أصدر المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، مذكرة إحضار جديدة بحق رئيس الحكومة السابق، حسان دياب، وسط مخاوف جدية لدى قانونيين، متابعين للقضية، من محاولات تمارس لتطيير جلسة الاستجواب المقرّرة في 20 سبتمبر/أيلول الحالي.
وبحسب المعلومات فقد أحال النائب العام التمييزي القاضي غسان الخوري هذه المذكرة على المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي للتنفيذ، بعدما اتهم بالمماطلة بهذه الخطوة قبل تشكيل حكومة جديدة، وكان وزير الداخلية الجديد، بسام المولوي، قد أكد بعد تعيينه في منصبه أن النائب العام لم يأمر القوى الأمنية بعد بتنفيذ مذكرة إحضار دياب.
ويقول قانونيون إن على دياب إما المثول أمام القاضي البيطار في 20 سبتمبر، وتقديم مذكرة دفوع شكلية عبر وكيله القانوني أو أن يفعل ذلك بواسطة المحامي من دون الحضور شخصياً، أما بقاء دياب على تمرّده وعدم اتباع هذه الخطوات القانونية، متسلحاً بالخطابات السياسية والدينية الداعمة له، فيحتم على القوى الأمنية تنفيذ المذكرة وإحضاره بالقوة من مكان إقامته.
وامتنع دياب المدعى عليه بجرم "الإهمال والتقصير والتسبب في وفاة وإيذاء مئات الأشخاص" عن المثول أمام القاضي البيطار في جلسة الاستجواب التي حدِّدت له سابقاً واكتفى بتوجيه كتابٍ إليه يعتبر فيه أن "المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء هو المرجع الصالح ولا صلاحية للقضاء في هذا المجال"، وهو عذرٌ لم يأخذ به المحقق العدلي فأصدر مذكرة إحضار أولى بحق دياب أواخر شهر أغسطس/آب الماضي.
ويشير مصدر قانوني متابع للملف لـ"العربي الجديد" إلى أن "لا شيء يمنع القاضي البيطار من إصدار مذكرة إحضار ثانية بحق دياب وخطوته لها علاقة بتشكيل حكومة جديدة وتغيير مكان إقامة دياب حيث ستنفذ بعدما كانت الأولى موجهة إلى السراي الحكومي".
ولفت المصدر إلى أن "مذكرة الإحضار تعني أن على القوى الأمنية أو ما يعرف بالشرطة أو الدرك إحضار دياب إلى دائرة المحقق العدلي قبل أربع وعشرين ساعة من موعد الجلسة".
ويؤكد المصدر أن "وزير الداخلية الجديد لا علاقة له بمذكرة الإحضار إذ إن مهام التنفيذ منوطة بالنيابة العامة صاحبة المهام بذلك، وهي ملزمة بتنفيذها".
ولا يخفي المصدر أن هناك محاولات تحصل لتطيير جلسة الاستجواب، وهو ما ينسحب أيضاً على الجلسة المحددة يوم الخميس 16 سبتمبر لاستجواب وزير الأشغال السابق، يوسف فنيانوس، المدعى عليه كذلك بجرم الإهمال والتقصير والتسبب في وفاة وإيذاء مئات الأشخاص، باعتبار أن النيابة العامة لم تبت بعد بالدفوع الشكلية التي تقدم بها وكيلاه القانونيان وبهذه الحالة لا تعقد الجلسة.
وقالت "المفكرة القانونية" إنه "لغاية اليوم لم يقدّم النائب العام التمييزي غسان خوري مطالعته حول الدفوع الشكلية التي تقدم بها فنيانوس في الجلسة التي عقدت بتاريخ 6 سبتمبر، وهذه المطالعة هي شرطٌ ضروريٌّ لتمكين القاضي البيطار من استجواب الوزير السابق في الجلسة في حال تقرّر ردّ الدفوع".
(1/4) #المرصد_القضائي | #جريمة_المرفأ
— Legal Agenda (@Legal_Agenda) September 14, 2021
هل يستمرّ النائب العام التمييزي غسّان خوري بعرقلة التحقيق؟
لغاية اليوم، لم يقدّم النائب العام التمييزي غسّان خوري مطالعته حول الدفوع الشكليّة التي تقدّم بها الوزير السابق يوسف فنيانوس في الجلسة التي عقدت في ٦ أيلول. pic.twitter.com/gGYSi9IVFe
ويتهم محامون مطلعون على الملف النيابة العامة بالمماطلة المستمرة في البت بالطلبات المقدَّمة إليها وتعمل بكل الطرق على عرقلة سير التحقيقات، وتقدمت نقابة المحامين، بصفتها أحد المدعين، بدعوى ارتياب مشروع بحق المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري بانتظار البت بالتبليغات.
وفي السياق، يقول المحامي يوسف لحود، الذي يحضر جلسات الاستجواب بصفته وكيلاً قانونياً لنقابة المحامين في بيروت والمتضررين، لـ"العربي الجديد" إن دياب له أن "يحضر جلسة الاستجواب ويتقدَّم عبر محاميه بمذكرة دفوع شكلية ترجأ الجلسة على اثرها إلى موعدٍ يحدده المحقق العدلي، ولوكيله القانوني أن يقدم على هذه الخطوة من دون شرط حضور دياب".
وفي حال امتنع دياب عن الحضور أو تقديم مذكرة دفوع شكلية، كما فعل سابقاً وتغيب من دون عذر مشروع، لقاضي التحقيق أن يتخذ الإجراء المناسب والاحتمالات كثيرة منها إصدار مذكرة توقيف غيابية، يقول لحود.
ويلفت المحامي لحود إلى أن "دياب يتذرع بمسألة الصلاحيات، ولكن له أن يحضر ويمثل أمام القاضي البيطار ويتمسّك بموقفه من خلال الدفوع الشكلية مستخدماً الوسائل القانونية المتاحة، بدل اعتماده أسلوب اطلاق النار على المحقق العدلي والقضاء عبر المنابر، خصوصاً أننا أمام قضية بمثابة جريمة العصر ولا يجوز التعاطي وكأن المثول أمام القضاء إهانة فهذا الأمر بحد ذاته خطير".
ويرى لحود أن "تنفيذ مذكرة الإحضار كانت عملياً، وليس من الناحية القانونية، صعبة قبل تشكيل حكومة جديدة، نسبةً إلى منصبه وأن القوى الأمنية تسلسلاً تابعة له كرئيس مجلس وزراء، وهنا يبقى السؤال، في حال لم يحضر دياب الجلسة أو يتقدم عبر وكلائه بدفوع شكلية، هل ستنفذ القوى الأمنية مذكرة الإحضار التي تعني جلبه قبل ليلة من الاستجواب وإبقائه موقوفاً في نظارة قصر العدل، حيث الجلسة، لحين موعدها ولا سيما بعدما أصبح دياب رئيس وزراء سابقاً؟ سنرى".
وبانتظار مطالعة النائب العام للدفوع التي تقدم بها فنيانوس وقرار المحقق العدلي بردّها أو قبولها، يؤكد لحود أننا كنقابة محامين قمنا بدورنا وقدمنا جوابنا على الدفوع الشكلية.
وينظر لحود بكل الثقة والاحترام للمنحى الذي يسير به المحقق العدلي فقد "أثبت جرأته ومهنيته على صعيد التحقيقات التي شملت مديرين عامين ورؤساء أجهزة أمنية ووزراء ورؤساء سابقين، ولم تنحصر بصغار الموظفين وذلك بغض النظر عن الاتهامات التي ستصدر لاحقاً".