُ رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على أن تكون غزة "منطقة منزوعة السلاح"، فيها حكم مدني لإدارة شؤون سكان القطاع وتقديم المساعدات لهم، بـ"رعاية عربية مشتركة"، تواردت أنباء عن أن مصر والإمارات "وافقتا على المشاركة في قوة حفظ سلام في قطاع غزة"، في اليوم التالي للحرب، "إذا طلبت السلطة الفلسطينية ذلك".
وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قال في أثناء لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، الثلاثاء الماضي، إن مصر "ستواصل بذل الجهود الحثيثة لتمكين السلطة الفلسطينية من العودة لتولي مهام الحُكم والإدارة وإنفاذ القانون في قطاع غزة"، منوهاً إلى "التحركات المصرية مع الشُركاء الإقليميين والدوليين التي تهدف إلى التوسع في الاعتراف بالدولة الفلسطينية".
وأعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، أول من أمس الأربعاء، في تصريحات صحافية، أن "اجتماعاً سيعقد قريباً بين حركتي فتح وحماس في القاهرة، للوصول إلى بعض التفاهمات في مرحلة أولى لترتيب الأوضاع لخدمة قطاع غزة"، معرباً عن أمله بأن يكون لقاء الفصائل الفلسطينية "بداية خير". وقال: "ممكن بعدها أن تتوسّع الأمور لكن لنبدأ في الأولويات"، مؤكداً "استعداد السلطة الفلسطينية لإدارة قطاع غزة في اليوم التالي للحرب"، ومشدداً على أن "الشرعية الوحيدة للحكم في فلسطين هي شرعية الدولة الفلسطينية ومنظمة التحرير، والسلطة الفلسطينية ستدير القطاع بما يشمل كل طاقات الشعب الفلسطيني دون أن تستثني أحدا، سنتحمل المسؤولية ومستعدون لنقوم بواجبنا".
وتأتي المساعي المصرية لعقد لقاء الفصائل الفلسطينية وتقريب وجهات النظر بينها، من أجل وضع خطة اليوم التالي للحرب في غزة، في الوقت الذي توقفت فيه مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن في القطاع، بشكل شبه تام، على الرغم من تصريح الرئيس الأميركي جو بايدن في الأمم المتحدة بأنه "يعمل مع مصر وقطر للوصول إلى اتفاق لوقف حرب غزة وإطلاق سراح المحتجزين".
وفي السياق، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير عبد الله الأشعل، لـ"العربي الجديد"، إنه "من المستحيل أن تفعل الإدارة الأميركية شيئاً لوقف الحرب والتوتر المتصاعد في المنطقة، لأنها هي السبب في موقف نتنياهو (المتعنت) في وجه كل محاولات وقف الحرب، وإبطاله جهود الوساطة المصرية والقطرية"، مضيفاً أن "انتخابات الرئاسة بالنسبة للإدارة الأميركية، باتت أهم من دماء الفلسطينيين".
مخيمر أبو سعدة: أي فكرة عن تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون حماس جزءاً منها، غير مقبولة مطلقاً عند نتنياهو
وأعرب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، الدكتور مخيمر أبو سعدة، عن اعتقاده بأن "وقف إطلاق النار، ليست له علاقة كثيراً بلقاء الفصائل الفلسطينية أو لقاء فتح وحماس أو تشكيل حكومة وحدة وطنية"، قائلاً لـ"العربي الجديد"، إن "وقف إطلاق النار له علاقة مباشرة بأجندة نتنياهو، والكل يعرف أنه يحاول إطالة أمد الحرب من أجل الحفاظ على مستقبله السياسي، ورغم الضغوط التي تفرض عليه من قبل الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي، يرفض وقف الحرب لأنه يبحث عما يسميه (النصر الكامل)، كما يبحث عن تحقيق أهداف الحرب المتمثلة في القضاء على حماس ونزع قدراتها العسكرية، وعدم السماح لها بحكم قطاع غزة مرة أخرى". ولذلك، برأيه، فإن "أي فكرة عن تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون حماس جزءاً منها، غير مقبولة مطلقاً عند نتنياهو، وحكومة اليمين الفاشي في إسرائيل". وأضاف: "لا أعتقد أن لقاء الفصائل الفلسطينية أو مثل هذه اللقاءات سوف تساعد في وقف الحرب، لأن ذلك يتطلب ضغطاً أميركياً حقيقياً، وهذا للأسف غير متوفر بسبب الانتخابات، ولذلك سيستمر نتنياهو بالتصعيد وإشعال مزيد من الحرائق في المنطقة حتى موعد الانتخابات الأميركية" المقرّرة في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
بدوره، قال الكاتب الفلسطيني طلال عوكل، لـ"العربي الجديد"، إنه "سبق للفصائل أن وقعت اتفاقيات آخرها في الصين قبل أسابيع، ولكن لم يتم البدء بخطوات ولو بسيطة نحو التنفيذ، ولكن على افتراض أن الحركتين اتفقتا على تشكيل حكومة أياً كانت طبيعتها، فإن ذلك سيُقابل من طرف إسرائيل بمزيد من التصعيد والتدخل بكل الطرق لإفشالها". وأضاف أن "إسرائيل ترفض وتقاوم أي ملامح للوطنية الفلسطينية، وتعمل على تقويض السلطة بما هي عليه الآن، فكيف لو كانت نتيجة تفاهم بين الحركات الفلسطينية؟". وأكد أن "من يستطيع وقف الحرب، هي الولايات المتحدة، وهي لا تفعل ذلك، وليس لأن الفلسطينيين منقسمون".