كشفت مصادر مصرية وسودانية، عن تشكيل القاهرة والخرطوم لجنة "سداسية" مشتركة، لإدارة أزمة ملف سد النهضة الإثيوبي، تضم في عضويتها مسؤولين أمنيين، ودبلوماسيين، وفنيين من الجانبين، وذلك في إطار توحيد المواقف الخاصة بالأزمة. وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إنّ اللجنة معنية في المقام الأول بإدارة ملف الأزمة وتحديد البدائل الخاصة بمسارات التحرك، خلال الأيام المقبلة، خصوصاً في حال استمرار الرفض الإثيوبي للمقترح السوداني المدعوم مصرياً بتشكيل لجنة رباعية دولية تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والاتحاد الأفريقي لقيادة المفاوضات.
توافق على أن الأزمة انتقلت إلى الجانب السياسي المطلق
وبحسب المصادر، فإنّ هناك توافقاً بين الطرفين المصري والسوداني، على أنّ الأزمة انتقلت تماماً من الجوانب الفنية إلى الجانب السياسي المطلق، مشيرة إلى أنّ الجوانب الفنية كافة متفق عليها، ومعترف بها من جانب فريق الخبراء الفنيين؛ سواء من الاتحاد الأفريقي أو من الجهات التي شاركت كمراقبة طوال فترات التفاوض السابقة. وقالت المصادر، إن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، بحث خلال وجوده في مصر على مدار اليومين الماضيين، مسارات التحرك السياسي خلال الفترة المقبلة، والتي يأتي على رأسها التوجه إلى مجلس الأمن، فور التأكد التام من انتهاء المسار التفاوضي، بحال استمرار أديس أبابا في مواقفها.
من جانبه، نفى مصدر سوداني رسمي زار القاهرة ضمن الوفد المرافق لرئيس الوزراء، أن يكون حدث أي تواصل على الصعيد الفني الخاص بأزمة السد مع أديس أبابا خلال الأيام الماضية، قائلاً: "لم يحدث أن تواصل معنا من قبل الجانب الإثيوبي، ولم يقدم أي تفاصيل فنية بشأن الاستعدادات الخاصة بعملية الملء الثاني للسد في يوليو/تموز المقبل، والتي تمثل خطورة على سد الروصيروص السوداني". وقال المصدر السوداني، إنّ إثيوبيا "تسعى لبث رسائل مضللة للمجتمع الدولي، بشأن تهدئتها للمخاوف السودانية حول سلامة السد، وآثاره السلبية على السودان، وكذلك عبر نفي الخطورة من وراء عملية الملء الثاني للسد من دون تنسيق".
يأتي هذا في الوقت الذي كشف فيه نائب رئيس "مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية"، هاني رسلان، تفاصيل جلسة المناقشات التي دارت بين رئيس الوزراء السوداني مع خبراء المركز خلال زيارته للقاهرة. وقال رسلان عبر منشور على صفحته بموقع "فيسبوك"، بشأن بعض ما جاء في حديثهم مع حمدوك، إن الأخير نفى تصريحات المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية دينا مفتي، في 9 مارس/آذار، التي ذكر فيها أنّ مسألة سلامة السدود السودانية وتبادل المعلومات، قد تمت معالجتها. وقال حمدوك، بحسب رسلان: "إن هذا الأمر نوقش من الناحية الفنية في المفاوضات الثلاثية، وطرحنا مطالبنا في هذا الشأن، ولكن لم يتم مخاطبة هذه الاحتياجات السودانية خارج هذا الإطار".
وتابع رسلان: "كذلك أوضح حمدوك أنّ القضايا الآن بشأن سد النهضة ذات بعد سياسي، وليس فني، وهذا يجعل المعالجة تتم بشكل جديد، ونحن على توافق تام مع مصر في طرح مقترح الوساطة الرباعية". وبحسب رسلان، فإنّ حمدوك "أكد أهمية العلاقات بين مصر وأفريقيا، وأنّ مصر كان لها دور رائد يجب أن تعود إليه، وأنّ أفريقيا تتطلع لهذا الدور، الذي يمكن أن يتم عبر أدوات جديدة أهمها المساعدة في دعم القدرات الأفريقية، وتقديم نموذج تنموي".
حمدوك بحث في مصر مسارات التحرك السياسي خلال الفترة المقبلة
وكشف رسلان أنّ حمدوك "دعا إلى ضرورة إعادة النظر للعلاقات المصرية السودانية من منظور مختلف، إذ يجب أن تبنى على قضايا استراتيجية وشراكات حقيقية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية". وأضاف رسلان أنّ رئيس الوزراء السوداني "تحدث بشجاعة ووضوح، عما سماه المسكوت عنه في العلاقات المصرية السودانية، مؤكداً ضرورة الوصول إلى فهم وإدراك مشتركين لقضايا الصور النمطية المتبادلة على الناحيتين وتصورنا للتاريخ، مشدداً في الوقت ذاته على ضرورة التوصل إلى معالجة لقضية حلايب وشلاتين"، في إشارة إلى النزاع التاريخي بين القاهرة والخرطوم على المنطقة الحدودية.
وتأتي التفاهمات المصرية السودانية في وقت تصعّد فيه إثيوبيا يومياً موقفها الرافض للتوجه المصري السوداني في أزمة سد النهضة، إذ أعلنت أخيراً التعبئة العامة في قواتها المسلحة، ونفذت تدريباً للقوات الجوية الخاصة في منطقة دوكم بإقليم أوروميا، بحضور كبار القادة العسكريين. كما أعلنت دخول الاتفاقية العسكرية الموقعة مع جنوب السودان منتصف فبراير/شباط الماضي حيز التنفيذ.