قدّم رئيس المعارضة الإسرائيلية يئير لبيد شهادته في المحكمة المركزية في القدس، اليوم الاثنين، في قضية تتعلق بأحد ملفات الفساد المتهم بها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وأدلى لبيد بشهادته في ملف القضية رقم 1000 المتّهم فيها نتنياهو بالغش وخيانة الأمانة بسبب تلقيه رشاوى من رجل الأعمال الإسرائيلي والمنتج الهوليوودي أرنون ميلتشين، ورجل الأعمال الأسترالي جيمس باكر، تمثّلت بعلب سيجار فاخر وصناديق شمبانيا ومجوهرات وغيرها، مقابل منحهما تسهيلات وامتيازات، بموجب ما ورد في لائحة الاتهام.
وخضع لبيد لاستجواب في المحكمة حول لقاءات جمعته بميلتشين عندما كان الأول يشغل منصب وزير المالية في حكومة إسرائيل الثالثة والثلاثين، التي ترأسها نتنياهو قبل نحو عقد من الزمن، وتوجيهات نتنياهو له بشأن تشريع قانون يمنح امتيازات لرجال الأعمال.
وذكر لبيد في شهادته أنه التقى ميلتشين في تسعينيات القرن الماضي، من خلال عمله في القناة الأولى، مضيفاً: "بعد أن أعددت تقريراً عنه (ميلشتين)، تواصل معي واقترح عليّ العمل لديه. عام 1996، سافرت إلى لوس أنجليس وعملت هناك عدة أشهر. أنشأت له شركة تلفزيونية، وبعد خمسة أشهر، تركت (العمل)، قلت له إن الأمر لا يناسبني".
ورداً على سؤال وجهه ألون جيلدين، من نيابة الضرائب والاقتصاد، حول مدى توجه ميلتشين إلى لبيد بموضوع الضرائب حين كان الأخير وزيراً للمالية، أجاب لبيد: "جلسنا في بيتي على وجبة عشاء، وقال لي إن ثمة بندا في القانون بشأن العائدين من الخارج، يتعلق بالإعفاء الضريبي، والذي يحث الأشخاص على العودة، وإنه من المجدي تمديد فترته".
وأضاف لبيد أن ميلشين عاد لاحقاً مع محاميه بيني روبين، وواصل الحديث عن الإعفاء الضريبي: "لقد قالوا إن هذا يشجّع السكان على العودة للاستثمار في البلاد، ما يخلق أماكن عمل بحسب الادعاء، لقد أرادوا تمديد الإعفاء عشر سنوات. قلت سنفحص ونرد على ذلك".
ومما قاله لبيد أن ميلتشين حاول أن يكون حلقة وصل بينه وبين نتنياهو: "عندما أصبحت لاحقاً في المعارضة، طلب مني أرنون (ميلتشين) أن أكون جيداً مع نتنياهو. قال لي ربما تنضم إلى الحكومة، وطلبت منه التوقف عن ذلك".
"قانون ميلتشين"
وتأتي شهادة لبيد تدعيماً للأدلّة بشأن القانون الذي حمل اسم "قانون ميلتشين"، وعشية الشهادة التي سيدلي بها المنتج الهوليوودي بعد نحو أسبوعين.
ومنح "قانون ميلتشين" الذي سُنّ عام 2008، إعفاءً للإسرائيليين العائدين من الإبلاغ عن مدخولاتهم المالية في الخارج ودفع الضرائب لمدة عشر سنوات. وبحسب لائحة الاتهام، طالب نتنياهو بتمديد القانون من أجل منح مزايا لميلتشين.
وأوضحت لائحة الاتهام أن نتنياهو استخدم نفوذه من أجل مصلحة رجل الأعمال، رغم تضارب المصالح بسبب الهدايا التي حصل عليها من ميلتشين، وفي ضوء علاقة الصداقة بينهما.
ولفتت لائحة الاتهام إلى أن ميلتشين توجه في أغسطس/ آب 2013، إلى وزير المالية في تلك الفترة يئير لبيد، يرافقه محاميه بنحاس روبين، بطلب اتخاذ إجراءات تتيح تمديد الإعفاء. وأعرب لبيد عن تحفظه على الطلب، وحوّله إلى الجهات المهنية في وزارة المالية لفحصها، وفي نهاية الفحص أبلغ ميلتشين بأنه لا ينوي الاستجابة لطلبه.
وذكرت لائحة الاتهام أن ميلتشين توجه إلى نتنياهو "طالباً تدخله من أجل الاستجابة لطلبه"، وأن نتنياهو طرح الموضوع لاحقاً في لقاءين مهنيين مع لبيد. وذكرت النيابة العامة في لائحة الاتهام أن "نتنياهو أبدى أمام لبيد تأييده لتمديد الإعفاء، بينما تحفظ لبيد على اتخاذ إجراءات لتمديده".
وزعم نتنياهو في لائحة الدفاع عن نفسه بأن ميلتشين تحدّث معه بقضية تمديد الإعفاء، وأنه "لم يطلب بالتأكيد من لبيد مساعدة ميلتشين بالأمر"، وأضاف أنه إن كان قد تحدث إلى لبيد بالأمر، فإن "الحديث كان عاماً"، وركّز على رغبته في "تشجيع الإسرائيليين على العودة إلى إسرائيل".
وذكرت صحيفة "هآرتس" أن "الاستجواب المضاد الذي سيجريه محامي نتنياهو مع لبيد لاحقاً سيناقش ادعاءً آخر لنتنياهو بأن لبيد نفسه عمل في ظل وجود تضارب مصالح، عندما تدخّل في قانون ميلتشين، نظراً لعلاقة الصداقة التي تجمعه برجل الأعمال.
ويدعي نتنياهو في لائحة الدفاع أن لبيد "عقد جلستين بموضوع تمديد فترة الإعفاء" وأنه (أي لبيد)، "أصدر تعليماته لمستشارة وزارة المالية لفحص الموضوع في وزارة المالية ومقابل سلطة الضرائب، من أجل بحث إمكانية تمديد الإعفاء. وكل هذا قام به لبيد في ظل تضارب المصالح، بسبب صداقته الطويلة مع ميلتشين، وعمله معه في بداية مسيرته، ودعم ميلتشين له في تأسيس حزب يش عتيد".
مع هذا، لم يخضع لبيد للتحقيق كمشتبه به وإنما كشاهد، فيما أشارت النيابة العامة إلى فروقات كبيرة بين نتنياهو ولبيد بشأن قوة تضارب المصالح.
وتكتسب شهادة لبيد اليوم أصداء واسعة، في ظل الانقسام السياسي وحالة الاستقطاب في إسرائيل، وخصوصيتها بإدلاء رئيس المعارضة بشهادته بقضية تخص رئيس الحكومة.
وذكرت صحيفة "معاريف" أنه من المتوقع تجمّع متظاهرين مؤيدين ومعارضين لنتنياهو أو لبيد أمام مبنى المحكمة.