لبنان: توتر وغضب في طرابلس بعد غرق زورق المهاجرين

24 ابريل 2022
تشهد مدينة طرابلس شمالي لبنان توترات أمنية على خلفية حادثة الزورق (Getty)
+ الخط -

شهدت مدينة طرابلس، شمالي لبنان، توترات أمنية على خلفية حادثة الزورق الذي غرق أمس السبت قبالة السواحل، وأسفر عن مصرع 6 منهم على الأقلّ في محصّلة غير نهائية، بعد إنقاذ 45 شخصاً، مع استمرار عملية البحث عن المفقودين، في ظل عدم توفر حصيلة رسمية بعدد المهاجرين على متن الزورق، الذين ينتمون لجنسيات مختلفة ومن ضمنهم لبنانيون.

وسُجّل إطلاق نار كثيف في شوارع المدينة وإقفال للطرقات ومواجهات بين عناصر الجيش اللبناني ومحتجين، من ضمنهم أهالي الضحايا الذين يتهمون الجيش بإغراق المركب قبالة ساحل طرابلس بعد اصطدام دورية تابعة له بالزورق مرتين به.

واستدعى الجيش اللبناني تعزيزات إلى المدينة للتهدئة والحؤول دون تفلّت الوضع، خصوصاً في ظلّ دعوات صدرت للتحرك في الشارع وصوب منازل السياسيين.

وعمد محتجون إلى تمزيق صور لبعض سياسيي المدينة ومرشحين للانتخابات النيابية (ستنعقد في 15 مايو/أيار المقبل)، متهمين إياهم بوقوفهم وراء "تجويع الناس وإفقارهم وإذلالهم، ودفعهم إلى تفضيل الهرب بطرقٍ غير شرعية والمخاطرة بحياتهم بدل البقاء في بلدٍ يحرمهم أبسط مقومات العيش".

وتبعاً لرواية الجيش اللبناني، فقد أعلن قائد القوات البحرية العقيد الركن هيثم ضناوي، في مؤتمر صحافي، أن المركب الذي غرق صناعة 1974 وصغير، طوله 10 أمتار وعرضه 3 أمتار والحمولة المسموح بها هي 10 أشخاص فقط، مشيراً إلى أنه "لم يكن هناك سترات إنقاذ ولا أطواق نجاة، وقد حاولنا أن نمنع المركب من الانطلاق، ولكنه كان أسرع منا".

ولفت قائد القوات البحرية إلى أن "حمولة المركب لم تكن تسمح له بأن يبتعد عن الشاطئ ولم يقتنعوا من عناصرنا الذين يعانون نفس معاناتهم، وقد اتخذ قائد المركب القرار بتنفيذ مناورات للهروب من الخافرة بشكل أدى إلى ارتطامه"، واضعاً الهجوم على الجيش في خانة الاستغلال السياسي والانتخابي.

وأشار ضناوي إلى أن "عدد الناجين بلغ 45 شخصاً، ولدينا 5 جثث بالإضافة إلى الطفلة التي توفيت أمس، ومن الممكن أن يكون هناك مفقودون نحاول معرفتهم".

وكان الجيش اللبناني أعلن، في أوّل بيانٍ له، أن "المركب تعرّض للغرق أثناء محاولة تهريب أشخاص بطريقة غير شرعية قبالة شاطئ القلمون – الشمال، وذلك نتيجة تسرّب المياه بسبب ارتفاع الموج وحمولة المركب الزائدة، وقد عملت القوات البحرية، بمؤازرة مروحيات تابعة للقوات الجوية وطائرة سيسنا، على سحب المركب وإنقاذ معظم من كان على متنه، حيث قدمت لهم الإسعافات الأولية ونقل المصابون منهم إلى مستشفيات المنطقة.

وأعلن الجيش أيضاً عن توقيف المواطن ر.م.أ للاشتباه بتورطه في عملية التهريب، وقد بوشرت التحقيقات بإشراف القضاء المختص. وفي السياق، اطّلع وزير الدفاع اللبناني موريس سليم من قائد الجيش العماد جوزيف عون على تفاصيل ما حصل والظروف التي رافقت غرق الزورق، إذ طلب الوزير سليم التحقيق في كل الملابسات وجلاء الحقيقة.

ويتخوف لبنانيون من طمس الحقيقة، كما حصل في حوادث كثيرة بقي الغموض يرافقها، في ظل غياب الثقة بالتحقيقات التي تجريها السلطات اللبنانية، وحتى أجهزتها العسكرية والأمنية التي تتهم بأنها تابعة للمنظومة التي بدورها تحرص على عرقلة كل تحقيق يجريه أي قاض مستقلّ، على غرار ما يحصل في تحقيقات انفجار مرفأ بيروت المتوقفة منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وتوالت مواقف السياسيين "المعزين" والمستنكرين ما حصل والمطالبين بإجراء تحقيق شفاف وعادل، الأمر الذي عرّضهم لجملة انتقادات من مواطنين يحمّلون الطبقة السياسية مسؤولية الانهيار الاقتصادي وتجويع وتفقير الناس، وحتى تفجيرهم في 4 أغسطس/ آب، كما اتهموهم باستغلال المأساة لأجندات سياسية وانتخابية والنأي بأنفسهم عن الأسباب التي دفعت بأشخاص إلى اختيار قوارب الموت، عدا عن اتهامهم بتعطيل وعرقلة كل تحقيق بأي قضية وطنية وحادثة أمنية سياسية بارزة.

وأعلن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الحداد الرسمي غداً الاثنين على ضحايا الزورق، على أن تنكس حداداً الأعلام المرفوعة على الإدارات والمؤسسات الرسمية والبلديات كافة.

وقال رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري إنه "عندما تصل الأمور بالمواطن اللبناني إلى اللجوء إلى قوارب الموت هرباً من جهنم الدولة، فهذا يعني أننا أصبحنا في دولة ساقطة، واليوم طرابلس تعلن بلسان ضحاياها هذا السقوط". وشدد الحريري على أن "الشهادات التي صرح بها ضحايا قارب الموت خطيرة ولن نقبل أن تدفن في بحر المدينة، والمطلوب تحقيق سريع يكشف الملابسات ويحدد المسؤوليات وخلاف ذلك لنا كلام آخر".

ويشهد لبنان منذ أواخر عام 2019 أزمة اقتصادية غير مسبوقة وانهياراً شاملاً، مع تسجيل ارتفاع في معدلات البطالة والفقر والجوع والهجرة بما فيها غير الشرعية عبر البحر، ولا سيما من الشمال إلى قبرص.

المساهمون