اعتبر سياسيون ومحللون أن لقاء الرئيس محمود عباس (ابو مازن)، مساء أمس الأحد، بوفد حزب "ميرتس" في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، هو "لقاء علاقات عامة لا يعوّل عليه في أي اختراق سياسي أو موقف سياسي تجاه حل الدولتين لحكومة نفتالي بينت الحالية".
والتقى الرئيس محمود عباس في ساعة متأخرة من مساء أمس، في مقر الرئاسة في مدينة رام الله، وفدا من حزب "ميرتس" برئاسة نيتسان هوروفيتش، رئيس الحزب ووزير الصحة، ومشاركة وزير التعاون الإقليمي عيساوي فريج، وعضو الكنيست ميخال روزين.
وشارك في اللقاء عن الجانب الفلسطيني رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، ووزير الشؤون المدنية وعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" حسين الشيخ، وقاضي قضاة فلسطين ومستشار الرئيس محمود عباس للشؤون الدينية محمود الهباش.
ويأتي هذا اللقاء بدعوة فلسطينية قام بالترتيب لها وزير الشؤون المدنية الفلسطينية وعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" حسين الشيخ، إثر موقف "ميرتس"، الذي تم التعبير عنه "بتغريدة" على تويتر، بعد خطاب رئيس الوزاء الإسرائيلي بينت في الأمم المتحدة قبل نحو أسبوع، وجاء في التغريدة حينها أن "ردة فعل الحزب تجاه تجاهل بينت الحديث في خطابه أمام الأمم المتحدة عن الفلسطينيين هو أن ميرتس مهتم بالفلسطينيين وسيواصل العمل من داخل الحكومة ومن خارجها لتحقيق حل الدولتين".
وأكد الرئيس عباس، وفقاً لما نشرت وكالة الأنباء الرسمية "وفا"، أهمية إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق السلام العادل والشامل وفق قرارات الشرعية الدولية، ووجوب وقف الاستيطان والاجتياحات وهدم البيوت وترحيل المواطنين من القدس، واسترجاع جثامين الشهداء، محذرا من"سياسة تصعيد الإجراءات ضد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال".
بدوره، أكد وفد حزب ميريتس "مواقفه الداعمة لحل الدولتين، وإنهاء الاحتلال، والتعاون المشترك لمد جسور الثقة"، مشددا على "أهمية التعاون في مجال الصحة"، حسب "وكالة وفا". وعادة ما تتم هذه اللقاءات من دون تغطية صحافية باسثناء وكالة الأنباء الرسمية "وفا"، ويرفض المسؤولون الفلسطينيون المشاركون فيها التعليق لوسائل الإعلام.
هذه العلاقات العامة تخدم إسرائيل أمام العالم وتحديدا الإدارة الأميركية بأن هناك أجزاء من الحكومة يلتقون بالقيادة الفلسطينية ويتحدثون، بينما الترجمة الفعلية لهذا اللقاء هي صفر سياسيا
ووفقاً الإعلام الإسرائيلي، فقد طلب الرئيس عباس (86 عاما) لقاء وزيرة داخلية الاحتلال أيليت شاكيد (45 عاما)، التي تعتبر من أبرز السياسيين المتطرفين تجاه الفلسطينيين، حيث عبّرت شاكيد في "تغريدة" لها على "تويتر" عن رفضها لقاء أبو مازن لأنه على حد قولها "ينكر المحرقة، ورفع قضية ضد الجنود الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية ويدفع أموالا لقتلة اليهود".
وترى مديرة المركز الفلسطيني للدراسات الإٍسرائيلية "مدار" هنيدة غانم أن "لقاء الرئيس أبو مازن بوزراء من ميرتس لم يتعد العلاقات العامة، وأهميته الوحيدة في نشر صور اللقاء من باب العلاقات العامة، وإعطاء شعور بأن هناك جهة في الحكومة الإسرائيلية معنية بحل الدولتين، لكن على أرض الواقع، هذا اللقاء لن يحدث أي تغيير سياسي".
وتابعت غانم، في تصريحات لـ"العربي الجديد": "هناك اتفاق ضمني داخل الحكومة الإسرائيلية الحالية على أن أي موضوع جذري وعليه خلاف لن تجرى مناقشته حتى تبقى الحكومة الإسرائيلية قائمة".
وأضافت: "إسرائيل غير معنية بإضعاف السلطة وتأزيم وضعها أكثر، وبالتالي، هذه العلاقات العامة تخدم إسرائيل أمام العالم، وتحديدا الإدارة الأميركية، بأن هناك البعض من الحكومة يلتقون بالقيادة الفلسطينية ويتحدثون، بينما الترجمة الفعلية لهذا اللقاء هي صفر سياسيا، من جهة ثانية، السلطة تستفيد من هذا اللقاء بأن تظهر أمام الشارع الفلسطيني وكأنها تقوم بتحرك معين، وتُعطي شعورا بأن هناك أمرا ما يحدث، بينما الحقيقة أن هذا اللقاء لا يعني شيئا على أرض الواقع".
وقالت غانم: "اللقاءات الفلسطينية من الجانب اليساري والوسط في إسرائيل لن تأتي بأي نتيجة، ووزنها الفعلي صفر".
ويرى الكاتب والمحلل السياسي القريب من السلطة الفلسطينية عبد المجيد سويلم، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه "لا توجد أي إمكانية لأي اختراق سياسي في العلاقة الفلسطينية والإسرائيلية، بسبب مواقف الحكومة التي لا تقل تطرفا عن حكومة نتنياهو، وبالتالي، هذا اللقاء ليس له بعد أكثر من العلاقات العامة التي يفترض أن تكون موجودة بين القيادة الفلسطينية وبعض الأحزاب الأقل صهيوينة وتطرفا، و(ميرتس) معروف بأن موقفه يمكن أن يكون مقبولا فلسطينيا لأنه يدعو إلى قيام دولة فلسطينية والقدس الشرقية عاصمة لها، وبهذا المعنى، هو من أفضل الأحزاب الإسرائيلية".
وحول دعوة الرئيس عباس للقاء وزيرة الداخلية الإسرائيلية المتطرفة شاكيد، أجاب سويلم: "تأتي هذه الدعوة في إطار المناورات السياسية، لأنهم يقولون إنهم لا يعترفون بشعب فلسطين ولا بالقيادة أو أي حقوق فلسطيينية، وبالتالي، هذه الدعوة نوع من الإحراج السياسي وليست تعويلا على اللقاء".
وردا ًعلى سؤال حول الجدوى من هذه اللقاءات، لا سيما بعد خطاب الرئيس أبو مازن الذي أمهل حكومة الاحتلال عاما للانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، قال سويلم: "لا يوجد تناقض بين ما يعتبره الرئيس إنذارا للمجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته ولقاء الأحزاب والقوى السياسية الإسرائيلية، وهذا علاقات وليس استراتيجية سياسية".