أظهرت شهادات ومداولات جديدة خلال محاكمة المتهمين بمقتل المعارض الفلسطيني والمرشح في الانتخابات التشريعية المؤجلة نزار بنات أن لجنة معلومات متفرعة عن اللجنة الأمنية للأجهزة الأمنية في الخليل جنوب الضفة الغربية وضعت اسم بنات على رأس قائمة من 15 مطلوباً للأجهزة الأمنية في الخليل، ضمن فئات تم تحديدها مسبقاً من ضمنها مطلوبون على قضايا تتعلق بالرأي العام، حسب تعبير أحد الشهود، وأن تهمة بنات كانت إطالة اللسان على السلطة القضائية والرئيس الفلسطيني.
وعُرضت، اليوم الأحد، خلال الجلسة الرابعة لمحاكمة 14 من أفراد الأمن الوقائي المتهمين بمقتل بنات، الأدوات التي استخدمت خلال عملية الاعتقال التي وقعت فجر 24 يونيو/حزيران الماضي؛ وأفضت إلى وفاته بعد تعرضه للضرب وهو نائم، حسب لائحة الاتهام المقدمة من النيابة العامة، والأدوات التي عُرضت أمام القاضي والحضور هي عتلة حديدية (أداة لخلع المسامير أو الأبواب)، ومهدّة حديدية (مطرقة حديدية كبيرة)، وعلبة غاز، وكشاف (إضاءة) صغير، وكشاف رأس، وبينت إحدى الشهادات عدم وجود أدلة على مقاومة بنات للاعتقال أو آثار عنف أو حتى دماء له في المنزل الذي اعتُقل منه أو خارجه، وهو ما اعتبره محامي العائلة دليلاً على أن بنات تعرض للضرب من دون مقاومة.
وأجّلت المحكمة العسكرية الخاصة/الجنوب الجلسة إلى الأحد المقبل 17 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إذ تم الاستماع اليوم في مقر هيئة قضاء قوى الأمن في رام الله على مدار أكثر من ثلاث ساعات لأربعة شهود، هم مدير الشرطة القضائية في الخليل وضابط في مباحث عضو لجنة المعلومات للأجهزة الأمنية، وضابط شرطة في مستشفى عالية، ومدير الأدلة الجنائية في شرطة الخليل.
واعتبر غاندي أمين الربعي، رئيس الفريق القانوني الممثل لعائلة بنات، فور انتهاء جلسة المحاكمة، في إجابة عن سؤال لـ"العربي الجديد"، أنه من غير المقنع أن يتم وضع بنات على رأس قائمة المطلوبين، بينما تهمته إطالة اللسان. وأضاف الربعي: "هذا لا يقنع أي فلسطيني، بالتأكيد إن حديث شخص لا يشكل خطورة، هو لم يطلق الرصاص، كان الأولى أن توضع في القائمة مجموعة خطرة من مطلقي النار، وليس من متحدثين يعجبنا كلامهم أم لا!".
وبحسب شهادة مسؤول التحريات في المباحث العامة التابعة للشرطة وعضو لجنة المعلومات المتفرعة عن اللجنة الأمنية في الخليل، فإنه قد تم تكليفه من إدارة المباحث بجمع معلومات عن مكان وجود بنات، وقد تبين أنه في منطقة H2 في الخليل، التي تقع تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية، من دون تحديد المنزل الذي كان فيه.
وقال: "إن اجتماعاً للجنة المعلومات بمشاركة ممثلين لخمسة أجهزة أمنية، عُقد بهدف وضع 15 اسماً لمطلوبين للقبض عليهم، مؤكداً أن اللجنة قسمت القضايا إلى ثلاث، وهي المطلوبون بقضايا لها علاقة بالرأي العام وقد وضعت ثلاثة أسماء بينها الراحل نزار بنات، فيما كانت القضيتان الأخريان؛ غسل الأموال وإطلاق النار.
وأضاف أن "الأسماء جرى اختيارها لأنها تشكل حالة الأزمة الأكثر في محافظة الخليل"، حسب شهادته، ولكنه أشار إلى أن بند "قضايا الرأي العام" تم بحثها أولاً ووجود بنات على رأس القائمة لم يكن له علاقة بدرجة خطورته، بل بالصدفة.
وحول إن كان توقيع أعضاء تلك اللجنة يخول أي جهاز أمني بإلقاء القبض على المطلوبين المذكورين، قال: "إنه لا يخول أحداً بذلك، بل إن الأمر يحال إلى القادة الأمنيين، وهم يتخذون القرار"، مؤكداً أن القائمة أُرسلت إلى قائد المنطقة في الخليل عبر ممثل الأمن الوطني، وتم تسليم نسخة عنها لكل جهاز أمني، لكنه لا يعلم ما القرار الذي اتُخذ لاحقاً، وما هي الإجراءات التي اتُبعت.
وأشار إلى أنه كان يعلم بوجود مذكرة إحضار من النيابة بحق بنات، لكنه لم يرها ولم تعرض في الاجتماع، وأنه كممثل للشرطة لم يكن هو الذي اقترح اسم بنات في القائمة، بل اقترحه ممثل عن جهاز آخر، وهو وافق لمعرفته المسبقة بوجود مذكرة.
وأكد مدير الشرطة القضائية في الخليل في شهادته؛ وجود مذكرة إحضار للمرحوم بنات منذ شهر مايو/ أيار مايو الماضي، موجهة من النيابة العامة إلى الشرطة، لكنه قال "إنه لم يرد إلى مسامعه أنه قد تم تزويد الأمن الوقائي (الجهاز الذي اعتقل بنات) بنسخة منها، ولا يعلم كيف وصلت إلى الجهاز". وأكد أن المعلومات التي توفرت لديه بأن المباحث انتقلت إلى منزل بنات في دورا، بعد حادثة إطلاق نار على المنزل ولم تجده.
وعلق المحامي ربعي بوجود ارتباك في ما يتعلق بمذكرة الإحضار، مشيراً إلى حديث مدير الشرطة القضائية أنه لا يعلم كيف وصلت المذكرة لجهاز الأمن الوقائي وليس عنده معلومات بذلك، كما أشار إلى معلومة حضور الشرطة إلى منزل بنات التي نفتها العائلة حسب ربعي، وتابع: "لكن الشاهد ربط ذلك بحادثة إطلاق النار على منزل بنات".
وقال مسؤول الأدلة الجنائية في شرطة الخليل في شهادته: "إنه هو الذي نظم محاضر الكشف على المنزل وساحات الأمن الوقائي ونظم محاضر المضبوطات من فرشات ووسائد وملابس بنات، إضافة إلى الأدوات والمركبة المستخدمة في عملية الاعتقال، مشيراً إلى أنه لم ير داخل المنزل آثار عنف، أو آثار دماء أو آثار مقاومة اعتقال. وأكد أنه لم يأخذ بصمات من المكان، وحوّل الأدوات المضبوطة إلى المختبر الجنائي، ولم ير آثار كسر في الباب أو نوافذ المنزل، وأن المركبة التي ضبطت داخل مقر الأمن الوقائي لم تحمل لوحات تسجيل.
وقال المحامي ربعي: "إن ما ذكره الشاهد يؤكد رواية العائلة وفريقها القانوني وما ذهبت إليه أمام صمت المتهمين"، وصمتهم برأي ربعي، يؤكد أن جميع ما ذكرته العائلة صحيح وأصبح مثبتاً، وأن عدم وجود آثار مقاومة يعني أن الضحية كان يتعرض للضرب من دون أن يقاوم أحداً. وقال ربعي: "إن الحديث عن المركبة التي لا تحمل لوحات تسجيل، يقود للسؤال إن كانت سيارة حكومية، ولمن يعد إلى ترخيصها، وإن كانت مركبة قانونية أم لا؟".
وأظهرت شهادة مسؤول الأدلة الجنائية أن أول زيارة له إلى المنزل لتنظيم تقرير الكشف كانت بعد مقتل بنات بأسبوع؛ في 1 يوليو/ تموز الماضي، وهو ما فسره محامي عائلة بنات بأنه يأتي بعد تكليف النيابة العسكرية بالتحقيق، بعد التحقيق الأولي من مجلس الوزراء.
وكانت النيابة العامة قد تلت لائحة الاتهام على 14 من أفراد الأمن الوقائي في الجلسة الثانية في 27 سبتمبر/ أيلول الماضي، وشملت تهماً بالضرب المفضي إلى الموت بالاشتراك، وإساءة استخدام السلطة بالمصادرة بالعنف بالاشتراك، ومخالفة التعليمات العسكرية.