لبنان ينتظر رد الوسيط الأميركي بشأن ترسيم الحدود البحرية ويتجاهل التسريبات الإسرائيلية

07 أكتوبر 2022
لبنان لم يتلقَّ حتى الساعة أي ردّ رسميّ من جانب الوسيط الأميركي (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

ينتظر المسؤولون اللبنانيون الجواب الرسمي النهائي الذي يُنقَل عبر الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين بشأن اتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل، ويصرون على التمسّك بأجواء إيجابية والتأكيد على أنّ الملف بات على "مشارف الإنجاز"، واضعين التسريبات الإسرائيلية السلبية في إطار الصراع الانتخابي الداخلي. 

ونال لبنان اليوم جرعة دعم عربية لمواقفه "البحرية"، عبّر عنها الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، خلال لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين في بيروت. 

ويؤكد مصدر مسؤول في مقرّ الرئاسة اللبنانية – قصر بعبدا، لـ"العربي الجديد"، أنّ "لبنان لم يتلقَّ حتى الساعة أي ردٍّ رسميٍّ من جانب الوسيط الأميركي، وبالتالي لم يتبلَّغ بعد برفض العدو الإسرائيلي التعديلات التي وضعها لبنان على مسودة العرض الأميركي"، مشدداً على أنّ "الاتصالات قائمة مع الجانب الأميركي الذي أكد حرصه على إتمام الاتفاق".

ويشدد المصدر على أنّ "التعديلات اللبنانية ليست بحجم ضرب الاتفاق، والوسيط الأميركي أُحيطَ بها، وأي رفض لها لا يمكن وضعه إلاّ في إطار الصراع الذي يحصل في إسرائيل انتخابياً وداخلياً"، مؤكداً أنه "بغض النظر عن القرار الإسرائيلي، فإنّ لبنان لن يتراجع عن مطالبه، وتالياً التعديلات التي تضمن حقوق لبنان كاملةً، ولن نتخلى عنها".

وضمن مواقف صادرة عن الرئيس اللبناني ميشال عون اليوم الجمعة، أكد أنّ "لبنان ينتظر نتيجة الاتصالات التي يجريها الوسيط الأميركي مع الإسرائيليين، لتحديد مسار المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية".

ويؤكد لبنان رفضه وعدم اعترافه بخط الطفافات الذي تتمسّك به إسرائيل، ويرفض أن يكون هناك أي مناطق آمنة تحت سيطرتها، كما الشراكة معها في حقول الغاز والنفط، ويتمسّك بحصته كاملةً من حقل قانا، وبالخط 23.

خشية أميركية مستمرة على الاتفاق

في السياق، قال مصدر دبلوماسي أميركي، لـ"العربي الجديد"، إنّ الولايات المتحدة تعي أهمية حصول الاتفاق بين لبنان وإسرائيل، مشيراً إلى أنّ المسؤولين الأميركيين يعملون جاهدين لتجاوز المعوقات. 

وأشار المصدر الأميركي إلى أنّ "هناك خشية مستمرة على الاتفاق والمرحلة المقبلة في حال عدم حصوله، فالوضع ليس سليماً 100% لكنه قابل للعلاج، وهو ما يُعوّل عليه لإزالة كل العراقيل التي لم يتبقّ منها إلا القليل".

ويشدد المصدر على أنّ "الأميركيين تهمهم مصلحة لبنان واستقراره، خصوصاً أمنياً، ويتطلعون إلى قدرة المسؤولين على إتمام الاستحقاقات المنتظرة على مستوى رئاسة الجمهورية، ويرون أنّ اتفاق الترسيم، إضافة إلى الإصلاحات المطلوبة من السلطات الرسمية والمشترطة من قبل المجتمع الدولي لدعم لبنان، من الممرات الإلزامية للنهوض الاقتصادي".

وفي حين يحرص لبنان على التمهّل في موقفه بانتظار الجواب الإسرائيلي الرسمي وعدم المجازفة بما ينسف الاتفاق كلياً، خرجت تصريحات اضطّرت لوضع الملف ضمن احتمالين لا ثالث لهما "الحرب أو الاتفاق"، منها ما صدر أمس عن رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل (صهر الرئيس ميشال عون)، وكذلك عن النائب في كتلة "حزب الله" البرلمانية "الوفاء للمقاومة" حسين جشي، الذي حذّر في حديث لـ"العربي الجديد" إسرائيل من القيام بأي عملية استخراج للنفط والغاز في حقل كاريش قبل حصول التفاهم.

وقال جشي، في أول موقف يصدر عن مسؤول في "حزب الله"، تعليقاً على الرفض الإسرائيلي المُسرَّب للتعديلات اللبنانية: "لبنان ليس ضعيفاً حتى يأتي الإسرائيلي لينقّب عن النفط في مناطق متنازع عليها، وإذا أراد ذلك، فليجرّب هو ومن خلفه الأميركي. إذا بيطلع بيده فليستخرج".

لكن جشي بقي متفائلاً بأن المسار إيجابي، والأمور حسمت تقريباً، انطلاقاً من أنّ "العدو لا خيار ثانياً أمامه".

في السياق، يقول وزير الخارجية اللبناني الأسبق شربل وهبة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "لبنان يفاوض عدواً، وبالتالي نتوقع المطبّات الخطرة في أي لحظة، عدا عن أنّ المفاوضات التي تحصل هي غير مباشرة، الأمر الذي يصعّب الوصول إلى اتفاق أو يجعل الطريق شاقاً ويستلزم عبوره وقتاً أطول، وهذا أصلاً حال كل المفاوضات التي تجرى بين الدول في المشاكل البحرية، فكيف إذا كان التفاوض غير مباشر".

ويشير وهبة إلى أنّ "الاتفاق يتم عند قبول كل طرف بحدوده، ومن المهم أن يبقى لبنان على وحدته، فالتضامن الحاصل إيجابي جداً ويعوَّل عليه لتحصيل حقوقنا".

ويعتبر وزير الخارجية الأسبق أنه "لا يمكن حصر الملف بين الحرب أو الاتفاق، حيث إنه في اللغة الدبلوماسية هناك دائماً حل ثالث، وبالتالي يجب ألا نحمل هذا العنوان الهجومي، الذي يكثّر من أعداء لبنان ولا يخدمه، من هنا تأتي أهمية أن يكون لبنان دبلوماسياً إلى أقصى الحدود، خصوصاً أن التفاوض لا ينتهي بدورة أو اثنتين، فالصبر مطلوب، ولنترك العدو يحل مشاكله الداخلية، على أن نبقى نحن على موقفنا وتضامننا".

الجامعة العربية تدعم مواقف لبنان وحقوقه الاقتصادية

وفي سياق متصل بملف الترسيم، أكد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي لدى لقائه مسؤولين لبنانيين، اليوم الجمعة، وقوف الجامعة إلى جانب لبنان وتأييدها كامل المواقف اللبنانية في سبيل الحفاظ على الحقوق الاقتصادية للبنان في البحر.

وقال زكي، بعد لقائه صباح اليوم الرئيس ميشال عون، إنّ الجامعة العربية تساند وتؤيد حقوق لبنان في أراضيه ومياهه وتقف إلى جانبه.

كذلك، أكد زكي أنّ جامعة الدول العربية "حاضرة لكل ما يطلب منها، وهي حاضرة مع لبنان في كل استحقاقاته"، لكنه في المقابل أعلن أنّ الحديث عن مبادرة عربية "قد يكون مبكراً".

بدوره، قال عون إنّ "بلداً مثل لبنان بخصوصيته وتميزه وتعدديته لا يمكن أن تتحقق فيه الشراكة الوطنية والميثاقية في غياب رئيس الجمهورية، ما يمكن أن يعرضه لأوضاع تؤثر على وحدته وتضامن أبنائه"، مؤكداً أن "الأولوية يجب أن تكون رهناً لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، لأن وجود الرئيس أساسي لتشكيل حكومة جديدة وليس العكس".

وخلال عقده لقاء مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، كرّر زكي اهتمام الجامعة العربية بلبنان ومواكبتها له في الاستحقاقات المهمة كافة، خصوصاً أنه مقبل على استحقاق رئاسي (تنتهي ولاية عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول الجاري).

ونقلت رئاسة الحكومة اللبنانية في بيان عن السفير زكي قوله: "بالتزامن مع زيارتنا لبنان، كانت هناك أنباء عن اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، وأعلنا أنّ الجامعة العربية تؤيد بالكامل المواقف اللبنانية في سبيل الحفاظ على الحقوق الاقتصادية للبنان في البحر، ونأمل أن تكون هناك أخبار جيدة في هذا الشأن، وتنعكس إيجاباً على مجمل الوضع بما في ذلك الاستحقاق الرئاسي المقبل".

كذلك، قال زكي إنه قام أمس بجولة على رؤساء الكتل الأساسية في لبنان، وقد "أجمع الجميع على أهمية الاستحقاق، ولكن هناك تباينات في المواقف، ونعتقد أن الأمر يستحق المزيد من التشاور والتواصل بين السياسيين اللبنانيين للوصول إلى التفاهمات المطلوبة حتى يسير البلد على الطريق الصحيح".

وأمل الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية "استمرار التواصل لأنه يقود إلى تفاهمات، وإن شاء الله يكون البلد مقبلاً على أمر إيجابي".

المساهمون