أصدر المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، اليوم الثلاثاء، مذكرة توقيف غيابية بحق وزير المال السابق النائب علي حسن خليل، الذي لم يمثل اليوم أمامه في جلسة الاستجواب، في خطوة وصفها مطلعون على الملف بالجريئة، لا سيما بعد رسائل التحذير المباشرة التي وجهها إليه أمس الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله.
في المقابل، تبلّغ القاضي البيطار اليوم دعوى الردّ التي تقدّم بها الوزيران السابقان النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر، لتكف يده مرحلياً ومرة جديدة لحين البتّ بالطلب، لنكون أمام سيناريو متكرّر سبق أن أسقطته كلّ من محكمة الاستئناف أولاً والتمييز بعدها.
ومع تبلّغ القاضي البيطار بالدعوى، تتوقف التحقيقات تلقائياً، لتعلّق بالتالي جلسات الاستجواب التي كانت محددة ليوم غدٍ بالنسبة إلى زعيتر ووزير الداخلية السابق النائب نهاد المشنوق ورئيس الحكومة الأسبق حسان دياب في 28 أكتوبر/تشرين الأول، لحين البتّ بالطلب وتحديد جلسات جديدة في حال لم تكف يد المحقق العدلي نهائياً.
وعيّن علي حسن خليل وزيراً للمال عام 2014 في حكومة تمام سلام، ومن عام 2016 إلى 2020 في حكومة سعد الحريري، وهو ينتمي إلى "حركة أمل"، ويُعدّ من المقرّبين جداً إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وأُدرج كذلك على لائحة العقوبات الأميركية، وتم التداول باسمه على قائمة الأسماء التي فُرضت عليها قيود فرنسية.
ويؤكد مطلعون قانونيون على الملف أن العبرة تبقى بالتنفيذ، إذ إن مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة بحق المدعى عليه وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس لم تنفذ بعد من قبل النيابة العامة، رغم مرور شهر تقريباً على إصدارها، في مشهدٍ قد يتكرّر مع علي حسن خليل، خصوصاً في وقتٍ تتمرّد الجهات الأخرى على قرارات المحقق العدلي، كما فعل وزير الداخلية بسام المولوي الذي رفض طلب البيطار للحصول على إذن بملاحقة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
ويحاول المدعى عليهم النواب الحاليون المماطلة قدر الإمكان، وتمرير الوقت لما بعد 19 أكتوبر/تشرين الأول، تاريخ تفعيل حصاناتهم النيابية، من هنا، انهالوا على القاضي البيطار بدعاوى وطلبات الواحدة تلوَ الأخرى، ومنها غير قانونية ومعروفة النتائج سلفاً.
وأطلّ الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، مساء أمس الاثنين، ليرسم مسارَيْن لا ثالث لهما، إما تدخّل مجلس القضاء الأعلى أو مجلس الوزراء لوضع حدٍّ للمحقق العدلي القاضي طارق البيطار، أو سنكون أمام تداعيات كارثية في حال استمراره في الملف.
وجزم نصر الله في كلامه المباشر، بعدما كان بعث رسائل مبطنة عن طريق مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في "حزب الله" وفيق صفا، أن أهالي الضحايا لن ينالوا العدالة والحقيقة مع المحقق العدلي الحالي، الذي رشقه بجملة اتهامات، على رأسها الاستنسابية والمتاجرة بدماء الشهداء، ومأساة انفجار مرفأ بيروت "لأهدافٍ واستهدافات سياسية" على حدّ تعبيره.
وبعد كلمة نصر الله المتلفزة، قابلت الحملاتِ، التي شنّها مناصروه "الكترونياً" على المحقق العدلي، تغريدات تضامنية داعمة للقاضي البيطار، تحثّه على مواصلة عمله بهذه الشفافية والجرأة والشجاعة، غير آبه للتدخلات السياسية والتهديدات، ومؤكدة أنها معه اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى.